الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فكُفِّنَ الرجل والرجلان والثلاثة في الثوب الواحد، ثمّ يدفنون في قبر واحد.
قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنهم أيُّهم أكثر قرآناً، فيقدمه إِلى القبل.
قال: فدفنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليهم" (1).
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: "معنى الحديث أنّه كان يقسم الثوب الواحد بين الجماعة، فيكفّن كل واحد ببعضه للضرورة، وإِن لم يستر إلَاّ بعض بدنه، يدلُّ عليه تمام الحديث: أنّه كان يسأل عن أكثرهم قرآناً فيُقدّمه في اللحد، فلو أنّهم في ثوب واحد جُملة؛ لسأل عن أفضلهم قبل ذلك؛ كي لا يؤدّي إِلى نقض التكفين وإعادته".
ذكره في "عون المعبود"(3/ 165). قال شيخنا رحمه الله: "وهذا التفسير هو الصواب. وأما قول من فسّره على ظاهره؛ فخطأ مخالف لسياق القصة كما بيّنه ابن تيمية! وأبعد منه عن الصواب من قال: معنى: (ثوب واحد) قبرٌ واحد! لأنّ هذا منصوص عليه في الحديث؛ فلا معنى لإِعادته".
يدفن الشهيد في ثيابه التي قُتل فيها:
ولا يجوز نزْع ثياب الشهيد التي قُتل فيها، بل يُدْفن وهي عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في قتلى أُحد:"زمِّلوهم في ثيابهم"(2).
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2689)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(811) وغيرهما.
(2)
أخرجه أحمد، وانظر "أحكام الجنائز"(ص 80).
وفي رواية: "زمّلوهم بدمائهم"(1).
ويُستحبُّ تكفينه بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصعب بن عمير وحمزة بن عبد المطلب كما تقدّم.
وكذلك ما ثبت عن شدّاد بن الهاد: أن رجلاً من الأعراب جاء إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فآمن به واتّبعه، ثمّ قال: أُهاجِر معك، فأوصَى به النّبيّ صلى الله عليه وسلم، بعض أصحابه، فلمّا كانت غزوة [خَيْبَر] غنم النّبيّ صلى الله عليه وسلم شيئاً؛ فقسم وقَسَم له، فأعطى أصحابه ما قَسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلمّا جاء دفعوه إِليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قِسم قَسَمه لك النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
فأخذه فجاء به إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال: قَسَمتُه لك، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أنْ أُرمى إِلى هاهُنا، وأشار إِلى حلقه بسهم فأموت، فأدخُل الجنة! فقال: إِنْ تصدُق الله يصدُقْك.
فلبثوا قليلاً، ثمّ نهضوا في قتال العدو، فأتي به النّبيُّ صلى الله عليه وسلم، يُحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أَهُوَ هُو؟! قالوا: نعم! قال: صَدَقَ الله فصدقه ثمّ كفَّنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، في جبَّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ قدّمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: اللهمّ هذا عبْدك، خرج مُهاجراً في سبيلك، فقتل شهيداً، أنا شهيدٌ على ذلك" (2).
(1) أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي"(1892).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(1845) وغيرهما.