الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التوجه إِلى منى
(1):
يتوجه الحاج إِلى منى يوم التروية (2) ويصلّي فيها الظهر ويبيت فيها حتى يصلّي سائر الصلوات الخمس قصراً دون جمع.
فإِنْ كانْ الحاجّ قارناً أو مفرداً؛ توجه إِليها بإِحرامه، وإن كان متمتعاً؛ أحرم بالحجّ، وفعل كما فعل عند الميقات.
والسُّنّة أن يحرم من الموضع الذى هو فيه، حتى أهْل مكّة يحرمون من مكة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة
…
فمن كان دون ذلك فمِن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة" (3).
ويُكْثِرُ الحاج من الدعاء والتلبية عند التوجُّه إِلى منى، ولا يخرج منها حتى تطلع شمس يوم التاسع؛ اقتداءً بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم.
الانطلاق إِلى عرفة:
فإِذا طلعت شمس يوم عرفة؛ انطلق إِلى عرفة، وهو يُلبّي أو يُكبّر، كلَّ ذلك فعَل أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهم معه في حَجّته، يُلبّي الملبّي فلا يُنكر عليه،
(1) عن "فقه السّنّة"(1/ 716) بتصرّف.
(2)
سُمّي به لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء لما بَعْدَه؛ أي: يَسقُون ويَسْتقون. "النهاية".
(3)
أخرجه البخاري: 1530، ومسلم:1181.
ويكبر المكبر فلا يُنكر عليه.
فعن محمد بن أبي بكر الثقفي: أنه سأل أنس بن مالك -وهما غاديان من منى إِلى عرفة-: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان يُهلُّ منّا المُهلّ؛ فلا ينكر عليه، ويكبّرمنا المكبّر؛ فلا ينكر عليه" (1).
ثمّ ينزل في نَمِرَةَ (2)، وهو مكان قريب من عرفات، وليس منها، ويظلّ بها إِلى ما قبل الزوال.
فإِذا زالت الشمس؛ رحل إِلى عُرنة ونزل فيها، وهي قبيل عرفة، وفيها يخطب الإِمام الناس خطبة تناسب المقام.
ثمّ يصلّي بالناس الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر.
عن ابن شهاب قال: "أخبرني سالم: أنّ الحجاج بن يوسف -عام نزل بابن الزبير رضي الله عنهما سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كيف تصنع في الموقف يوم عرفة؟ فقال سالم: إِن كنت تُريد السُّنّة فهجّر بالصلاة يوم عرفة، فقال عبد الله بن عمر: صدق، إِنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السُّنّة.
(1) أخرجه البخاري: 1659، ومسلم:1285.
(2)
هذا النزول والذى بعده قد يتعذر اليوم تحقيقه لشدة الزحام، فإِذا جاوزهما إِلى عرفة؛ فلا حرج إِن شاء الله. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (26/ 168):"وأمّا ما تضمّنته سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم المقام بمنى يوم التروية، والمبيت بها الليلة التي قبل يوم عرفة، ثمّ المقام بـ "عُرَنة" -التي بين المشعر الحرام وعرفة- إِلى الزوال، والذهاب منها إِلى عرفة، والخطبة والصلاتين في أثناء الطريق ببطن عرنة؛ فهذا كالمُجمع عليه بين الفقهاء، وإن كان كثير من المصنّفين لا يميزه، وأكثر الناس لا يعرفه لغلبة العادات المُحدثة".