المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أي أنواع النسك أفضل - الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة - جـ ٤

[حسين العوايشة]

فهرس الكتاب

- ‌[[الجنائز]]

- ‌فَضْلُ المَرَضِ:

- ‌شكوى المريض:

- ‌المريض يُكتب له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً:

- ‌عيادة المريض:

- ‌عيادة المُغْمَى عليه

- ‌قول العائد للمريض: كيف تَجِدُكَ

- ‌ما يجيب المريض:

- ‌أين يقعد العائد

- ‌عيادة النِّساءِ الرّجالَ

- ‌عيادة المشرك:

- ‌التداوي:

- ‌تحريم التداوي بمحرّم:

- ‌الطبيب المشرك

- ‌هل يداوي الرجل المرأة والمرأة الرجل

- ‌العلاج بالرُّقى:

- ‌تحريم التمائم:

- ‌التوقِّي من العدوى:

- ‌ذكر الموت والاستعداد له بالعمل:

- ‌فضل طول العمر مع حُسن العمل:

- ‌طلب الموت بالمدينة:

- ‌موت الفَجأة

- ‌أعمار أمّة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أجر شدّة الموت وسكراته:

- ‌ما يجب على المريض

- ‌تلقين المحتضر

- ‌ما على الحاضرين بعد موته

- ‌ما يجوز للحاضرين وغيرهم

- ‌وإِن أحبّ أهله أن يَروه لم يُمنعوا

- ‌ما يجب على أقارب الميت

- ‌ما يحرُم على أقارب الميت

- ‌1 - النياحة

- ‌2، 3 - ضرب الخدود وشق الجيوب

- ‌4 - حلق الشعر

- ‌5 - نَشْر الشّعر

- ‌النعي الجائز

- ‌غَسْلُ المَيِّتِ

- ‌حكمه:

- ‌كيفية غَسْلِ الميت:

- ‌ذِكْر مضمضة الميت واستنشاقه

- ‌ماذا إِذا مات رجل بين نساء، أو ماتت امرأة بين رجال

- ‌غسل الميت بخرقة:

- ‌ذِكْر عصْر بطن الميت

- ‌هل يغطّى وجه الميّت

- ‌ذِكر ترْك الأخذ من شعر الميت ومن أظفاره

- ‌التيمُّم للميّت عند فَقْدِ الماء:

- ‌يتولّى الغسلَ من كان أعرف بسُنّة الغسل:

- ‌الشهداء الذين يغسلون ويصلّى عليهم:

- ‌من جُرح في المعركة وعاش حياةً مستقرّة

- ‌هل يُغسل الكافر

- ‌الصبي الصغير تغسله المرأة:

- ‌ما عدد ما يُغسَل الجنب والحائض إِذا ماتا

- ‌إِذا خرج شيء من الميت بعد الغَسْلِ؛ فهل يعاد الغَسل

- ‌فوائد في غسل الميت:

- ‌تكفين الميت

- ‌حُكمه:

- ‌الكفن أو ثمنه مِن مال الميّت:

- ‌والحَنُوط وأُجرة القبر والغسل كذلك من مال الميت

- ‌ينبغي أن يكون الكفن طائلاً سابغاً ساتراً جميع بدنه:

- ‌ماذا إذا ضاق الكفَن

- ‌جواز تكفين الجماعة في الكفن الواحد عند الضرورة:

- ‌يدفن الشهيد في ثيابه التي قُتل فيها:

- ‌يُكفّن المُحرِم في ثوبيه الذين مات فيهما:

- ‌حَمْلُ الجنازةِ واتّباعُها

- ‌حُكم حمل الجنازة واتّباعها:

- ‌هل تتبع جنازة المشرك

- ‌فضل اتباع الجنازة:

- ‌لا يجوزأن تُتَّبَعَ الجنائز بما يخالف الشريعة:

- ‌الإِسراع في السير بها:

- ‌أين يكون الماشي والراكب من الجنازة

- ‌ما هو الأفضل

- ‌تحريم حمل الجنازة على عربة مخصصة لها ونحو ذلك:

