الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيام والدعاء ورفع اليدين بعد الرمي أيام التشريق:
ويبدأ بالجمرة الأولى، وهي الأقرب إِلى مسجد الخيف، فإِذا فرَغ من رميها، تقدّم قليلاً عن يمينه، فيقوم مستقبلاً القبلة قياماً طويلاً، ويدعو ويرفع يديه.
ثمّ يأتي الجمرة الثانية، فيرميها كذلك، ثمّ يأخذ ذات الشمال، فيقوم مستقبلا القبلة قياماً طويلاً، ويدعو، ويرفع يديه.
عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنّه كان يرمي الجمرة الدُّنيا بسبع حصيات؛ يُكبّر على إِثر كلّ حصاة، ثمّ يتقدّم؛ حتى يُسهل (1) فيقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلاً، ويدعو ويرفع يديه، ثمّ يرمي الوسطى، ثمّ يأخذ ذت الشمال فيُسهل (2) ويقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلاً، ويدعو ويرفع يديه ويقوم طويلاً، ثمّ يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ثمّ ينصرف فيقول: هكذا رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يفعله"(3).
ثمّ يأتي الجمرة الثالثة -وهي جمرة العقبة- فيرميها كذلك، ويجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، ولا يقف عندها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا رمى جمرة العقبة؛ مضى ولم يقف"(4).
(1) أي: يقصد السهل من الأرض وهو المكان المصطحب الذي لا ارتفاع فيه. "فتح".
(2)
في بعض النُّسخ: فيستهلّ.
(3)
أخرجه البخاري: 1751.
(4)
أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2459)، وانظر "الصحيحة"(2073).
ثمّ يرمي اليوم الثاني، واليوم الثالث كذلك.
وإن انصرف بعد رميه في اليوم الثاني، ولم يبت للرمي في اليوم الثالث جاز؛ لقوله تعالى:{واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إِثم عليه ومن تأخر فلا إِثم عليه لمن اتقى} (1)، لكن التأخر للرمي أفضل؛ لأنّه السُّنّة (2).
والسّنّة الترتيب بين المناسك المتقدّمة: الرمي، فالذبح أو النحر، فالحلق، فطواف الإِفاضة، فالسعي للمتمتع؛ لكن إِنْ قدّم شيئاً منها أو أخَّر جاز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا حرج، لا حرج".
عن عبد الله بن عمر: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع؛ فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج. فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: ارمِ ولا حرج. فما سُئل
(1) البقرة: 203.
(2)
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: "فإِذا غربت الشمس وهو بمنى؛ أقام حتى يرمي مع الناس في اليوم الثالث".
قال شيخنا رحمه الله: وعليه جماهير العلماء، خلافاً لما ذهب إِليه ابن حزم في "المحلى" (7/ 185)! واستدل لهم النووي بمفهوم قوله تعالى:{فمن تعجل في يومين فلا إِثم عليه} فقال في "المجموع"(8/ 283): "واليوم اسم للنهار دون الليل"؛ وبما ثبت عن عمر وابنه عبد الله قالا: من أدركه المساء في اليوم الثاني بمنى؛ فليقم إِلى الغد حتى ينفر مع الناس. ولفظ "الموطإِ" عن ابن عمر: لا ينفرون حتى يرمي الجمار من الغد". وأخرجه عن مالك الإِمام محمد في "موطَّئه" (ص 233 - "التعليق الممجد") وقال: "وبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة والعامة".
يومئذ عن شيء قُدّم ولا أخّر إِلا قال: افعل ولا حرج" (1).
وفي رواية له: "قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم -وأتاه رجل يوم النحر، وهو واقف عند الجمرة- فقال: يا رسول الله! إِني حلقت قبل أن أرمي؟ فقال: ارمِ ولا حرج. وأتاه آخر فقال: إِني ذبحت قبل أن أرمي؟ قال: ارمِ ولا حرج. وأتاه آخر فقال: إِني أفضت إِلى البيت قبل أن أرمي؟ قال: ارمِ ولا حرج، قال: فما رأيته سُئل يومئذٍ عن شيء؟ إلَاّ قال: افعلوا ولا حرج"(2).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح، والحلق، والرمّي، والتقديم، والتأخير؟ فقال: لا حرج"(3).
ويجوز للمعذور في الرمي ما يأتي:
1 -
أن لا يبيت في منى؛ لحديث ابن عمر: "استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته؛ فأَذِن له"(4).
2 -
وأن يجمع رمي يومين في يوم واحد؛ لحديث عاصم بن عدي قال: "رخّص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإِبل في البيتوتة: أن يرموا يوم النحر، ثمّ يجمعوا رمي يومين بعد النحر، فيرمونه في أحدهما"(5).
(1) أخرجه البخاري: 1736، ومسلم: 1306، وتقدّم.
(2)
أخرجه مسلم: 1306، وتقدّم.
(3)
أخرجه مسلم: 1307.
(4)
أخرجه البخاري: 1745، ومسلم:1315.
(5)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1975)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(763)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(2874)، وابن ماجه "صحيح =
3 -
وأن يرميَ في الليل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "الراعي يرمي بالليل، ويرعى بالنهار"(1).
ويشرع له أن يزور الكعبة، ويطوف بها كل ليلة من ليالي منى؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعَل ذلك (2).
ويجب على الحاج في أيام منى أن يحافظ على الصلوات الخمس مع الجماعة، والأفضل أن يصلّي في مسجد الخَيف إِنْ تيسّر له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"صلّى في مسجد الخَيف سبعون نبيّاً"(3).
فإِذا فرَغَ من الرمي في اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق؛ فقد انتهى من مناسك الحج، فينفر إِلى مكة، ويقيم فيها ما كتب الله له، وليحرص على أداء الصلاة جماعة، ولا سيما في المسجد الحرام؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه؛ إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه"(4).
= سنن ابن ماجه" (2463)، وهو مخرج في "الإِرواء" (1080).
(1)
حديث حسن؛ أخرجه البزار، والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس، وحسن إِسناده الحافظ، وله شواهد خرّجها شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(2477).
(2)
علقه البخاري (287 - "مختصر البخاري")، ووصله جمع ذكرهم شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(804).
(3)
أخرجه الطبراني، والضياء المقدسي في "المختارة" وحسّن إِسناده المنذري، وانظر "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد"(ص 106 - 107 - الطبعة الثانية- المكتب الإِسلامي).
(4)
أخرجه أحمد وغيره من حديث جابر مرفوعاً بإِسناد صحيح، وصححه جمع =