الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جزاء قتْل الصّيد
قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" -بحذف- بعد أن ذكر بعض أقوال السلف في المتعمدّ والنّاسي: " {هدياً بالغ الكعبة} ؛ أي: واصلاً إِلى الكعبة، والمراد وصوله إِلى الحرم بأن يذبح هناك، ويُفرّق لحمه على مساكين الحرم، وهذا أمر متفق عليه في هذه الصورة.
…
والذي عليه الجمهور (3) أن العامد والناسي سواءٌ في وجوب الجزاء عليه. قال الزهري: دل الكتاب على العامد، وجرَت السّنّة على الناسي. ومعنى هذا: أن القرآن دل على وجوب الجزاء على المتعمد وعلى تأثيمه بقوله: {ليذوق وبال أمره عفا الله عمّا سلف ومن عاد فينتقم الله منه} ، وجاءت السُّنّة من أحكام النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأحكام أصحابه بوجوب الجزاء في الخطأ، كما دل
(1) لا يجوز للمحرم قتْل الصيد إِلا إِن صال عليه فقَتَله دفعاً؛ فيجوز ولا ضمان عليه. والله أعلم، قاله الحافظ في "الفتح"(4/ 31).
(2)
المائدة: 95.
(3)
سألت شيخنا رحمه الله إِذا قتل المحرم صيداً ناسياً أو جاهلاً بالتحريم؛ فهل أنتم مع من يوجب عليه الجزاء؟
فأجاب: نعم.
الكتاب عليه في العمد. وأيضاً؛ فإِنَّ قتل الصيد إِتلاف، والإِتلاف مضمون في العمد وفي النسيان، لكن المتعمد مأثوم، والمخطئ غير ملوم.
وقوله: {فجزاءٌ مِثل ما قَتَل من النَّعَم} ، قرأ بعضهم بالإِضافة، وقرأ آخرون بعطفها: (فجزاءٌ مثلُ ما قتل من النَّعَم}، وحكى ابن جرير: أن ابن مسعود قرأها: "فجزاؤه مثل ما قتل من النعم".
وفي قوله: {فجزاءٌ مِثلُ ما قَتَل من النَّعَم} -على كل من القراءتين- دليل لما ذهب إِليه مالك والشافعي وأحمد والجمهور من وجوب الجزاء من مثل ما قتله المحرم، إِذا كان له مثل من الحيوان الإِنسي، خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله؛ حيث أوجب القيمة، سواءً كان الصيد المقتول مثليّاً أو غير مثليّ، قال: وهو مخير؛ إن شاء تصدق بثمنه، وإن شاء اشترى به هدياً.
والذي حكم به الصحابة في المِثْل أولى بالاتباع، فإِنهم حكموا في النعامة ببدنة، وفي بقرة الوحش ببقرة، وفي الغزال بعنز. وذِكْرُ قضايا الصحابة وأسانيدها مقررٌ في كتاب "الأحكام".
وأمّا إِذا لم يكن الصيد مثليّاً؛ فقد حكم ابن عباس فيه بثمنه يحمل إِلى مكة. رواه البيهقي.
وقوله: {يحكم به ذوا عدلٍ منكم} ؛ يعني: أنه يحكم بالجزاء -في المثل -أو بالقيمة - في غير المثل-: عدلان من المسلمين.
وقوله: {أو كفارةٌ طعام مساكين أو عدْل ذلك صياماً} ، أي: إِذا لم يجد المحرم مثل ما قتل من النعم، أو لم يكن الصيد المقتول من ذوات الأمثال، أو قلنا بالتخيير في هذا المقام بين الجزاء والإِطعام والصيام
…
لظاهر "أو"؛ فإِنها