المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الموعظة عند القبر - الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة - جـ ٤

[حسين العوايشة]

فهرس الكتاب

- ‌[[الجنائز]]

- ‌فَضْلُ المَرَضِ:

- ‌شكوى المريض:

- ‌المريض يُكتب له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً:

- ‌عيادة المريض:

- ‌عيادة المُغْمَى عليه

- ‌قول العائد للمريض: كيف تَجِدُكَ

- ‌ما يجيب المريض:

- ‌أين يقعد العائد

- ‌عيادة النِّساءِ الرّجالَ

- ‌عيادة المشرك:

- ‌التداوي:

- ‌تحريم التداوي بمحرّم:

- ‌الطبيب المشرك

- ‌هل يداوي الرجل المرأة والمرأة الرجل

- ‌العلاج بالرُّقى:

- ‌تحريم التمائم:

- ‌التوقِّي من العدوى:

- ‌ذكر الموت والاستعداد له بالعمل:

- ‌فضل طول العمر مع حُسن العمل:

- ‌طلب الموت بالمدينة:

- ‌موت الفَجأة

- ‌أعمار أمّة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أجر شدّة الموت وسكراته:

- ‌ما يجب على المريض

- ‌تلقين المحتضر

- ‌ما على الحاضرين بعد موته

- ‌ما يجوز للحاضرين وغيرهم

- ‌وإِن أحبّ أهله أن يَروه لم يُمنعوا

- ‌ما يجب على أقارب الميت

- ‌ما يحرُم على أقارب الميت

- ‌1 - النياحة

- ‌2، 3 - ضرب الخدود وشق الجيوب

- ‌4 - حلق الشعر

- ‌5 - نَشْر الشّعر

- ‌النعي الجائز

- ‌غَسْلُ المَيِّتِ

- ‌حكمه:

- ‌كيفية غَسْلِ الميت:

- ‌ذِكْر مضمضة الميت واستنشاقه

- ‌ماذا إِذا مات رجل بين نساء، أو ماتت امرأة بين رجال

- ‌غسل الميت بخرقة:

- ‌ذِكْر عصْر بطن الميت

- ‌هل يغطّى وجه الميّت

- ‌ذِكر ترْك الأخذ من شعر الميت ومن أظفاره

- ‌التيمُّم للميّت عند فَقْدِ الماء:

- ‌يتولّى الغسلَ من كان أعرف بسُنّة الغسل:

- ‌الشهداء الذين يغسلون ويصلّى عليهم:

- ‌من جُرح في المعركة وعاش حياةً مستقرّة

- ‌هل يُغسل الكافر

- ‌الصبي الصغير تغسله المرأة:

- ‌ما عدد ما يُغسَل الجنب والحائض إِذا ماتا

- ‌إِذا خرج شيء من الميت بعد الغَسْلِ؛ فهل يعاد الغَسل

- ‌فوائد في غسل الميت:

- ‌تكفين الميت

- ‌حُكمه:

- ‌الكفن أو ثمنه مِن مال الميّت:

- ‌والحَنُوط وأُجرة القبر والغسل كذلك من مال الميت

- ‌ينبغي أن يكون الكفن طائلاً سابغاً ساتراً جميع بدنه:

- ‌ماذا إذا ضاق الكفَن

- ‌جواز تكفين الجماعة في الكفن الواحد عند الضرورة:

- ‌يدفن الشهيد في ثيابه التي قُتل فيها:

- ‌يُكفّن المُحرِم في ثوبيه الذين مات فيهما:

- ‌حَمْلُ الجنازةِ واتّباعُها

- ‌حُكم حمل الجنازة واتّباعها:

- ‌هل تتبع جنازة المشرك

- ‌فضل اتباع الجنازة:

- ‌لا يجوزأن تُتَّبَعَ الجنائز بما يخالف الشريعة:

- ‌الإِسراع في السير بها:

- ‌أين يكون الماشي والراكب من الجنازة

- ‌ما هو الأفضل

- ‌تحريم حمل الجنازة على عربة مخصصة لها ونحو ذلك:

- ‌نسْخ القيام للجنازة:

- ‌استحباب الوضوء لمن حمَلها:

- ‌الصلاة على الجنازة

- ‌شروطها

- ‌حُكمها:

- ‌عدم وجوب الصلاة على شخصين:

- ‌هلّ يُصلّى على الميت الذي كان لا يصلّي:

- ‌هل يُصلّى على العضو إِذا لم يُوجَدْ غيره

- ‌تحريم الصلاة والاستغفار والترحم على الكّفار والمنافقين:

- ‌هل يُصلّى على قتلى المسلمين إِذا اختلطوا بالمشركين

- ‌وجوب الجماعة في صلاة الجنازة:

- ‌أقل ما ورَد في انعقاد الجماعة:

- ‌انتفاع الميت بكثرة المصلين إِذا كانوا موحِّدين حقّاً:

- ‌صلاة النساء على الجنازة:

- ‌تسوية الصفوف في صلاة الجنازة:

- ‌من هو الأحقّ بالإمامة

- ‌ماذا إِذا اجتمعت جنائز مُتعدِّدة من الرجال والنساء

- ‌جواز الصلاة على كل جنازة على حِدَة:

- ‌جواز الصلاة على الجنازة في المسجد:

- ‌تفضيل الصلاة على الجنازة خارج المسجد:

- ‌تحريم الصلاة على الجنازة بين القبور:

- ‌يقف الإِمام وراء رأس الرجل، وَوَسَطِ المرأة:

- ‌كم يكبّر على الجنائز

- ‌هل يرفع يديه بعد التكبيرة الأولى

- ‌أين وكيف يضع يَدَيْهِ

- ‌عدم مشروعية دعاء الاستفتاح:

- ‌قراءة الفاتحة وسورة عقب التكبيرة الأولى:

- ‌الإِسرار في القراءة:

- ‌الصلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية:

- ‌يأتي ببقية التكبيرات ويخلص الدعاء للميت

- ‌الدعاء بالثابت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأدعية:

- ‌بماذا يُدعى للطّفل

- ‌كم تسليمةً يسلّم الإِمام

- ‌جواز الاقتصار على التسليمة الأولى:

- ‌الإِسرار في التسليم وإِسماع من يليه:

- ‌المسبوق في صلاة الجنازة:

- ‌التيمُّم للصلاة على الجنازة:

- ‌الدفن وتوابعه

- ‌إِذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد حيّ:

- ‌لا يُدْفَنُ المسلم مع الكافر، ولا الكافر مع المسلم:

- ‌الدفن في المقبرة:

- ‌يُدفن شهداء المعركة في مواطن استشهادهم:

- ‌الأوقات التي لا يجوز فيها الدفن:

- ‌جواز الدفن ليلاً عند الاضطرار

- ‌وجوب تعميق القبر وتوسيعه:

- ‌تفضيل اللحد على الشقّ:

- ‌في الحفّار يجد العظم؛ هل يتنكّب ذلك المكان

- ‌جواز دفن أكثر من واحد في القبر عند الضرورة:

- ‌بِدْعِيَّةُ الدفن الجماعي:

- ‌الرجال هم الذين يتولّون إِنزال الميت:

- ‌يجوز للزوج أن يتولى بنفسه دفْن زوجته:

- ‌لا يجوز لمن وطئ أهله تلك الليلة أن يتولّى الدفن:

- ‌أولياء الميت أحقّ بإِنزاله:

- ‌إِدخال الميت من مؤخّر القبر:

- ‌يوضع الميت على جنبه الأيمن ووجهه قُبالةَ القِبْلَة:

- ‌هل تحلُّ عقد الكفن

- ‌استحباب حَثْوِ ثلاث حَثَوات من التراب بعد سدّ اللحد:

- ‌ويُسنّ بعد الفراغ من دفنه أمور:

- ‌الاستغفار للميت والدعاء له بالتثبيت:

- ‌الموعظة عند القبر

- ‌استحباب جمع الموتى الأقارب في أماكن متجاورة

- ‌ضَمَّة القبر:

- ‌سؤال القبر وعذابه ونعيمه

- ‌هل يجوز نبش القبر

- ‌هل يُستحبّ للرجل حفْر قبره قبل موته

- ‌عدم مشروعية تلقين المقبور:

- ‌التعزية

- ‌مشروعية تعزية أهل الميت:

- ‌ماذا يقول عند التعزية

- ‌لا تُحدّ التعزية بثلاثة أيام:

- ‌ينبغي اجتناب أمرين، وإنْ تتابع الناس عليهما:

- ‌ما ينتفع به الميِّت

- ‌زيارة القبور

- ‌مشروعيّتها:

- ‌ما يقول إِذا زار القبور أو مرّ بها

- ‌جواز زيارةِ النساءِ القبورَ:

- ‌عدم جواز إِكثار النساء من زيارة القبور:

- ‌جواز زيارة من مات على غير الإِسلام للعبرة:

- ‌المقصود من زيارة القبور:

- ‌عدم مشروعية قراءة القرآن عند زيارة القبور:

- ‌جواز رفع اليدين عند الدعاء:

- ‌عدم استقبال القبور حين الدعاء:

- ‌عدم دخول مقابر الظالمين إِلا وهو يبكي:

- ‌لا يمشي منتعلاً بين قبور المسلمين:

- ‌تحريم وضع الرياحين والورود على القبور:

- ‌عدم وضع الجريدة على القبر:

- ‌نقْل الميت:

- ‌ما يحرم عند القبور

- ‌وهذا من أبين الأدلة الدالة على أنّ شركهم قد بلغ فوق شرك من قال:إِنّه -تعالى- ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة

- ‌تحريم جعْل المصاحف عند القبور للقراءة:

- ‌الحج

- ‌تعريفه:

- ‌فضله والترغيب فيه:

- ‌الحج جهادٌ لا شوكة فيه:

- ‌أجر الحاج والمعتمر على قدر نَصَبِهِ ونفقته:

- ‌من خرَج حاجّاً فمات:

- ‌وجوب الحجّ مرّة واحدة:

- ‌وجوبه على الَفْورِ:

- ‌حكمه:

- ‌على من يجب

- ‌بِمَ تتحقق الاستطاعة

- ‌حجّ الصبيّ والعبد:

- ‌وجوب اصطحابِ المرأةِ ذا مَحْرَمٍ:

- ‌استئذانُ المرأةِ زوجَها

- ‌من مات أو عجَز وعليه حجّ:

- ‌هل يوكّل في الحجّ غير الأبناء

- ‌اشتراط الحج عن الغير:

- ‌هل يحج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل

- ‌أخذ النفقة في الحجّ عن الميت:

- ‌ما الأفضل؛ الحجّ عن نفسه أو والده أم الصدقة

- ‌التكسُّب في الحجّ:

- ‌ما يقول إِذا ركب إِلى سفر الحج وغيره

- ‌ماذا يقول إِذا قَفَلَ من سفر الحج وغيره

- ‌حَجّة رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية جابر رضي الله عنه

- ‌المواقيت

- ‌المواقيت الزمانيّة:

- ‌المواقيت المكانية

- ‌الإِحرام قبل الميقات:

- ‌أنواع الإِحرام

- ‌أيّ أنواع النُّسك أفضل

- ‌باب ما جاء في التمتع:

- ‌من اعتمر بعد الحجّ بغير هدي

- ‌ليس لحاضري المسجد الحرام إِلاّ الإِفراد:

- ‌من هم حاضرو المسجد الحرام

- ‌أَيُّما أفضل للمكي؛ العمرة أم الطواف

- ‌القارن يطوف طوافاً واحداً ويسعى سعياً واحداً:

- ‌من لم يجد هدْياً:

- ‌متى يصوم الأيام الثلاثة

- ‌متى يبطل الحج بالجماع؟ وما جزاء الوطء

- ‌الدماء في الحجّ

- ‌1 - دم التمتع والقِران

- ‌2 - دم الفدية

- ‌3 - دم الجزاء

- ‌4 - دم الوطء

- ‌5 - دم الإِحصار

- ‌أثر ابن عباس رضي الله عنهما: من نسي من نسكه شيئاً أو تركه؛ فليهرِق دماً

- ‌الإِحصار

- ‌يذبح المحصر ما استيسر من الهدي:

