الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُكثر من الطواف والصلاة في أي وقت شاء من ليل أو نهار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الركنين الأسود واليماني: "مَسْحُهما يحطّ الخطايا، ومن طاف بالبيت؛ لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً؛ إِلا كتَب الله له حسنة، وحطّ عنه خطيئة، وكتَب له درجة، ومن أحصى أسبوعاً؛ كان له كعتق رقبة"(1). وقوله: يا بني عبد مناف! لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة من ليل أو نهار" (2).
طواف الوداع
سمّي بهذا الاسم؛ لأنّه لتوديع البيت، وهو طواف لا رمل فيه؛ وهو آخر ما يفعله الحاج -غير المكي- عند إِرادة السفر من مكة.
أمّا المكي فإِنّه لا يشرع في حقّه. وأمّا الحائض؛ فإِنه يرخّص لها تركه، ولا يلزم بتركها له شيء (3).
حُكمه:
وهو واجب؛ لأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك، كما في الحديث المتقدّم:"أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت".
= ذكرهم شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(1129).
(1)
أخرجه الترمذي وغيره، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم وغيرهم، وانظر "صحيح الترغيب والترهيب"(1139).
(2)
رواه أصحاب "السنن" وغيرهم، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي، وهو مخرج في "الإِرواء"(481).
(3)
"فقه السّنّة"(1/ 752) -بتصرّف-.
وكذلك نهي النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن ينفر أحد من غير طواف، وقوله: "لا يَنْفرنّ
…
".
وقوله صلى الله عليه وسلم المتقدّم: "رُخّص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف
…
". ولو كان الطواف مستحبّاً؛ لما كان ثمّة فائدة من هذه الرُّخصة.
وكذلك قوله: "أحابستنا هي"؛ لأنّ التطوّع لا يَحبِس أحداً.
فإِذا انتهى من قضاء حوائجه، وعزَم على الرحيل؛ فعليه أن يُودّع البيت بالطواف؛ لحديث ابن عباس قال:"كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينفرنّ أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت" (1).
وكانت المرأة الحائض قد أُمِرت أن تنتظر حتى تطهر لتطوف طواف الوداع (2)، ثمّ رخص لها أن تنفر ولا تنتظر؛ لحديث ابن عباس أيضاً:"أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف، إِذا كانت قد طافت طواف الإِفاضة"(3).
وفي لفظ: "أمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت؛ إلَاّ أنه خُفّف عن الحائض"(4).
(1) أخرجه مسلم: 1327 وغيره، والبخاري نحوه:1755.
(2)
ثبت هذا في حديث الحارث بن عبد الله بن أوس عند أحمد وغيره، وهو مخرج في "صحيح سنن أبي داود"(1748).
(3)
أخرجه أحمد بإِسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه بنحوه، كما هو مبين في "الإِرواء"(1086)[سيأتي عقب هذا الحديث -إِن شاء الله تعالى-]، وله شاهد من حديث عائشة عندهما، وهو مخرّج في "صحيح سنن أبي داود"(1748).
(4)
أخرجه البخاري: 1755، ومسلم:1328.
وعن عائشة رضي الله عنها: "أنّ صفية بنت حُيَيٍّ زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم حاضت، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "أحابستنا هي؟! قالوا: إِنها قد أفاضت؟ قال: فلا إِذاً" (1).
وله أن يحمل معه من ماء زمزم ما تيسر له؛ تبركاً به؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمله معه في الأدَواى (2) والقِرَب، وكان يصبّ على المرضى ويسقيهم (3).
بل إِنّه كان يرسل وهو بالمدينة -قبل أن تفتح مكة- إِلى سهيل بن عمرو؛ أن: أهدِ لنا من ماء زمزم، ولا تترك؛ فيبعث إِليه بمزادتين (4) " (5).
فإِذا انتهى من الطواف؛ خرج كما يخرج الناس من المساجد؛ فلا يمشي القهقرى، ويخرج مقدماً رجله اليسرى (6) قائلاً: اللهم! صلِّ على محمّد وسلّم، اللهمّ! إِني أسألك من فضلك".
(1) أخرجه البخاري: 1757، ومسلم:1211.
(2)
الأداوى: جمع الإِداوة: إِناء صغير من جلد؛ يتخذ للماء. "النهاية" بحذف.
(3)
أخرجه البخاري في "التاريخ"، والترمذي -وحسنّه- من حديث عائشة رضي الله عنها وهو مخرج في "الصحيحة"(883).
(4)
المزادَة: وعاء يحمل فيه الماء في السفر؛ كالقربة ونحوها، جمعها مَزاد". "الوسيط".
(5)
أخرجه البيهقي بإِسناد جيد عن جابر رضي الله عنه وله شاهد مرسل صحيح في "مصنف عبد الرزاق"، وذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله أن السلف كانوا يحملونه.
(6)
تقدّم.