الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثمّ نزل إِلى المروة .. حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصّفا" (1).
ما يقوله الساعي بين الصفا والمروة:
يسنّ للساعي بين الصفا والمروة أن يدعو الله سبحانه وتعالى ويذكره ويستغفره، ويقرأ القرآن الكريم.
ويحرص في سعيه -كما يحرص في طوافه- على جوامع الدعاء، والمأثور عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسلف الأُمّة.
كما يحرص على التفقّه في آداب الدعاء؛ حتى لا يقع في المخالفات الشرعية.
ولا بأس أن يدعو بما ثبت عن جمع من السلف، فيقول:"ربّ اغفر وارحم، إِنّك أنت الأعز الأكرم"(2).
الموالاة في السعي:
لا بُدّ من الموالاة في السعي؛ إِلا لعُذر أو استراحة ونحو ذلك.
وما قيل في الموالاة في الطواف عند البيت؛ يقال في الطواف بين الصفا والمروة، والله -تعالى- أعلم.
وسألت شيخنا رحمه الله عن ذلك!
(1) أخرجه مسلم: 1218.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم بإِسنادين صحيحين، وانظر "مناسك الحج والعمرة"(ص 27) وتقدّم.
فقال: "تجب الموالاة إلَاّ لعذر"(1).
فإِذا دنا من الصفا؟ قرأ قوله تعالى: {إِنّ الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جُناح عليه أن يطوّف بهما ومن تطوع خيراً فإِنّ الله شاكر عليم} ويقول: نبدأ بما بدأ الله به".
ثمّ يبدأ بالصفا فيرتقي عليه حتى يرى الكعبة (2)، فيستقبل الكعبة، فيوحد الله ويكبره فيقول: الله أكبر؛ الله أكبر؛ الله أكبر، (ثلاثاً).
لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كلّ شيء قدير.
لا إِله إلَاّ الله وحده لا شريك له، أنجَز وعدَه، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، يقول ذلك ثلاث مرات.
ويدعو بين ذلك.
ثمّ ينزل ليسعى بين الصفا والمروة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اسعوا؛ فإِن الله كتَب عليكم السعي"(3). فيمشي إِلى العلم (الموضوع) عن اليمين واليسار،
(1) وما قاله شيخنا يشبه ما قاله شيخ الإِسلام -رحمهما الله تعالى- في وجوب الموالاة في الوضوء؛ فإِنه رحمه الله أوجبها إِلا من عُذر، وتقدّم في "كتاب الوضوء".
(2)
ليس من السهل الآن رؤية البيت إِلا في بعض الأماكن من الصفا؛ فإِنه يراه من خلال الأعمدة التي بني عليها الطابق الثاني من المسجد، فمن تيسر له ذلك فقد أصاب السنّة؛ وإلا فليجتهد ولا حرج.
(3)
وهو حديث صحيح، مخرّج في "الإِرواء"(1072).
وهو المعروف بالميل الأخضر، ثمّ يسعى منه سعياً شديداً (1) إِلى العلم الآخر الذي بعده، وكان في عهده صلى الله عليه وسلم وادياً أبطح فيه دِقاق الحصا". وتقدّم الحديث في ذلك.
ثمّ يمشي صُعُداً حتى يأتي المروة فيرتقي عليها، ويصنع فيها ما صَنع على
(1) فائدة: جاء في "المغني" لابن قدامة المقدسي (3/ 394) ما نصه: "وطواف النساء وسعيهن مشي كلّه، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء حول البيت، ولا بين الصفا والمروة، وليس عليهن اضطباع، وذلك لأن الأصل فيه إِظهار الجلد، ولا يقصد ذلك في حقّ النّساء؛ لأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل والاضطباع تعرُّضٌ للكشف".
وفي "المجموع" للنووي (8/ 75) ما يدل على أنّ المسألة خلافية عند الشافعية؛ فقد قال: "إِنّ فيها وجهين:
الأول -وهو الصحيح، وبه قطع الجمهور-: أنها لا تسعى؛ بل تمشي جميع السافة ليلاً ونهاراً.
والوجه الئاني: أنها إِن سعت في الليل حال خلو المسعى؛ استحب لها السعي في موضع السعي كالرجل".
قلت [أي: شيخنا -رحمه الله تعالى-]: ولعل هذا هو الأقرب؛ فإِن أصل مشروعية السعي إِنما هو سعي هاجر أم إِسماعيل تستغيث لابنها العطشان، كما في حديث ابن عباس:"فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا حتى إِذا بلغت الوادي؛ رفعت درعها ثمّ سعت سعي الإِنسان المجهود، حتى إِذا جاوزت الوادي، ثمّ أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "فذلك سعي الناس بينهما". أخرجه البخاري في (كتاب الأنبياء).