الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتيمّموا} (1).
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"(2).
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلّى"(5/ 182 - تحت المسألة: 569): فإِن عُدِمَ الماء؛ يُمِّم الميت ولا بُدّ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جُعلت لي الأرض مسجداً وطَهوراً"
…
".
يتولّى الغسلَ من كان أعرف بسُنّة الغسل:
قال شيخنا رحمه الله في "أحكام الجنائز"(ص 68): [ولا بدَّ] أن يتولَّى غَسْلَهُ من كان أعرف بسُنّة الغسل، لا سيّما إِذا كان من أهله وأقاربه؛ لأنّ الذين تولّوا غَسله صلى الله عليه وسلم كانوا كما ذكرنا، فقد قال عليّ رضي الله عنه:"غَسلْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلتُ أنظرُ ما يكون من الميّت؛ فلم أر شيئاً، وكان طيِّباً حيّاً وميّتاً صلى الله عليه وسلم"(3).
قال ابن المنذر رحمه الله في "الأوسط"(5/ 324): "ذِكْر الدليل على أنّ عُصبة الميت وقرابته أحقّ بولايته وغَسْله؛ إِذا كان فيهم من يُحسن الغسل من الأباعد".
ثمّ ذكر رحمه الله حديث سالم بن عُبَيْدِ في وفاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ وفيه:
(1) النساء: 43.
(2)
أخرجه البخاري: 438، ومسلم:523.
(3)
أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1198)، والحاكم، والبيهقي وغيرهم.
"قالوا: يا صاحب رسول الله (1)! أيُدفَن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قالوا: أين؟ قال: في المكان الذي قُبِض فيه روحُه، فإِنّ الله لم يقبض روحه إِلا في مكان طيب. فعلموا أن قد صدَق، ثمّ أمَرهم أن يُغسّله بنو أبيه"(2).
قال شيخنا رحمه الله: " [أي: عصبته]، فغسله سيدنا علي رضي الله عنه، فكان الفضل بن عباس وأسامة وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يناولون عليّاً الماء".
ولمن تولّى غَسْله أجرٌ عظيم بشرطين اثنين:
الأول: أن يستُر عليه، ولا يحدّث بما قد يرى من المكروه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"من غَسَّلَ مُسلماً فكتم عليه؛ غفر له الله أربعين مرةً، ومن حفر له فأجنّه؛ أجري عليه كأجر مسكن أسكنه إِياه إلى يوم القيامة، ومن كفّنه؛ كساه الله يوم القيامة من سندسِ وإستبرقِ الجنة"(3).
الثاني: أن يبتغي بذلك وجه الله، لا يريدُ به جزاءً ولا شُكوراً ولا شيئاً من أمور الدنيا، لما تقرّر قي الشرع أنّ الله تبارك وتعالى لا يقْبل من العمل إلَاّ ما كان خالصاً لوجهه الكريم.
والأدلّة على ذلك من الكتاب والسُّنة كثيرة جدّاً.
(1) الخطاب لأبي بكر الصّديق رضي الله عنه.
(2)
أخرجه الترمذي في "الشمائل"، وهو حديث صحيح؛ خرّجه شيخنا رحمه الله في "مختصر الشمائل"(333).
(3)
أخرجه الحاكم، والبيهقي وغيرهما، وانظر "أحكام الجنائز"(ص 69).
ويستحبّ لمن غسّله أن يغتسل، فعن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من غسَّل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضَّأ"(1).
قال شيخنا -رحمه الله تعالى-: "وظاهر الأمر يفيد الوجوب، وإنّما لم نقُل به لحديثين موقوفيْن -لهما حْكم الرفع-:
الأوّل: عن ابن عباس: "ليس عليكم في غَسْلِ ميّتكم غُسْلٌ إِذا غسَّلْتمُوه؛ فإِن ميّتكم ليس بنجسٍ، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم"(2).
الثاني: قول ابن عمر رضي الله عنه: "كنّا نغسل الميت، فمنّا من يغتسل، ومنّا من لا يغتسل"(3).
ولا يُشْرَعُ غَسل الشهيد قتيل المعركة، ولو اتّفق أنّه كان جُنباً، وفي ذلك أحاديث:
عن جابر قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "ادْفنوهم في دمائهم؛ يعني: يوم أُحد، ولمْ يُغسِّلْهم"(4).
وفي لفظ: "لا تغسِلوهم؛ فإِنّ كُلّ جرحٍ -أو كلّ دم- يفوح مِسكاً يوم
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2707)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(791)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1195).
(2)
أخرجه الحاكم، والبيهقي، وحسّن شيخنا رحمه الله إِسناده في "أحكام الجنائز"(ص 72).
(3)
أخرجه الدارقطني، والخطيب في "تاريخه" بإِسناد صحيح، كما قال الحافظ.
(4)
أخرجه البخاري: 1346.