- ‌نسْخ القيام للجنازة:

- ‌استحباب الوضوء لمن حمَلها:

- ‌الصلاة على الجنازة

- ‌شروطها

- ‌حُكمها:

- ‌عدم وجوب الصلاة على شخصين:

- ‌هلّ يُصلّى على الميت الذي كان لا يصلّي:

- ‌هل يُصلّى على العضو إِذا لم يُوجَدْ غيره

- ‌تحريم الصلاة والاستغفار والترحم على الكّفار والمنافقين:

- ‌هل يُصلّى على قتلى المسلمين إِذا اختلطوا بالمشركين

- ‌وجوب الجماعة في صلاة الجنازة:

- ‌أقل ما ورَد في انعقاد الجماعة:

- ‌انتفاع الميت بكثرة المصلين إِذا كانوا موحِّدين حقّاً:

- ‌صلاة النساء على الجنازة:

- ‌تسوية الصفوف في صلاة الجنازة:

- ‌من هو الأحقّ بالإمامة

- ‌ماذا إِذا اجتمعت جنائز مُتعدِّدة من الرجال والنساء

- ‌جواز الصلاة على كل جنازة على حِدَة:

- ‌جواز الصلاة على الجنازة في المسجد:

- ‌تفضيل الصلاة على الجنازة خارج المسجد:

- ‌تحريم الصلاة على الجنازة بين القبور:

- ‌يقف الإِمام وراء رأس الرجل، وَوَسَطِ المرأة:

- ‌كم يكبّر على الجنائز

- ‌هل يرفع يديه بعد التكبيرة الأولى

- ‌أين وكيف يضع يَدَيْهِ

- ‌عدم مشروعية دعاء الاستفتاح:

- ‌قراءة الفاتحة وسورة عقب التكبيرة الأولى:

- ‌الإِسرار في القراءة:

- ‌الصلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية:

- ‌يأتي ببقية التكبيرات ويخلص الدعاء للميت

- ‌الدعاء بالثابت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأدعية:

- ‌بماذا يُدعى للطّفل

- ‌كم تسليمةً يسلّم الإِمام

- ‌جواز الاقتصار على التسليمة الأولى:

- ‌الإِسرار في التسليم وإِسماع من يليه:

- ‌المسبوق في صلاة الجنازة:

- ‌التيمُّم للصلاة على الجنازة:

- ‌الدفن وتوابعه

- ‌إِذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد حيّ:

- ‌لا يُدْفَنُ المسلم مع الكافر، ولا الكافر مع المسلم:

- ‌الدفن في المقبرة:

- ‌يُدفن شهداء المعركة في مواطن استشهادهم:

- ‌الأوقات التي لا يجوز فيها الدفن:

- ‌جواز الدفن ليلاً عند الاضطرار

- ‌وجوب تعميق القبر وتوسيعه:

- ‌تفضيل اللحد على الشقّ:

- ‌في الحفّار يجد العظم؛ هل يتنكّب ذلك المكان

- ‌جواز دفن أكثر من واحد في القبر عند الضرورة:

- ‌بِدْعِيَّةُ الدفن الجماعي:

- ‌الرجال هم الذين يتولّون إِنزال الميت:

- ‌يجوز للزوج أن يتولى بنفسه دفْن زوجته:

- ‌لا يجوز لمن وطئ أهله تلك الليلة أن يتولّى الدفن:

- ‌أولياء الميت أحقّ بإِنزاله:

- ‌إِدخال الميت من مؤخّر القبر:

- ‌يوضع الميت على جنبه الأيمن ووجهه قُبالةَ القِبْلَة:

- ‌هل تحلُّ عقد الكفن

- ‌استحباب حَثْوِ ثلاث حَثَوات من التراب بعد سدّ اللحد:

- ‌ويُسنّ بعد الفراغ من دفنه أمور:

- ‌الاستغفار للميت والدعاء له بالتثبيت:

