الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من مات أو عجَز وعليه حجّ:
من مات ولم يحج حجة الإِسلام، أو نذر أن يحجّ، أو عجَز لمرض أو شيخوخة؛ وجب على أبنائه الحجّ عنه، أو توكيل من يحجّ عنه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جُهينة جاءت إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: "إنّ أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحجّ عنها؟ قال: نعم؛ حُجّي عنها؛ أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قَاضِيَتَهُ؟! اقضوا الله؛ فالله أحقّ بالوفاء"(1).
وعنه رضي الله عنه قال: "جاءت امرأة من خَثْعَمٍ فقالت: يا رسول الله! إِنّ فريضة الله على عباده في الحجّ أدرَكت أبي شيخاَ كبيراً لا يثبت على الراحلة؛ أفأحجّ عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجّة الوداع"(2).
وجاء في "مجموع الفتاوى"(26/ 12): "وسُئل عن شيخ كبير وقد انحلت أعضاؤه، لا يستطيع أن يأكل أو يشرب، ولا يتحرك، هل يجوز أن يستأجر من يحج عنه الفرض؟
فأجاب: أمّا الحج؛ فإِذا لم يستطع الركوب على الدابة؛ فإِنه يستنيب من يحجّ عنه". انتهى.
واختلف العلماء هل يُحَجّ عنه سواءٌ أوصى أم لم يوصِ؟
فمنهم من رأى أنه يُحجّ عنه أوصى أو لم يوصِ.
(1) أخرجه البخاري: 1852.
(2)
أخرجه البخاري: 1513.
ومنهم من اشترط الوصيّة أو عدم القدرة.
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله عقب حديث الخثعمية: "وقد صحّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في هذا الباب غير حديث، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وبه يقول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق؛ يرون أن يحج عن الميت.
وقال مالك: إِذا أوصى أن يُحَجّ عنه حُجَّ عنه.
وقد رخص بعضهم أن يحج عن الحيّ، إِذا كان كبيراً، وبحال لا يقدر أن يحج، وهو قول ابن المبارك والشافعي" (1).
جاء في "المنتقى شرح موطأ مالك"(3/ 470): "والعبادات على ثلاثة أضرب:
عبادة مختصة بالمال كالزكاة، فلا خلاف في صحة النيابة فيها.
وعبادة مختصة بالجسد كالصوم والصلاة، فلا خلاف في أنه لا تصح النيابة فيها. ولا خلاف في ذلك نعلمه؛ إلَاّ ما يروى عن داود أنه قال: من مات وعليه صوم يصوم عنه وليه.
وعبادة لها تعلق بالبدن والمال كالجهاد والحج، فقد أطلق القاضي أبو محمد أنه تصح النيابة فيها.
وقد كره ذلك مالك رحمه الله قال: ولا يحج أحد عن أحد ولا يصلّي أحد عن أحد، ورأى أنّ الصدقة على الميت أفضل من استئجار من يحجّ عنه؛ إِلا أنه إِن أوصى بذلك نُفّذت وصيته.
(1) انظر "صحيح سنن الترمذي"(1/ 275).
وقال القاضي أبو الحسن: لا تصح النيابة، وإنما للميت المحجوج عنه نفقته إِن أوصى أن يستأجر من ماله على ذلك، وإن تطوع عنه بذلك أحد؛ فله أجر الدعاء وفضله؛ وهذا وجه انتفاع الميت بالحج".
وسألت شيخنا رحمه الله عن مطلق عمل الخير للوالدين؛ أو الصدقة
…
إِلى آخره؟
فأجاب بالجواز.
قلت: أيعتمر ويتصدّق ويعمل كلّ أعمال الخير؟
قال: نعم.
قلت: والحج؟
فقال رحمه الله: "إِذا أراد الابن أن يحجّ عن أحد والديه؛ فإِن كان يقصد حجّ الفريضة؛ فلا بُدّ من التفصيل، ولماذا لم يحجّ؟ فإِنْ كان معذوراً حجّ عنه، أمّا التطوع فلا تفصيل".
وسألت شيخنا رحمه الله مرّة أخرى عن الحجّ عمّن توفّي؟
فأجاب: "نريد أن نفهم من الذي طلب الحجّ عنه؟ هل هذا قبل الوفاة أم بعدها؟
ثمّ قال رحمه الله: لو أنّ المتوفّى كلّفه وأوصى بذلك؛ فله أن يحجّ، أمّا أن يكلّفه غير المكلّف فلا.
ويُنظر أيضاً إِلى السبب الذي من أجله لم يحجّ المتوفّى، فإِن شغلَته الدنيا ولم يكن له عُذر؛ فلا يُحجّ عنه؛ إِذ لا يُحجّ عنه إلَاّ في حالة العذر وعدم