الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ينبغي اجتناب أمرين، وإنْ تتابع الناس عليهما:
1 -
الاجتماع للتعزية في مكانٍ خاصّ؛ كالدار أو المقبرة أو المسجد.
2 -
اتخاذ أهل الميت الطعام؛ لضيافة الواردين للعزاء.
فعن جرير بن عبد الله البَجَلي رضي الله عنه قال: "كنّا نعُدُّ (وفي رواية: نرى) الاجتماع إِلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة"(1).
قال شيخنا رحمه الله (ص 210): "قال النووي في "المجموع" (5/ 306): وأمّا الجلوس للتعزية؛ فنصّ الشافعي -والمصنّف [أي: الشِّيرازيّ] وسائر الأصحاب على كراهته، قالوا: يعني بالجلوس لها: أن يجتمع أهل الميت في بيت، فيقصدهم من أراد التعزية.
قالوا: بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم، فمن صادفهم عزّاهم، ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها".
ونصُّ الإِمام الشافعي الذي أشار إِليه النووي: هو في كتاب "الأم"(1/ 248): "وأكره المآتم، وهي الجماعة، وإِنْ لم يكن لهم بكاءٌ؛ فإِنّ ذلك يُجدِّد الحزن، ويكلّف المُؤْنَة (2)، مع ما مضى فيه من الأثر.
كأنّه يُشير إِلى حديث جرير هذا [كنّا نعد الاجتماع إِلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النّياحة]، قال النووي:"واستدلّ له المصَنِّف وغيره بدليل آخر؛ وهو أنّه مُحدَث".
(1) أخرجه أحمد، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1308).
(2)
المُؤْنَة: القوت.
وكذا نص ابن الهُمَام في "شرح الهداية"(1/ 473) على كراهية اتِّخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت؛ وقال: "وهي بدعة قبيحة".
وهو مذهب الحنابلة كما في "الإِنصاف"(2/ 565).
وإنما السّنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاماً يُشبعهم.
فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: "لما جاء نَعِيُّ جعفر حين قُتل؛ قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً؛ فقد أتاهم أمر يَشْغَلُهم -أو أتاهم ما يَشْغَلُهم-"(1).
وقد كانت عائشة تأمر بالتلبينةِ للمريض، وللمحزون على الهالك، وتقول: إِني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنّ التلبينة (2) مَجمَّة (3) لفؤاد المريض؛ تذهب ببعض الحزن"(4).
قال الإِمام الشافعي في "الأم"(1/ 247): "وأحبّ لجيران الميت أو ذوي القرابة: أن يعملوا لأهل الميت في يوم يموت وليلته طعاماً يُشبعهم؛ فإِنّ ذلك سُنّة، وذكر كريم، وهو من فعل أهل الخير قبلنا وبعدنا".
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2686)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(796)، وحسنه، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1306).
(2)
طعام يُتخّذ من دقيق أو نخالة، وربما جُعل فيها عسل، سمّيت بذلك؛ لشبهها باللبن في البياض والرّقة. "فتح".
(3)
مَجمّة -بفتح الميم-؛ أي: مكان الاستراحة. ورويت بضم الميم -مُجِمّة-؛ أي: مريحة. وانظر "الفتح".
(4)
أخرجه البخاري: 5417، ومسلم:2216.