- ‌مكان ذبْحها:

- ‌إِذا أخطأ العِدّة في الحج ولم يقم ببعض الأركان؛ فإِنه يُحلّ بعمرة وعليه الحج من قابل:

- ‌ما يُفعَل بالمحرم إِذا مات

- ‌جزاء قتْل الصّيد

- ‌ما قضى به النّبيّ صلى الله عليه وسلم والسلف في هذا المقام:

- ‌صيد الحرم وقطْع شجره، وهل في ذلك جزاءٌ أو قيمة

- ‌تحريم صيد حرم المدينة وقطع شجره:

- ‌ليس في قتْل صيد الحرم المدني ولا قطع شجره جزاء:

- ‌مَن وجد أحداً يقطع شجر المدينة فَلْيَسْلَبْهُ:

- ‌مكّة أحب أرض الله إلى الله -تعالى

- ‌جواز دخول مكّة بغير إِحرام

- ‌بين يدي الإِحرام

- ‌الإِحرام ونيّته:

- ‌ما يباح للمحرم

- ‌محظورات الإِحرام

- ‌التعرض للصيد

- ‌الأكل من الصيد

- ‌جواز حلق الرأس للمحرم إِذا كان به أذى، ووجوب الفدية عليه

- ‌أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالتمتع:

- ‌الاشتراط:

- ‌الصلاة بوادي العقيق:

- ‌استقبال القبلة قائماً:

- ‌التلبية

- ‌مشروعيتها:

- ‌حكمها:

- ‌لفظها:

- ‌رفع الصوت في التلبية:

- ‌تلبية النساء:

- ‌ماذا إِذا أطلق الإِحرام ولم يعيّنه

- ‌الاغتسال لدخول مكة:

- ‌تحريم المرور أمام المصلّي في الحرمين:

- ‌هل يلزم من يدخل البيت الحرام الطوافُ

- ‌فضل الطواف:

- ‌شروط الطواف

- ‌1 - الطهارة من الحَدَثين والنجاسة:

- ‌2 - سَتْر العورة:

- ‌3 - أن يكون سبعة أشواط كاملة:

- ‌4 - أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود، وينتهي إِليه، ويجعل البيت عن يساره:

- ‌5 - أن يكون الطواف خارج البيت

- ‌6 - الموالاة:

- ‌عدم مخالطة الرجال النساء في الطواف

- ‌هل يركب الطائف

- ‌استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها

- ‌حكمة الرَّمَلِ:

- ‌مشروعية التزام الملْتزم في الطواف

- ‌موضعه:

- ‌متى يلتزمه

- ‌صلاة ركعتين بعد الطَّواف:

- ‌جواز تأديتهما أوقات النهي:

- ‌إذا صلّى المكتوبة؛ هل تجزئه

- ‌إِذا وقف في الطواف

- ‌السعي بين الصفا والمروة:

- ‌حُكْمه:

- ‌أصل مشروعيته:

- ‌هل يشرع الركوب في السعي

- ‌السعي بين الميلين:

- ‌الرُّقِيُّ على الصفا والمروة والدعاء عليهما مع استقبال البيت:

- ‌ما يقوله الساعي بين الصفا والمروة:

- ‌الموالاة في السعي:

- ‌الإِهلال بالحج يوم التروية

- ‌التوجه إِلى منى

- ‌الانطلاق إِلى عرفة:

- ‌الوقوف بعرفة:

- ‌إِفطار الحاج يوم عرفة:

- ‌فضل يوم عرفة:

- ‌الوقوف بعرفة رُكن الحجِّ الأعظم:

- ‌الإِفاضة من عرفات إِلى المزدلفة:

- ‌المبيت بالمزدلفة وصلاة الفجر فيها:

- ‌حُكم ذلك:

- ‌فضل الوقوف في المشعر الحرام:

- ‌الرمي

- ‌مشروعيته:

- ‌وجوبه:

- ‌صفته:

- ‌الرفق في رمي الجمار وصفتها:

- ‌تأخير الرمي بعد الزوال ولو إِلى الليل:

- ‌جواز رميها راكباً:

- ‌فوائد في الرمي:

- ‌التحلل الأوّل:

- ‌الطِّيب بعد رمي الجمار

- ‌الذبح والنحر

- ‌لا يُعطى الجزّار الأجرة من الهدي:

- ‌من لم يجد هدياً:

- ‌الحلق أو التقصير:

- ‌طواف الإِفاضة

- ‌البيات في منى:

- ‌القيام والدعاء ورفع اليدين بعد الرمي أيام التشريق:

- ‌طواف الوداع

- ‌حُكمه:

- ‌خلاصة جامعة في الحجّ

- ‌العمرة المُفردَة

- ‌فضلها:

- ‌حكمها:

- ‌جوازها قبل الحجّ وفي أشهره:

- ‌فضل العمرة في رمضان:

- ‌عمرة التنعيم:

- ‌العمرة الرَّجَبِيَّة

- ‌العمرة عن الرجل الذي لا يستطيع

- ‌فضائل المدينة النبويّة

- ‌فضل الموت بالمدينة النبوية:

- ‌استحباب شدّ الرحال إِلى المساجد الثلاثة:

- ‌فضل الصلاة في المسجد النبوي:

- ‌فوائد متعلّقة بالمسجد النبوي الشريف:

- ‌فضل ما بين القبر والمنبر

- ‌لا يصح أن نقول: حرم المقدس أو حرم الخليل

- ‌استحباب إتيان مسجد قباء والصلاة فيه:

- ‌مشاركة حاضري المسجد الحرام في الجمع والقصر:

- ‌استحباب التعجيل إِلى الأهل:

الفصل: ‌الموعظة عند القبر

فوضعها عند رأسه، وقال: أتعلّم بها قبر أخي (1)، وأدفن إِليه من مات من أهلي" (2).

ولا يشرع تلقينُ الميت التلقينَ المعروفَ اليوم (3)؛ لأنّ الحديث الوارد فيه لا يصح.

‌الاستغفار للميت والدعاء له بالتثبيت:

وينبغي للحاضرين حين يفرغون من دفْن الميت، أن يقفوا على القبر ويدعوا له بالتثبيت، وأن يستغفروا له، وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يأمر الحاضرين بذلك؛ لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال:"كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إِذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت؛ فإِنّه الآن يُسأل"(4).

‌الموعظة عند القبر

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خرجنا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في جنازة

(1) أرجح الأقوال -والله أعلم-: أنه أخوه من الرّضاعة، ذكره في "عون المعبود"(9/ 17) نقلاً عن "المرقاة"(4/ 192).

(2)

أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2745)، وترجم له أبو داود بـ "باب في جمع الموتى في قبر، والقبر يُعلّم".

(3)

وسيأتي التفصيل بإِذن الله -تعالى-.

(4)

أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2758)، والحاكم، والبيهقي وغيرهم.

ص: 166

رجل من الأنصار، فانتهينا إِلى القبر؛ ولمّا يُلحد (1)، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم[مستقبل القبلة]، وجلسنا حوله، وكأنّ على روؤسنا الطّير، وفي يده عودٌ ينكت (2) في الأرض، [فجعل ينظر إِلى السماء، وينظر إِلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه، ثلاثاً]، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً، [ثمّ قال: اللهم إِنّي أعوذ بك من عذاب القبر] [ثلاثاً]، ثمّ قال: إِنّ العبد المؤمن إِذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إِليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأنّ وجوههم الشمس، معهم كفنٌ من أكفان الجنة، وحَنُوطٌ (3) من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مَدَّ البصر، ثمّ يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيّتها النفس الطيبة (وفي رواية: المطمئنة)! اخرجي إِلى مغفرة من الله ورضوان.

قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السِّقَاءِ، فيأخذها (وفي رواية: حتى إِذا خرجت روحه؛ صلّى عليه كلُّ ملكٍ بين السماء والأرض، وكلّ ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهلِ باب إلَاّ وهم يدْعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم)، فإِذا أخذها؛ لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، [فذلك قوله - تعالى-:{توفّته رُسُلنا وهم لا يفرِّطون} ، ويخرج منها كأطيب نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدت على وجه الأرض.