- ‌الموعظة عند القبر

- ‌استحباب جمع الموتى الأقارب في أماكن متجاورة

- ‌ضَمَّة القبر:

- ‌سؤال القبر وعذابه ونعيمه

- ‌هل يجوز نبش القبر

- ‌هل يُستحبّ للرجل حفْر قبره قبل موته

- ‌عدم مشروعية تلقين المقبور:

- ‌التعزية

- ‌مشروعية تعزية أهل الميت:

- ‌ماذا يقول عند التعزية

- ‌لا تُحدّ التعزية بثلاثة أيام:

- ‌ينبغي اجتناب أمرين، وإنْ تتابع الناس عليهما:

- ‌ما ينتفع به الميِّت

- ‌زيارة القبور

- ‌مشروعيّتها:

- ‌ما يقول إِذا زار القبور أو مرّ بها

- ‌جواز زيارةِ النساءِ القبورَ:

- ‌عدم جواز إِكثار النساء من زيارة القبور:

- ‌جواز زيارة من مات على غير الإِسلام للعبرة:

- ‌المقصود من زيارة القبور:

- ‌عدم مشروعية قراءة القرآن عند زيارة القبور:

- ‌جواز رفع اليدين عند الدعاء:

- ‌عدم استقبال القبور حين الدعاء:

- ‌عدم دخول مقابر الظالمين إِلا وهو يبكي:

- ‌لا يمشي منتعلاً بين قبور المسلمين:

- ‌تحريم وضع الرياحين والورود على القبور:

- ‌عدم وضع الجريدة على القبر:

- ‌نقْل الميت:

- ‌ما يحرم عند القبور

- ‌وهذا من أبين الأدلة الدالة على أنّ شركهم قد بلغ فوق شرك من قال:إِنّه -تعالى- ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة

- ‌تحريم جعْل المصاحف عند القبور للقراءة:

- ‌الحج

- ‌تعريفه:

- ‌فضله والترغيب فيه:

- ‌الحج جهادٌ لا شوكة فيه:

- ‌أجر الحاج والمعتمر على قدر نَصَبِهِ ونفقته:

- ‌من خرَج حاجّاً فمات:

- ‌وجوب الحجّ مرّة واحدة:

- ‌وجوبه على الَفْورِ:

- ‌حكمه:

- ‌على من يجب

- ‌بِمَ تتحقق الاستطاعة

- ‌حجّ الصبيّ والعبد:

- ‌وجوب اصطحابِ المرأةِ ذا مَحْرَمٍ:

- ‌استئذانُ المرأةِ زوجَها

- ‌من مات أو عجَز وعليه حجّ:

- ‌هل يوكّل في الحجّ غير الأبناء

- ‌اشتراط الحج عن الغير:

- ‌هل يحج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل

- ‌أخذ النفقة في الحجّ عن الميت:

- ‌ما الأفضل؛ الحجّ عن نفسه أو والده أم الصدقة

- ‌التكسُّب في الحجّ:

- ‌ما يقول إِذا ركب إِلى سفر الحج وغيره

- ‌ماذا يقول إِذا قَفَلَ من سفر الحج وغيره

- ‌حَجّة رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية جابر رضي الله عنه

- ‌المواقيت

- ‌المواقيت الزمانيّة:

- ‌المواقيت المكانية

- ‌الإِحرام قبل الميقات:

- ‌أنواع الإِحرام

- ‌أيّ أنواع النُّسك أفضل

- ‌باب ما جاء في التمتع:

- ‌من اعتمر بعد الحجّ بغير هدي

- ‌ليس لحاضري المسجد الحرام إِلاّ الإِفراد:

- ‌من هم حاضرو المسجد الحرام

- ‌أَيُّما أفضل للمكي؛ العمرة أم الطواف

- ‌القارن يطوف طوافاً واحداً ويسعى سعياً واحداً:

- ‌من لم يجد هدْياً:

- ‌متى يصوم الأيام الثلاثة

- ‌متى يبطل الحج بالجماع؟ وما جزاء الوطء

- ‌الدماء في الحجّ

- ‌1 - دم التمتع والقِران

- ‌2 - دم الفدية

- ‌3 - دم الجزاء

- ‌4 - دم الوطء

- ‌5 - دم الإِحصار

- ‌أثر ابن عباس رضي الله عنهما: من نسي من نسكه شيئاً أو تركه؛ فليهرِق دماً

- ‌الإِحصار

- ‌يذبح المحصر ما استيسر من الهدي:

- ‌مكان ذبْحها:

- ‌إِذا أخطأ العِدّة في الحج ولم يقم ببعض الأركان؛ فإِنه يُحلّ بعمرة وعليه الحج من قابل:

- ‌ما يُفعَل بالمحرم إِذا مات

- ‌جزاء قتْل الصّيد

- ‌ما قضى به النّبيّ صلى الله عليه وسلم والسلف في هذا المقام:

- ‌صيد الحرم وقطْع شجره، وهل في ذلك جزاءٌ أو قيمة

- ‌تحريم صيد حرم المدينة وقطع شجره:

- ‌ليس في قتْل صيد الحرم المدني ولا قطع شجره جزاء:

- ‌مَن وجد أحداً يقطع شجر المدينة فَلْيَسْلَبْهُ:

- ‌مكّة أحب أرض الله إلى الله -تعالى

- ‌جواز دخول مكّة بغير إِحرام

- ‌بين يدي الإِحرام

- ‌الإِحرام ونيّته:

- ‌ما يباح للمحرم

- ‌محظورات الإِحرام

- ‌التعرض للصيد

- ‌الأكل من الصيد

- ‌جواز حلق الرأس للمحرم إِذا كان به أذى، ووجوب الفدية عليه

- ‌أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالتمتع:

- ‌الاشتراط:

- ‌الصلاة بوادي العقيق:

- ‌استقبال القبلة قائماً:

- ‌التلبية

- ‌مشروعيتها:

- ‌حكمها:

- ‌لفظها:

- ‌رفع الصوت في التلبية:

- ‌تلبية النساء:

- ‌ماذا إِذا أطلق الإِحرام ولم يعيّنه

- ‌الاغتسال لدخول مكة:

- ‌تحريم المرور أمام المصلّي في الحرمين:

- ‌هل يلزم من يدخل البيت الحرام الطوافُ

- ‌فضل الطواف:

- ‌شروط الطواف

- ‌1 - الطهارة من الحَدَثين والنجاسة:

- ‌2 - سَتْر العورة:

- ‌3 - أن يكون سبعة أشواط كاملة:

- ‌4 - أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود، وينتهي إِليه، ويجعل البيت عن يساره:

- ‌5 - أن يكون الطواف خارج البيت

- ‌6 - الموالاة:

- ‌عدم مخالطة الرجال النساء في الطواف

- ‌هل يركب الطائف

- ‌استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها

- ‌حكمة الرَّمَلِ:

- ‌مشروعية التزام الملْتزم في الطواف

- ‌موضعه:

- ‌متى يلتزمه

- ‌صلاة ركعتين بعد الطَّواف:

- ‌جواز تأديتهما أوقات النهي:

- ‌إذا صلّى المكتوبة؛ هل تجزئه

- ‌إِذا وقف في الطواف

- ‌السعي بين الصفا والمروة:

- ‌حُكْمه:

- ‌أصل مشروعيته:

- ‌هل يشرع الركوب في السعي

- ‌السعي بين الميلين:

- ‌الرُّقِيُّ على الصفا والمروة والدعاء عليهما مع استقبال البيت:

- ‌ما يقوله الساعي بين الصفا والمروة:

- ‌الموالاة في السعي:

- ‌الإِهلال بالحج يوم التروية

- ‌التوجه إِلى منى

- ‌الانطلاق إِلى عرفة:

- ‌الوقوف بعرفة:

- ‌إِفطار الحاج يوم عرفة:

- ‌فضل يوم عرفة:

- ‌الوقوف بعرفة رُكن الحجِّ الأعظم:

