الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذاقِنَتي (1)، فلا أكره شدة الموت لأحدٍ أبداً بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم" (2).
ما يجب على المريض
(3)
1 -
على المريض أنْ يرضى بقضاء الله، ويصبر على قَدَره، ويُحسن الظنَّ بربه، ذلك خير له.
فعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن، إِنّ أمره كلَّه خير، وليس ذاك لأحدٍ إلَاّ للمؤمن: إِنْ أصابته سرَّاءُ شكَر؛ فكان خيراً له، وإنْ أصابته ضرَّاءُ صبَر؛ فكان خيراً له"(4).
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يموتَنَّ أحدكم إِلا وهو يُحسن بالله الظنّ"(5).
2 -
وينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء؛ يخافُ عقاب الله على ذنوبه، ويرجو رحمة ربّه.
فعن أنس رضي الله عنه: "أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت، فقال: كيف تجدك؟ قال: أرجو الله يا رسول الله! وأخاف ذنوبي، فقال رسول
(1) الذاقنة: الذَّقَن، وقيل طرف الحُلقوم. وقيل: ما يناله الذَّقَن من الصَّدر. "النهاية".
(2)
أخرجه البخاري: 4446. وعند الترمذي وغيره: "لا أغبط أحداً بهون موت؛ بعد الذي رأيت من شدّة موت رسول الله صلى الله عليه وسلم". وصحّحه شيخنا رحمه الله في "مختصر الشمائل المحمدية"(رقم 325).
(3)
عن "أحكام الجنائز" لشيخنا الألباني رحمه الله بتصرّف.
(4)
أخرجه مسلم: 2999.
(5)
أخرجه مسلم: 2877.
الله صلى الله عليه وسلم: لا يجتمعان في قلب عبد في مِثل هذا الموطن؛ إِلا أعطاه الله ما يرجو، وآمَنَهُ مما يخاف" (1).
قال النووي رحمه الله (17/ 210): "قال العلماء: معنى حُسن الظنّ بالله -تعالى-: أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه، قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفاً راجياً، ويكونان سواءً.
وقيل: يكون الخوف أرجح، فإِذا دنت أمارات الموت؛ غلَّب الرجاءَ أو مَحَضَهُ؛ لأن مقصود الخوف الانفكاك عن المعاصي والقبائح، والحرصُ على الإِكثار من الطاعات والأعمال؛ وقد تعذر ذلك أو معظمه في هذا الحال، فاستحب إِحسان الظن المتضمن للافتقار إِلى الله -تعالى- والإِذعان له".
3 -
ومهما اشتد به المرض؛ فلا يجوز له أن يتمّنى الموت؛ لحديث أمّ الفضل رضي الله عنها: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليهم، وعباسٌ عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكي، فتمنّى عباسٌ الموتَ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا عمّ! لا تتمنَّ الموت؛ فإِنّك إِن كنت مُحسناً؛ فأنْ تُؤخّرَ -تزدادُ إِحساناً إِلى إِحسانك- خيرٌ لك، وإنْ كنت مسيئاً، فأن تُؤخرَ -فَتَسْتَعْتِبَ (2) من إِساءتك- خيرٌ لك، فلا تتمنَّ الموت" (3).
(1) أخرجه الترمذي وسنده حسن، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(3436) وغيرهما، وانظر "الصحيحة"(1051)، و"المشكاة"(1612).
(2)
أي: ترجع عن الإِساءة، وتطلب الرضا. "النهاية".
(3)
أخرجه أحمد، وأبو يعلى، والحاكم، وقال شيخنا رحمه الله في "أحكام الجنائز" (ص 12):" .. صحيح على شرط البخاري".
فإِن كان لا بدّ فاعلاً فلْيكل الأمر لله؛ لحديث أنس رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتمنَّيَنَّ أحدكم الموت لضُّرِّّ نزَل به، فإِنْ كان لا بُدّ متمنياً للموت؛ فليقل: اللهمّ أحْيني ما كانت الحياةُ خيراً لي، وتوفّني إِذا كانت الوفاةُ خيراً لي"(1).
4 -
ويجب عليه التوبة من ذنوبه والندم عليها؛ لعموم النصوص الآمرة بذلك، وهو أشد ما يكون احتياجاً لها في حاله هذه.