(1) أي: لم يوضْع في لحده بعْدُ.

(2)

أي: يضرب بطرفه الأرض، وذلك فِعل المفكّر المهموم "عون"(13/ 63).

(3)

بفتح المهملة: ما يُخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصّة. "النهاية".

ص: 167

قال: فيصعدون بها؛ فلا يمرّون -يعني- بها على ملإٍ من الملائكة إلَاّ قالوا: ما هذا الروح الطيّب؟! فيقولون: فلان بن فلان -بأحسن أسمائه التي كانوا يُسمُّونه بها في الدنيا- حتى ينتهوا بها إِلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيّعه من كلّ سماء مُقرّبوها إِلى السماء التي تليها، حتى يَنتهيَ به إِلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في علّيّين، {وما أدراك ما عِلِّيُّون كتاب مرقوم * يشهده المُقرّبون} ، فيكتب كتابه في عِلِّيِّين، ثمّ يقال]: أعيدوه إِلى الأرض؛ فإِنّي [وعدتهم أنّي] منها خلقتهم وفيها أُعيدهم ومنها أُخرجهم تارةً أخرى.

قال: فـ[يُردّ إِلى الأرض، و] تُعاد روحه في جسده، [قال: فإِنّه يسمع خفق نعال أصحابه إِذا ولّوا عنه] [مدبرين].

فيأتيه ملكان [شديدا الانتهار]، فـ[ينتهرانه و] يُجلسانه، فيقولان له: من ربّك؟ فيقول: ربي الله. فيقولان له: ما دينك؛ فيقول: ديني الإِسلام. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقولان له: ما عَمَلُك؟ فيقول: قرأت كتاب الله، فآمنت به وصدّقت، فينتهره فيقول: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيُّك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن.

فذلك حين يقول الله عز وجل: {يُثَبِّتُ الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا} ، فيقول: ربي الله، وديني الإِسلام، ونبيّ محمد صلى الله عليه وسلم، فينادي منادٍ في السماء: أنْ صدق عبدي، فأفرِشوه من الجنة، وألبِسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إِلى الجنّة، قال: فيأتيه من رَوْحِها وطِيبها، ويفسح له في قبره مدّ بصره.

ص: 168

قال: ويأتيه [وفي رواية: يُمَثَّلُ له] رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيّب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسُرُّك، [أبشر برضوانٍ من الله، وجنّاتٍ فيها نعيم مقيم]، هذا يومك الذي كُنت تُوعد، فيقول له:[وأنت -فبشّرك الله بخير]- من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير! فيقول: أنا عملك الصالح؛ [فوالله ما عَلِمْتُك إِلا كنت سريعاً في طاعة الله، بطيئاً في معصية الله، فجزاك الله خيراً].

ثمّ يُفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإِذا رأى ما في الجنة قال: ربِّ! عجّل قيام الساعة؛ كيما أرجع إِلى أهلي ومالي! [فيقال له: اسكن].

قال: وإِنّ العبد الكافر (وفي رواية: الفاجر) إِذا كان في انقطاع من الدنيا،

وإقبال من الآخرة؛ نزل إِليه من السماء ملائكة [غلاظ شداد]، سُود الوجوه،

معهم المُسُوح (1)[من النار]، فيجلسون منه مدّ البصر (2)، ثمّ يجيء ملك

الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة! أخرجي إِلى سَخَطٍ

من الله وغضب، قال: فتفرَّق في جسده، فينتزعها كما يُنتزع السُّفُّود (3)[الكثير الشُّعب] من الصّوف المبلول، [فتَقطَّعُ معها العروق والعصب]، [فيلعنه كلُّ ملك بين السماء والأرض، وكلُّ ملك في السماء، وتغلَق أبواب السماء، ليس من أهل باب إِلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من

(1) جمع مِسح: ثوب من الشعر غليظ.

(2)

أي: منتهى بصره.

(3)

السُّفود: هو عود من حديد يُنظّم فيه اللحم ليُشوى. "الوسيط".