- ‌الإِفاضة من عرفات إِلى المزدلفة:

- ‌المبيت بالمزدلفة وصلاة الفجر فيها:

- ‌حُكم ذلك:

- ‌فضل الوقوف في المشعر الحرام:

- ‌الرمي

- ‌مشروعيته:

- ‌وجوبه:

- ‌صفته:

- ‌الرفق في رمي الجمار وصفتها:

- ‌تأخير الرمي بعد الزوال ولو إِلى الليل:

- ‌جواز رميها راكباً:

- ‌فوائد في الرمي:

- ‌التحلل الأوّل:

- ‌الطِّيب بعد رمي الجمار

- ‌الذبح والنحر

- ‌لا يُعطى الجزّار الأجرة من الهدي:

- ‌من لم يجد هدياً:

- ‌الحلق أو التقصير:

- ‌طواف الإِفاضة

- ‌البيات في منى:

- ‌القيام والدعاء ورفع اليدين بعد الرمي أيام التشريق:

- ‌طواف الوداع

- ‌حُكمه:

- ‌خلاصة جامعة في الحجّ

- ‌العمرة المُفردَة

- ‌فضلها:

- ‌حكمها:

- ‌جوازها قبل الحجّ وفي أشهره:

- ‌فضل العمرة في رمضان:

- ‌عمرة التنعيم:

- ‌العمرة الرَّجَبِيَّة

- ‌العمرة عن الرجل الذي لا يستطيع

- ‌فضائل المدينة النبويّة

- ‌فضل الموت بالمدينة النبوية:

- ‌استحباب شدّ الرحال إِلى المساجد الثلاثة:

- ‌فضل الصلاة في المسجد النبوي:

- ‌فوائد متعلّقة بالمسجد النبوي الشريف:

- ‌فضل ما بين القبر والمنبر

- ‌لا يصح أن نقول: حرم المقدس أو حرم الخليل

- ‌استحباب إتيان مسجد قباء والصلاة فيه:

- ‌مشاركة حاضري المسجد الحرام في الجمع والقصر:

- ‌استحباب التعجيل إِلى الأهل:

الفصل: ‌أي أنواع النسك أفضل

‌أيّ أنواع النُّسك أفضل

؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة مذاهب، والراجح فيها نسك التمتع، كما هو مذهب الإِمام أحمد وغيره، بل ذهب بعض العلماء المحققين إِلى وجوبه إِذا لم يَسق معه الهدي، منهم ابن حزم وابن القيم؛ تبعاً لابن عباس وغيره من السلف (1).

قال شيخنا رحمه الله في "حجّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم"(ص 11): "لا شّك أنّ الحجّ كان -في أول استئنافه صلى الله عليه وسلم إِياه- جائزاً بأنواعه الثلاثة المتقدّمة، وكذلك كان أصحابه صلى الله عليه وسلم؛ منهم المتمتع، ومنهم القارن، ومنهم المفرد؛ لأنّه صلى الله عليه وسلم خيّرهم في ذلك كما في حديث عائشة رضي الله عنها: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أراد منكم أن يهلّ بحجّ وعُمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهلّ

" الحديث؛ رواه مسلم (2).

وكان هذا التخيير في أول إِحرامهم عند الشجرة (3)؛ كما في رواية لأحمد (6/ 245)، ولكن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يستمر على هذا التخيير، بل نَقَلهم إِلى ما هو أفضل؛ وهو التمتع، دون أن يعزم بذلك عليهم أو يأمرهم به، وذلك في مناسبات شتّى في طريقهم إِلى مكة.

فمن ذلك: حينما وصلوا إِلى (سَرِف)، وهو موضع قريب من التنعيم، وهو من مكة على نحو عشرة أميال، فقالت عائشة رضي الله عنها في رواية

(1) انظر "حجّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم"(ص 10) بتصرّف.

(2)

برقم: 1211.

(3)

أي: عند ذي الحليفة.

