الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيارة القُبور؛ فزوروها، فإِنّ فيها عبرة، [ولا تقولوا ما يُسْخِطُ الربّ] " (1).
ما يقول إِذا زار القبور أو مرّ بها
(2):
عن بريدة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمهم إِذا خرجوا إِلى المقابر، فكان قائلهم يقول: السّلام على أهل الدّيار، السّلام عليكم أهل الديّار؛ من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إِن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية"(3).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يخرج من آخر الليل إِلى البقيع، فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين! وأتاكم ما توعدون؛ غداً مؤجّلون، وإنّا إِن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (4) "(5).
جواز زيارةِ النساءِ القبورَ:
والنّساء كالرجال في استحباب زيارة القبور؛ لوجوه:
(1) أخرجه أحمد، والحاكم، وعنه البيهقي، ثمّ قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال شيخنا رحمه الله في "أحكام الجنائز" (ص 228):"وهو كما قالا".
(2)
هذا العنوان من "سنن أبي داود".
(3)
أخرجه مسلم: 975.
(4)
ويدعو لأهل القبور الذين زارهم.
(5)
أخرجه مسلم: 974.
1 -
عُموم قوله صلى الله عليه وسلم: " .. فزوروا القبور"؛ فيدخل فيه النساء، وبيانه: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لما نهى عن زيارة القبور في أوّل الأمر؛ فلا شك أنّ النهي كان شاملاً للرجال والنساء معاً، فلمّا قال:"كُنتُ نهيتكم عن زيارة القبور"؛ كان مفهوماً أنّه كان يعني الجنسين؛ ضرورةَ أنّه يخبرهم عمّا كان في أول الأمر من نهي الجنسين.
فإِذا كان الأمر كذلك؛ كان لزاماً أنّ الخطاب في الجملة الثانية من الحديث - وهو قوله: "فزوروها"-؛ إِنّما أراد به الجنسين أيضاً.
ويؤيده أنّ الخطاب في بقية الأفعال المذكورة في زيادة مسلم في حديث بُريدة المتقدّم آنفاً:
"ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث؛ فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النّبيذ إِلا في سقاءٍ؛ فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً".
أقول [أي: شيخنا رحمه الله]: فالخطاب في جميع هذه الأفعال موجّه إِلى الجنسين قطعاً، كما هو الشأن في الخطاب الأوّل:"كنت نهيتكم"؛ فإِذا قيل بأنّ الخطاب في قوله: "فزوروها" خاصٌّ بالرجال؛ اختل نظام الكلام وذهبت طراوته! الأمر الذي لا يليق بمن أوتي جوامع الكلم. ويزيده تأييداً الوجوه الآتية:
2 -
مُشاركتهنّ الرجالَ في العلّة التي من أجلها شُرعت زيارة القبور: "فإِنها تُرِقُّ القلبِ وتدمع العين، وتُذكّر الآخرة"(1).
3 -
أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد رخص لهن في زيارة القبور في حديثين حَفِظْتهما لنا
(1) أخرجه الحاكم بسند حسن، وانظر "أحكام الجنائز"(ص 228).
أُمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: عن عبد الله بن أبي مُليكة: "أنّ عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر، فقُلت لها: يا أمَّ المؤمنين! من أين أقبلتِ؟ قالت: مِنْ قَبْرِ عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟! قالت: نعم، ثمّ أمر بزيارتها"(1).
عن محمد بن قيس بن مَخْرَمَةَ بن المطلب أنّه قال يوماً: ألا أحدثكم عني وعن أمّي؟! قال: فظننا أنه يريد أمّه التي ولدته، قال: قالت عائشة: ألا أُحدّثكمَ عنيّ وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قلنا: بلى.
قال: قالت: لمّا كانت ليلتي التي كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيها عندى؛ انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إِزاره على فراشه، فاضطجع -فذكرت الحديث إِلى أن قالت-: فقال [أي: جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم]: إنّ ربّك يأمُرك أنْ تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم.
قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟! قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منّا والمُستأخرين، وإنا إِن شاء الله بكم للاحقون" (2).
4 -
إِقرار النّبيّ صلى الله عليه وسلم المرأة التي رآها عند القبور في حديث أنس رضي الله عنه: "مرّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ، فقال: اتّقي الله واصبري
…
" (3).
(1) أخرجه الحاكم وغيره، وصححه شيخنا رحمه الله في "أحكام الجنائز"(ص 230)، وانظر "الإِرواء"(775).
(2)
أخرجه مسلم: 974.
(3)
أخرجه البخاري: 1283، ومسلم: 626، وتقدّم.