الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله صلى الله عليه وسلم إِبراهيم، فقبّله وشمّه، ثمّ دخلنا عليه بعد ذلك؛ وإيراهيم يجود بنفسه (1)، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأنت يا رسول الله؟! فقال: يا ابن عوف! إنها رحمةٌ، ثمّ أتبعها بأخرى فقال صلى الله عليه وسلم: إِن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إِلا ما يُرْضِي ربّنا، وإِنّا بفِرَاقك يا إِبراهيم! لمحزونون" (2).
الخامس: عن عبد الله بن جعفر قال: "أمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم آل جعفر ثلاثة أن يأتيهم، ثمّ أتاهم فقال: لا تبكوا على أخي بعد اليوم"(3).
وإِن أحبّ أهله أن يَروه لم يُمنعوا
(4):
فقد تقدّم أن جابراً كشف الثوب عن وجه أبيه رضي الله عنهما وتقدّم، أيضاً حديث عائشة: "قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون وهو ميّت
…
".
ما يجب على أقارب الميت
ويجب على أقارب الميت حين يبلغهم خبر وفاته أمران:
= وأطلق عليه ذلك لأنه كان زوج المرضعة، وأصل الظئر مِن: ظأرت الناقة: إِذا عطفت على غير ولدها، فقيل ذلك للتي ترضع غير ولدها، وأطلق ذلك على زوجها؛ لأنّه يشاركها في تربيته غالباً. "الفتح".
(1)
أي: وهو في النَّزْع.
(2)
أخرجه البخاري: 1303، ومسلم:2315.
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3532)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(4823).
(4)
هذا العنوان من "المغني"(2/ 338).
الأول: الصبر والرّضا بالقدر.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "مرّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري، قالت: إِليك عنّي؛ فإِنّك لم تُصَبْ بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إِنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بَوَّابينَ، فقالت: لم أعرفك، فقال: إِنما الصبر عند الصدمة الأولى"(2).
والصبر على وفاة الأولاد له أجر عظيم، وقد جاء في ذلك أحاديثُ كثيرة؛ منها:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد؛ فيلجُ النار؛ إِلا تحِلَّةَ القسم (3) "(4).
2 -
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مُسلِمَين يموتُ
(1) البقرة: 155 - 157.
(2)
أخرجه البخاري: 1283، ومسلم:626.
(3)
قال الإِمام البغوي في "شرح السّنة"(5/ 451): "يريد: إِلا قدْر ما يَبَرُّ الله قسمه فيه، وهو قوله عز وجل: {وإِنْ منكم إِلا واردها} فإِذا مرّ بها وجاوزها؛ فقد أبرّ قسمه".
(4)
أخرجه البخاري: 1251، ومسلم:2632.
لهما ثلاثة من الولد -لم يبلغوا الحِنْث (1) - إلَاّ أدخلهم الله وأبويهم الجنة بفضل رحمته.
قال: ويكونون على بابٍ من أبواب الجنة، فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يجيء أبوانا، فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم بفضل رحمة الله" (2).
3 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أن النساء قلن للنّبيّ صلى الله عليه وسلم: "اجعل لنا يوماً، فوعظهن وقال: أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد؛ كانوا لها حجاباً من النار، قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان" (3).
الأمر الثاني -ممّا يجب على الأقارب-: الاسترجاع، وهو أن يقول:(إِنّا لله وإِنّا إِليه راجعون)؛ كما جاء في الآية المتقدّمة، ويزيدُ عليه قوله:"اللهم أْجُرْني في مُصيبتي، وأخلف لي خيراً منها"؛ لحديث أمّ سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم تُصيبه مُصيبة فيقول ما أمره الله: إِنّا لله وإنّا إِليه راجعون، اللهم أْجُرْني في مصيبتي، وأخلِف لي خيراً منها؛ إلَاّ أخلَف الله له خيراً منها.
قالت: فلمّا مات أبو سلمة قلت: أيُّ المسلمين خيرٌ من أبي سلمة؟! أوّل
(1) الحِنْث؛ أي: مبْلغ الرّجال، ويجري عليهم القلم، فيُكتب عليهم الحِنْث، وهو الإِثم، وقال الجوهري: بلغ الغُلام الحِنث؛ أي: المعصية والطاعة. "النهاية".
(2)
أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي"(1770)، والبيهقي وغيرهما عنه، وسنده صحيح على شرط الشيخين، كما في "أحكام الجنائز"(34).
(3)
أخرجه البخاري: 1249، ومسلم:2633.
بيتٍ هاجر إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم! ثمّ إِنّي قُلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت: أرسل إِليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ يخطُبني له، فقلت: إِنّ لي بنتاً وأنا غيور! فقال: "أمّا ابنتها؛ فندعو الله أنْ يُغْنيَها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة"(1).
ولا ينافي الصبرَ أن تمتنع المرأة من الزينة كُلِّها؛ حِداداً على وفاة ولدها أو غيره؛ إِذا لم تزد على ثلاثة أيام؛ إِلا على زوجها، فتُحِدُّ أربعة أشهر وعشراً؛ لحديث زينب بنت أبي سلمة قالت: "دخلتُ على أمَّ حبيبة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سُفيان بن حرب، فدَعت أمُّ حبيبة بطيبٍ فيه صُفرة - خلوق (2) أو غيره-، فدهنت منه جارية، ثمّ مسّت بعارضيها (3)، ثمّ قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة؛ غير أنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحلّ لامرأة تُؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميّتٍ فوق ثلاث ليالٍ؛ إِلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا.
قالت زينب: فدخلت على زينب ابنة جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب فمست منه، ثمّ قالت: أما والله ما لي بالطيب من حاجة؛ غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدّ على ميت فوق ثلاث ليال؛ إِلا على زوج؛ أربعة أشهر وعشراً" (4).
(1) أخرجه مسلم: 918.
(2)
خَلوق: طِيب مخلوط.
(3)
العارِضان: جانبا الوجه فوق الذّقن
…
"شرح الكرماني".
(4)
أخرجه البخاري: 5334، 5335.