ص: 279

عنها:

" .. فنزلنا سَرِف، قالت: فخرج إِلى أصحابه فقال: من لم يكن منكم أهدى، فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه هدي فلا. قالت: فالآخذ بها والتارك لها من أصحابه [ممن لم يكن معه هدي]

" الحديث؛ متفق عليه، والزيادة لمسلم.

ومن ذلك لما وصل صلى الله عليه وسلم إِلى (ذي طُوى)، وهو موضع قريب من مكة، وبات بها، فلمّا صلّى الصّبح قال لهم:"من شاء أن يجعلها عمرة؛ فليجعلها عمرة" أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس.

ولكنّا رأيناه صلى الله عليه وسلم لما دخل مكّة وطاف هو وأصحابه طواف القدوم؛ لم يدَعْهم على الحكم السابق وهو الأفضلية؛ بل نقَلهم إِلى حُكم جديد وهو الوجوب؛ فإِنّه أمَر من كان لم يَسُق الهدي منهم أن يفسخ الحج إِلى عمرة ويتحلل، فقالت عائشة رضي الله عنها:

"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى إِلا أنّه الحج، فلما قدمنا مكة تطوَّفنا بالبيت، فأَمَر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدي أن يحل، قالت: فحل من لم يكن ساق الهدي، ونساؤه لم يسقن الهدي، فأحللن (1)." الحديث، متفق عليه. وعن ابن عباس نحوه بلفظ:

(1) في رواية عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمين فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "من كان معه هدي؛ فليُقم على إِحرامه، ومن لم يكن معه هدي فليحلل. قالت: ولم يكن معي هدي فأحللت، وكان مع الزبير هدى، فلم يَحِلَّ، فلبست ثيابي وجئت إِلى الزبير فقال: قومي عني، فقلت: أتخشى أن أثب عليك؟! أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2416).

ص: 280

"فأَمَرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله! أيّ الحلّ؟ قال: الحلّ كلّه"؛ متفق عليه. وفي حديث جابر نحوه وأوضح منه؛ كما يأتي فقرة (33 - 45)(1).

قلت [أي: شيخنا]: فمن تأملّ في هذه الأحاديث الصحيحة؛ تبيّن له - بياناً لا يشوبه ريب- أن التخيير الوارد فيها إِنما كان منه صلى الله عليه وسلم لإِعداد النفوس وتهيئتها؛ لتقبُّل حُكمٍ جديدٍ، قد يصعب ولو على البعض تقبّله بسهولة لأول وَهْلَةٍ، ألا وهو الأمر بفسخ الحج إِلى العمرة، لا سيّما وقد كانوا في الجاهلية كما هو ثابت في "الصحيحين" - يرون أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج، وهذا الرأي -وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أبطله باعتماره صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات في ثلاث سنوات كلها في شهر ذي القعدة-؛ فهذا وحده وإن كان كافياً في إِبطال تلك البدعة الجاهلية؛ فإِنه لا يكفي -والله أعلم- لإِعداد النفوس لتقبل الحكم الجديد، فلذلك مهّد له صلى الله عليه وسلم بتخييرهم بين الحج والعمرة مع بيان ما هو الأفضل لهم، ثمّ أتبع ذلك بالأمر الجازم بفسخ الحج والعمرة.

فإِذا عرفنا ذلك؛ فهذا الأمر للوجوب قطعاً، ويدل على ذلك الأمور الآتية:

الأول: أن الأصل فيه الوجوب إِلا لقرينة، ولا قرينة هنا، بل والقرينة هنا تؤكده، وهي الأمر التالي وهو:

الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم لما أمرهم تعاظم ذلك عندهم، كما تقدّم آنفاً، ولو لم يكن للوجوب لم يتعاظموه، ألم تر أنه صلى الله عليه وسلم قد أمرهم من قَبْلُ ثلاث مرات أَمْرَ تخيير، ومع ذلك لم يتعاظموه، فدل على أنهم فهموا من الأمر الوجوب، وهو

(1) انظر (ص 60) منه بعنوان "الأمر بفسخ الحجّ إِلى العمرة".

