الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويلاً (1)، ولا نشق جيباً، ولا ننشر شعراً (2) " (3).
6 -
الإِعلان عن موته على رؤوس المنائر ونحوها، لأنّه من النعي (4)، وقد ثبت عن حذيفة بن اليمان أنّه قال:"إِذا متُّ فلا تُؤْذِنوا (5) بي أحداً؛ فإِنّي أخاف أن يكون نعياً، وإِنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي"(6).
النعي الجائز
النعي -لغةً-: هو الإِخبار بموت الميت؛ وقد دلّ حديث حذيفة رضي الله عنه السابق على أنّ النهي يشمل كلّ إِخبار، ولكن قد جاءت أحاديثُ صحيحة تدّل على جواز نوعٍ من الإِخبار.
فيجوز إعلان الوفاة إِذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية، وقد يجب ذلك إِذا لم يكُن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو
(1) هو أن يقول عند المصيبة: يا ويلاه.
(2)
أي: ولا نفرّق شعراً، يُقال: نشر الراعي غنمه؛ أي: بثّها بعد أن آواها. "عون"(8/ 281).
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2685)، ومن طريقه البيهقي بسند صحيح.
(4)
سيأتي بيانه -إِن شاء الله تعالى-.
(5)
أي: تُعلِموا.
(6)
أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي"(786) وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1203).
ذلك، وفيه أحاديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، فخرج إِلى المصلّى؛ فصفَّ بهم وكبّر أربعاً"(1).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النّبي صلى الله عليه وسلم: "أخذ الراية زيد فأصيب، ثمّ أخذها جعفر فأصيب، ثمّ أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب -وإنّ عَيْنَي رسول الله صلى الله عليه وسلم لَتَذْرِفانِ- ثمّ أخذها خالد بن الوليد من غير إِمرة ففُتح له"(2).
قال شيخنا رحمه الله (ص 45 - 46): "أخرجه البخاري وترجم له والذي قبله بقوله: "باب الرجل ينعى إِلى أهل الميت بنفسه". وقال الحافظ: "وفائدة هذه الترجمة: الإِشارة إِلى أنّ النعي ليس ممنوعاً كلُّه، وإنّما نهى عمّا كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون مَنْ يُعلن بخبر موت الميت على أبواب الدُّور والأسواق
…
"
…
" انتهى.
جاء في "السيل الجرار"(1/ 338): "وأمّا الإِيذان بموت الميت؛ فقد ثبت في كتب اللغة أن النعي هو الإِخبار بموت الميت وإِذاعته، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم في "الصحيحين" وغيرهما: "أنه قال لما رأى قبراً دفن ليلاً فقال: "متى دفن هذا؟ فقالوا: البارحة. قال: أفلا آذنتموني"(3).
(1) أخرجه البخاري: 1245، ومسلم:951.
(2)
أخرجه البخاري: 1246.
(3)
سيأتي تخريجه -إِنْ شاء الله تعالى-.
وثبت في "الصحيح" أنه قال ذلك لما أخبروه بموت السوداء -أو الأسود- الذي كان يقُمّ المسجد (1).
فدل على أن مجرد الإِخبار بموت الميت -من دون إِذاعة ولا تفجُّع- جائز؛ لأنّه قد ورد ما يدلّ على أنّ في كثرة المصلين عليه منفعة له، وأنهم شفعاؤه، وأيضاً لا بد من حضور من يتولى تجهيزه وحمله ودفنه، فإِخبارهم بذلك مما تدعو إِليه الحاجة وتقتضيه الضرورة.
وأمّا ما ذكَره من توابع النّعي؛ فهي ما ورد النهي عنه مِن ضرْب الخدود، وشقِّ الجيوب، والدعاء بدعوة الجاهلية؛ كما في "الصحيحين" وغيرهما".
ويستحب للمخبر أن يطلب من النّاس أن يستغفروا للميت؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأُمراء فقال: عليكم زيد بن حارثة؛ فإِنْ أصيب زيدٌ فجعفر بن أبي طالب؛ فإِن أصيب جعفرٌ فعبد الله بن رواحة الأنصاري.
فوثب جعفر فقال: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله! ما كنت أرهب أن تستعمل عليّ زيداً، قال: امضهْ فإِنّك؛ لا تدْري أيُّ ذلك خير.
فانطلقوا، فلبثوا ما شاء الله، ثمّ إِنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، وأمر أن ينادى (الصلاة جامعة)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناب خير، أو بات خير -أو ثاب خير؛ شك عبد الرحمن (يعني: ابن مهدي) -! ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي؟ إِنهم انطلقوا فلقوا العدو، فأصيب زيد شهيداً، فاستغفِروا له - فاستغفر له الناس- ثمّ أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب، فشد على القوم حتى
(1) سيأتي تخريجه -إنْ شاء الله تعالى-.
قتل شهيداً، أَشْهَدُ له بالشهادة، فاستغفَروا له، ثمّ أخذ اللواء عبد الله بن رواحة، فأثبت قدميه حتى قُتل شهيداً، فاستغفروا له، ثمّ أخذ اللواء خالد بن الوليد؛ ولم يكن من الأمراء، هو أمّر نفسه، ثمّ رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه فقال: اللهم هو سيف من سيوفك، فانصره؛ فمن يومئذٍ سمّي خالد سيف الله، ثمّ قال: انفروا فأمدُّوا إِخوانكم، ولا يتخلفنّ أحدٌ؛ فنفر الناس في حرّ شديد مُشاة وركباناً" (1).
ما جاء في الإِحداد (2) على الميت:
الإِحداد: هو الحُزن على الميت، وترْك الزينة والطيب.
يجوز للمرأة أن تحدّ على قريبها ثلاثة أيام، ويحرم عليها الإِحداد فوق ذلك. أمّا الزوج؛ فيحلّ لها أن تحدّ عليه أربعة أشهر وعشراً.
فعن أم عطية أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تُحدّ امرأة على ميت فوق ثلاث؛ إِلا على زوج؛ أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً؛ إِلا ثوب عَصْب (3)، ولا تكتحل، ولا تمس طيباً؛ إِلا إِذا طهرت نُبذة (4) من قُسْط (5) أو
(1) أخرجه أحمد وإسناده حسن.
(2)
قال النووي: "الإِحداد والحداد: مشتق من الحد؛ وهو المنع؛ لأنها تمتنع الزينة والطيب".
(3)
العَصْب -بعين مفتوحة ثمّ صاد ساكنة مهملتين-: هو برود اليمن، يُعْصَبُ غزْلها ثمّ يُصبَغ معصوباً، ثمّ تنسج. ومعنى الحديث: النهي عن جميع الثياب المصبوغة للزينة؛ إِلا ثوب العصب. "شرح النووي".
(4)
النُّبذة: القطعة والشيء اليسير. "شرح النووي" أيضاً.
(5)
القُسط: ضرْبٌ من الطّيب، وقيل هو العود، والقُسط: عقار معروف في =