الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التوقِّي من العدوى:
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطاعون رِجْز -أو عذاب أرسل على بني إِسرائيل- أو على من كان قبلكم - فإِذا سمعتم به بأرض؛ فلا تَقْدَموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها؛ فلا تخرجوا فراراً منه"(1).
وعن الشَّريد بن سُوَيْد، قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم (2)، فأرسل إِليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إنا قد بايعناك فارجع" (3).
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُوردوا المُمْرضَ (4) على المُصِحّ"(5).
قال شيخنا رحمه الله في "الصحيحة" -تحت الحديث (971) -: "واعلم أنه لا تعارض بين هذين الحديثين وبين أحاديث: "لا عدوى
…
" (6) المتقدّمة
(1) أخرجه البخاري: 5728 ومسلم: 2218، واللفظ له.
(2)
أي: مصاب بالجذام، وهو علّة تتأكل منها الأعضاء وتتساقط، وانظر "الوسيط".
(3)
أخرجه مسلم: 2231.
(4)
قال النووي رحمه الله (14/ 217): "قال العلماء: المُمْرِضُ: صاحب الإِبل المِرَاض، والمُصِحُّ: صاحب الإِبل الصحاح، فمعنى الحديث: لا يورد صاحب الإِبل المراض إِبله على إِبل صاحب الإِبل الصحاح؛ لأنّه ربما أصابها المرض بفعل الله -تعالى- وقدَره الذي أجرى به العادة، لا بطبعها؛ فيحصل لصاحبها ضرر بمرضها، وربما حصل له ضرر أعظم من ذلك؛ باعتقاد العدوى بطبعها؛ فيكفر؛ والله أعلم".
(5)
أخرجه البخاري: 5774، ومسلم:2221.
(6)
إِشارة إِلى قوله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طِيَرة" أخرجه البخاري: 5272، ومسلم:2223.
برقم (781 - 789)؛ لأنّ المقصود بهما إِثبات العدوى، وأنها تنتقل بإِذن الله - تعالى- من المريض إِلى السليم، والمراد بتلك الأحاديث نفي العدوى التي كان أهل الجاهلية يعتقدونها، وهي انتقالها بنفسها دون النظر إِلى مشيئة الله في ذلك؛ كما يرشد إِليه قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي:"فمن أعدى الأول؟ "(1)
فقد لفَت النّبيّ صلى الله عليه وسلم نظر الأعرابي بهذا القول الكريم إِلى المسبِّب الأول؛ ألا وهو الله عز وجل ولم ينكر عليه قوله: "ما بال الإِبل تكون في الرّمل كأنها الظباء، فيخالطها الأجرب فيجربها"؟! بل إِنه صلى الله عليه وسلم أقره على هذا الذي كان يشاهده، وإنما أنكر عليه وقوفه عند هذا الظاهر فقط بقوله له:"فمن أعدى الأوّل؟! ".
وجملة القول: أنّ الحديثين يثبتان العدوى، وهي ثابتة تجربةً ومشاهدةً،
(1) والحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إِنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا صَفَر ولا هامة"، فقال أعرابي: يا رسول الله! فما بال إِبلي تكون في الرَّمل؛ كأنها الظِّباء، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فقال: فمن أعدى الأول؟! " أخرجه البخاري: 5717، ومسلم:2220.
والطِّيَرة: التشاؤُم بالشيء؛ وانظر تفصيل الشرح -إِن شئت- في كتابي "شرح صحيح الأدب المفرد"(3/ 39)، وجاء في "النهاية" في شرح كلمة صَفَر:
"كانت العرب تزعم أن في البطن حيّة يقال لها: الصَّفر، تصيب الإِنسان إِذا جاع وتؤذيه، وأنها تُعدي، فأبطل الإِسلام ذلك. وقيل: أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، وهو تأخير المحرَّم إِلى صَفَر، ويجعلون صَفر هو الشهر الحرام، فأبطله".
والهامة: الرأس، واسم طائر، وهو المراد في الحديث، وذلك أنّهم كانوا يتشاءمون بها، وهي من طير الليل. "النهاية" أيضاً.