ص: 281

المقصود.

الثالث: أن في رواية في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " .. فدخل عليّ وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله! أدخله الله النار! قال: أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر؛ فإِذا هم يترددون؟! ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي معي حتى أشتريه، ثمّ أحل كما حلوا". رواه مسلم والبيهقي وأحمد (6/ 175).

ففي غضبه صلى الله عليه وسلم دليل واضح على أن أمره كان للوجوب، لا سيّما وأن غضبه صلى الله عليه وسلم إِنما كان لترددهم، لا من أجل امتناعهم من تنفيذ الأمر، وحاشاهم من ذلك، ولذلك حلوا جميعاً؛ إِلا من كان معه هدي كما يأتي في الفقرة (44)(1).

الرابع: قوله صلى الله عليه وسلم لما سألوه عن الفسخ الذي أمرهم به: ألعامنا هذا أم لأبد الأبد؟ فشبَّك صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في أخرى وقال: "دخَلَت العمرة في الحجّ إِلى يوم القيامة، لا بل لأبد أبد، لا بل لأبد أبد".

فهذا نص صريح على أن العمرة أصبحت جزءاً من الحج لا يتجزأ، وأن هذا الحكم ليس خاصّاً بالصحابة كما يظنّ البعض، بل هو مستمر إِلى الأبد.

[الخامس]: أن الأمر لو لم يكن للوجوب؛ لكفى أن ينفذه بعض الصحابة، فكيف وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكتفي بأمر الناس بالفسخ أمراً عامّاً، فهو تارة يأمر بذلك ابنته فاطمة رضي الله عنه كما يأتي (فقرة 48)(2)، وتارة

(1) انظر (ص 65) منه بعنوان "خطبته صلى الله عليه وسلم بتأكيد الفسخ وإطاعة الصحابة له".

(2)

انظر (ص 67) منه.

ص: 282

يأمر به أزواجه، كما في "الصحيحين" عن ابن عمر: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع، قالت حفصة: فقلت: ما يمنعك أن تحل؟ قال: "إِني لبَّدت رأسي

" الحديث. ولما جاءه أبو موسى من اليمن حاجّاً، قال له صلى الله عليه وسلم: "بم أهللت؟ ". قال: أهللت بإِهلال النّبيّ صلى الله عليه وسلم. قال: هل سقت من هدي؟ قال: لا، قال: "فطُفْ بالبيت وبالصفا والمروة، ثمّ حِلّ

" الحديث.

فهل هذا الحرص الشديد من النّبيّ صلى الله عليه وسلم على تبليغ أمره بالفسخ إِلى كل مكلف لا يدل على الوجوب؟ اللهم إِن الوجوب ليثبت بأدنى من هذا! انتهى.

وجاء (ص 19) منه: "وخلاصة القول: أن على كل من أراد الحج أن يلبي عند إِحرامه بالعمرة، ثمّ يتحلل منها بعد فراغه من السعي بين الصفا والمروة؛ بقص شعره، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة يحرم بالحج، فمن كان لبَّى بالقران أو الحج المفرد؛ فعليه أن يفسخ ذلك بالعمرة؛ إِطاعةً لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ والله عز وجل يقول:{من يُطع الرسول فقد أطاع الله} (1)، وعلى المتمتع بعد ذلك أن يقدم هدياً يوم النحر، أو في أيام التشريق، وهو من تمام النسك، وهو دم شُكْران وليس دم جُبْران، وهو -كما قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- بمنزلة الأضحية للمقيم، وهو من تمام عبادة هذا اليوم، فالنسك المشتمل على الدم بمنزلة العيد المشتمل على الأضحية، وهو من أفضل الأعمال، فقد جاء من طرق أن النّبيّ سئل: أي الأعمال أفضل؟ فقال: العجُّ (2) والثجّ (3)؛ وصححه

(1) النساء: 80.

(2)

رفْع الصوت بالتلبية.

(3)

الثجّ: سيلان دم الهدي والأضاحي. "النهاية".

ص: 283