الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن حُجّة من يرى الصلاة على العضو يوجد: أن حرمة المسلم واحدة في كل جسده، فإِذا ذهب بعضه لم تذهب حرمة ما بقي، ويجب أن يفعل فيما بقي من بدنه -من الغسل والصلاة والدفن- سُنّة الموتى. والله أعلم
…
".
وجاء في "المحلّى"(5/ 205 - تحت المسألة: 580): "ويصلّى على ما وُجِدَ من الميت المسلم: ولو أنّه ظُفُرٌ أو شعرٌ فما فوق ذلك، ويُغَسَّلُ ويُكَفَّنُ؛ إِلا أن يكون من شهيد، فلا يغسل، لكن يُلَفُّ ويدفن.
ويصلّى على الميت المسلم، وإن كان غائباً لا يوجد منه شيء؛ فإِنْ وُجِدَ من الميت عضو آخر بعد ذلك أيضاً غُسل أيضاً، وكُفّن، ودُفن، ولا بأس بالصلاة عليه ثانية؛ وهكذا أبداً.
برهان ذلك: أننا قد ذكرنا -قبلُ- وجوب غَسْل الميت وتكفينه ودفْنه والصلاة عليه، فصح بذلك غَسْل جميع أعضائه -قليلها وكثيرها- وستر جميعها بالكفن والدفن؛ فذلك -بلا شك- واجب في كلّ جزء؛ منه فإِذ هو كذلك؛ فواجب عمله فيما أمكن عمله فيه بالوجود متى وجد؛ ولا يجوز أن يسقط ذلك في الأعضاء المفرقة بلا برهان.
وينوي بالصلاة على ما وجد منه الصلاة على جميعه: جسده وروحه".
تحريم الصلاة والاستغفار والترحم على الكّفار والمنافقين:
وتحرم الصلاة والاستغفار والترحُّم على الكّفار والمنافقين (1)، لقول الله
(1) قال شيخنا رحمه الله في التعليق: "هم الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام، وإنما يتبين كُفرهم بما يترشّح من كلماتهم من الغمز في بعض أحكام الشريعة =
-تبارك وتعالى: {ولا تُصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تَقُمْ على قبره إِنّهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} (1).
وسبب نزول هذه الآية الكريمة: ما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لمّا مات عبد الله بن أُبي ابن سلُولَ؛ دُعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي عليه، فلمّا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وَثَبْتُ إِليه فقلت: يا رسول الله! أتصلّي على ابن أُبيٍّ وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا -أعدّدُ عليه قوله-؟! فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أخّر عني يا عمر!
فلمّا أكثرت عليه قال: إِنّي خيّرت فاخترت، لو أعلم أنّي إِن زدت على السبعين يُغفر له لزدت عليها، قال: فصلّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ انصرف، فلم يمكث إِلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة: {ولا تُصلِّ على أحدٍ منهم
= واستهجانها، وزعمهم أنّها مخالفة للعقل والذوق، وقد أشار إلى هذه الحقيقة ربّنا تبارك في قوله:{أم حَسِبَ الذين في قلوبهم مرض أنْ لن يُخرج الله أضغانهم. ولو نشاء لأَريْنَاكهُم فلَعَرْفتهم بسِيمَاهُم ولَتَعْرِفَنَّهم في لَحْن القول والله يعلم أعمالكم} [محمد: 29 - 30]. وأمثال هؤلاء المنافقين كثير في عصرنا الحاضر، والله المستعان" انتهى.
قلت: وهذا فيه تكفيرٌ بالقول أو الفعل، فمن قال: الشرع مخالفٌ للعقل فقد كفر، ومن قال: الشرع مخالف للذوق فقد كَفَر.
وبهذا فلا يُصلى على أمثال هؤلاء، نسأل الله -تعالى- حُسن الختام.
وفي هذا نقْض صريح لمذهب المرجئة البدعي الخبيث.
(1)
التوبة: 84.