الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب: "نحن مع النصوص"؛ يشير رحمه الله إِلى عدم الجواز؛ لمنافاة الإِسراع الذي أَمَر به النّبيّ صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
ما يحرم عند القبور
ويحرم عند القبور ما يأتي:
1 -
الذبح والنّحر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا عَقْرَ في الإِسلام".
قال عبد الرزّاق بن همام: "كانوا يَعْقِرون (1) عند القبر بقرة أو شاة"(2).
قال شيخنا رحمه الله: "قال النووي في "المجموع" (5/ 320): "وأمّا الذبح والعقر عند القبر؛ فمذموم؛ لحديث أنس هذا، رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح".
قلت [أي: شيخنا رحمه الله]: "وهذا إِذا كان الذبح هناك لله -تعالى- وأمّا إِذا كان لصاحب القبر -كما يفعله بعض الجهال- فهو شرك صريح (3)، وأكله حرام وفسق
…
".
2 -
رفْعها زيادة على التراب الخارج منها.
(1) أي: ينحرونها ويقولون: إِنّ صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته، فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته، وأصل العقر: ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم". "النهاية".
(2)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2759) وغيره.
(3)
وهذا نقض الإِرجاء البدعي، وردٌّ على من يقول: إِن العمل بذاته لا يكون كُفراً، ولكنّه دالٌّ على الكفر!!
قال شيخنا رحمه الله (ص 261): " .. [قال] ابن حزم في "المحلَّى" (5/ 33): "ولا يحلُّ أن يُبنى القبر، ولا أن يُجصّص، ولا أن يُزادَ على ترابه شيء، ويُهدمُ كلُّ ذلك".
وقال الإِمام محمد في "الآثار"(ص 45): "أخبرنا أبو حنيفة عن حمّاد عن إِبراهيم قال: كان يُقال: ارفعوا القبر حتى يُعرف أنه قبر فلا يُوطأ.
قال محمد: وبه نأخذ، ولا نرى أن يزاد على ما خرج منه، ونكره أن يُجصّص، أو يُطيّن، أو يجعل عنده مسجداً أو علَماً، أو يكتب عليه، ويكره الآجُرُّ أن يبنى به، أو يدخله القبر، ولا نرى برش الماء عليه بأساً، وهو قول أبي حنيفة".
قال شيخنا رحمه الله بتصرّف: "ويدّل الحديث بمفهومه على جواز رفع القبر بقدْر ما يساعد عليه التراب الخارج منه، وذلك يكون نحو شبر.
ولعلّ النهي عن التجصيص -المراد الطلي به- من أجل أنه نوع زينة؛ كما قال بعض المتقدمين، وعليه فما حُكم تطيين القبر؟ ".
للعلماء فيه قولان: الأول: الكراهة. والآخر: أنّه لا بأس به.
قال شيخنا رحمه الله (ص 262): "ولعلّ الصواب التفصيل على نحو ما يأتي: إِن كان المقصود من التطيّين المحافظة على القبر وبقائه مرفوعاً قدر ما سَمحَ به الشرع، وأنْ لا تنسفه الرياح ولا تبعثره الأمطار؛ فهو جائز بدون شكّ لأنّه يحقّق غاية مشروعة، ولعلّ هذا هو وجه من قال من الحنابلة: إِنه يُستحبُّ، وإن كان المقصود الزينة ونحوها ممّا لا فائدة فيه؛ فلا يجوز؛ لأنّه مُحدَث.
3 -
طَلْيُها بالكلس ونحوه.
4 -
الكتابة عليها.
قال شيخنا رحمه الله: "وأمّا الكتابة، فظاهر الحديث تحريمها، وهو ظاهر كلام الإِمام محمد، وصرّح الشافعية والحنابلة بالكراهة فقط!
وقال النووي (5/ 298): "قال أصحابنا: وسواءٌ كان المكتوب على القبر في لوح عند رأسه -كما جرت عادة بعض الناس- أم في غيره؛ فكلّه مكروه؛ لعموم الحديث".
واستثنى بعض العلماء كتابة اسم الميت لا على وجه الزخرفة، بل للتعرف؛ قياساً على وضع النّبيّ صلى الله عليه وسلم الحجر على قبر عثمان بن مظعون كما تقدّم.
والذي أراه (1) -والله أعلم-: أنّ القول بصحة هذا القياس على إِطلاقه بعيد، والصواب تقييده بما إِذا كان الحجر لا يُحقّق الغاية التي من أجلها وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر، ألا وهي التعرّف عليه، وذلك بسبب كثرة القبور مثلاً، وكثرة الأحجار المُعرّفة؛ فحينئذ يجوز كتابة الاسم بقدر ما تتحقق به الغاية المذكورة".
5 -
البناء عليها.
6 -
القعود عليها.
وفي ذلك أحاديث:
الأول: عن جابر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
(1) الكلام لشيخنا -رحمه الله تعالى-.
يُجصّص (1) القبر، وأنْ يُقْعَدَ عليه، وأن يُبْنَى عليه، [أو يُزَاد عليه]، [أو يُكْتَبَ عليه] " (2).
الثاني: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر"(3).
الثالث: عن أبي الهيّاج الأسَدي قال: "قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! أن لا تدع تمثالاً إِلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إِلا سوّيته (4) ".
وفي رواية: "ولا صورة إِلا طمستها"(5).
قال الشوكاني رحمه الله (4/ 72) في شرح هذا الحديث: "فيه أنّ السّنة أنّ القبرَ لا يُرفع رفعاً كبيراً؛ من غير فرْق بين من كان فاضلاً ومن كان غير فاضل، والظاهر أنّ رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرّم، وقد صرّح بذلك أصحاب أحمد، وجماعة، والشافعيّ، ومالك".
قال: "ومن رفع القبور -الداخل تحت الحديث دُخولاً أوّليّاً-: القُبب والمشاهد المعمورة على القبور، وأيضاً هو من اتّخاذ القبور مساجد، وقد لعن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فاعل ذلك
…
وكم قد نشأ عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من
(1) يُجصّص؛ أي: يُطلى بالجصّ، وهو الكلس؛ من موادّ البناء.
(2)
أخرجه مسلم: 970، وانظر لأجل تخريج الزيادات "أحكام الجنائز"(ص 260).
(3)
أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1270).
(4)
أخرجه مسلم: 969.
(5)
أخرجه مسلم: 969.