ص: 169

قِبلهم]، فيأخذها، فإِذا أخذها لم يدَعوها في يده طرفة، عين حتى يجعلوها في تلك المُسوح، ويخرج منها كأنتن ريحٍ جيفةٍ وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرّون بها على ملأ من الملائكة إِلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟! فيقولون: فلان ابن فلان -بأقبح أسمائه التي كان يُسمّى بها في الدنيا، حتى يُنتَهى به إِلى السماء الدنيا، فيُستفتح له، فلا يُفتح له، ثمّ قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{لا تُفَتَّحُ لهم أبواب السماء ولا يدْخلون الجنة حتى يَلِجَ الجَمَلُ في سمِّ الخِياط (1)} (2) فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سِجين (3)؛ في الأرض السُّفلى، [ثمّ يقال: أعيدوا عبدي إِلى الأرض، فإِنّي وعدتهم أنّي منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أُخرجهم تارةً أخرى)، فتُطرح روحه [من السماء] طرحاً [حتى تقع في جسده] ثمّ قرأ:{ومن يشرك بالله فكأنّما خرَّ من السماء فَتَخْطَفُهُ الطير أو تهوي به الريح في مكان سَحِيق} ، فتعاد روحه في جسده، [قال: فإِنّه ليسمع خفق نعال أصحابه إِذا

(1) قال الحسن البصري وغيره: "حتى يدخل البعير في خرق الإِبرة. وكذا روى علي بن أبى طلحة والعوفي عن ابن عباس. وقال مجاهد وعكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: إِنّه كان يقرأُها {يلج الجمل في سمّ الخياط} بضم الجيم وتشديد الميم -الجُمّل- يعني: الحبل الغليظ في خرق الإِبرة". عن "تفسير ابن كثير" بحذف.

وهذا تعليق بالمستحيل؛ أي: أنهم لا يدخلون الجنة أبداً، وانظر -إِن شئت- ما قاله البغوي في "تفسيره".

(2)

الأعراف: 40.

(3)

قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره": "والصحيح أنّ سجّيناً مأخوذ من السِّجن، وهو الضيق"، وقال في موطن آخر:"وهو يجمع الضيق والسفول".

ص: 170

ولّوا عنه].

ويأتيه ملكان [شديدا الانتهار، فينتهرانه و] يُجلسانه، فيقولان له: من ربُّك؟ [فيقول: هاهْ هاهْ (1)! لا أدري! فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاهْ هاهْ! لا أدري]! فيقولان: فما تقول في هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه، فيُقال: محمد! فيقول: هاه هاه! لا أدري! [سمعت الناس يقولون ذاك! قال: فيقال: لا دَرَيْتَ]، ولا تلوت]، فينادي مُنادٍ من السماء: أنْ كذب، فأفرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إِلى النار، فيأتيه من حرّها وسَمُومها (2)، ويُضيَّق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه (وفي رواية: ويُمثل له) رجلٌ قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومُك الذي كنت توعد، فيقول:[وأنت فبشّرك الله بالشرِّ] من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشّر! فيقول. أنا عملك الخبيث؛ [فوالله ما علمت إِلا كنت بطيئاً عن طاعة الله، سريعاً إِلى معصية الله]، [فجزاك الله شرّاً! ثمّ يُقيّض له أعمى أصمُّ أبكم في يده مِرْزبَة (3) لو ضُرِبَ بها جبل كان تراباً، فيضربه ضربة حتى يصير بها تراباً، ثمّ يعيده الله كما كان، فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة يسمعه كلّ شيء إِلا الثقلين، ثمّ يفتح له

(1) جاء في "عون المعبود"(13/ 65): "هاهْ هاهْ -بسكون الهاء فيهما بعد الألف-: كلمة يقولها المتحيّر الذي لا يقدر -من حَيرته للخوف أو لعدم الفصاحة- أن يستعمل لسانه في فيه".

(2)

الريح الحارّة.

(3)

المِرزَبة -بالتخفيف-: المطرقة الكبيرة التي تكون للحّداد. "النهاية".

ص: 171