5 -
وإذا كان عليه حقوق؛ فليُؤدِّها إِلى أصحابها، إِنْ تيسَّر له ذلك؛ وإلا أوصى بذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم:"من كانت عنده مَظلِمَةٌ (2) لأخيه فَلْيتحلَّلْهُ منها؛ فإِنه ليس ثَمَّ دينارٌ ولا درهم، من قبل أن يُؤخذ لأخيه من حسناته، فإِن لم يكن له حسنات؛ أُخِذ من سيئات أخيه فطرِحت عليه"(3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المفلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع.
فقال: إِنّ المفلس من أُمّتي مَنْ يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعْطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإِنْ فَنِيَتْ حسناته قبل أن يقضى ما عليه؛ أُخِذَ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثمّ طُرح في النّار" (4).
(1) أخرجه البخاري: 6351، ومسلم:2680.
(2)
بفتح الميم وسكون الظاء المعجمة وكسر اللام؛ كما في "الفتح".
(3)
أخرجه البخاري: 2449، 6534.
(4)
أخرجه مسلم: 2581.
وعن جابر بن عبد الله: أنّه بلغه حديث عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فابتعت (1) بعيراً، فشددت إِليه رَحْلي شهراً، حتى قدمت الشام؛ فإِذا عبد الله بن أُنَيْس، فبعثت إِليه أنّ جابراً بالباب، فرجع الرسول فقال: جابر بن عبد الله؟ فقلت: نعم، فخرج فاعتنقني.
قلت: حديث بلغني لم أسمعه؛ خشيت أن أموت أو تموت، قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر الله العباد -أو النّاس- عراةً غُرْلاً (2) بُهماً (3) قلنا: ما بُهْماً؟ قال: ليس معهم شيء (4)، فيناديهم -بصوت يسمعه من بُعد (أحسبه قال) كما يسمعه من قُرْب-: أنا الملك، لا ينبغي لأحد من أهل الجنّة يدخل الجنّة وأحد من أهل النّار يطلبه بِمَظْلِمَةٍ، ولا ينبغي لأحد من أهل النار يدخل النّار وأحد من أهل الجنَّة يطلبه بمظلِمة".
قلت: وكيف؟ وإنمّا نأتي الله عراةً بُهماً؟! قال: "بالحسنات والسيئات"(5) " (6).
(1) أي: اشتريت.
(2)
غير مختونين.
(3)
بُهماً: جمع بهيم، وهو في الأصل: الذي لا يُخالط لونهُ لونٌ سواه، يعني: ليس فيهم شيء من العاهات والأعراض التي تكون في الدنيا؛ كالعمى والعوَر والعرج، وغير ذلك، وإنما هي أجسادٌ مُصحَّة لخلود الأبد في الجنة أو النار. "النهاية".
(4)
لا تعارض بين قوله: ليس معهم شيء وما تقدّم في "النهاية" في تفسير (بهماً)، فإِنّه يُحمل على عدم اصطحابهم أدنى شيء؛ حتى مُخالطة الألوانِ، والله أعلم.
(5)
أي: القصاص. وانظر للمزيد -إِن شئت- كتابي "شرح صحيح الأدب المفرد"(746).
(6)
أخرجه أحمد، والبخاري في "الأدب المفرد""صحيح الأدب المفرد"(746) =
وقال صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه ديْنٌ؛ فليس ثَمّ دينار ولا درهم، ولكنّها الحسنات والسيئات"(1).
وفي لفظ: "الدَّين دَيْنان: فمن مات وهو ينوي قضاءه؛ فأنا وليُّه، ومن مات وهو لا ينوي قضاءه؛ فذاك الذي يؤخذ من حسناته، ليس يومئذ دينارٌ ولا درهم"(2).
وقال جابر بن عبد الله: "لَمّا حضر أُحد؛ دعاني أبي من الليل، فقال: ما أُراني إِلا مقتولاً في أول من يُقتل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعزَّ علي منك؛ غيرَ نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن عَلَيَّ ديناً فاقضِ، واستوصِ بأخواتك خيراً، فأصبحنا، فكان أوَّلَ قتيل
…
" الحديث (3).
6 -
ولا بُدّ من الاستعجال بمثل هذه الوصية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما حقُّ امرئٍ مسلم له شيء يوصي فيه؛ يبيت ثلاث ليال إلَاّ ووصّيته عنده مكتوبة.
قال عبد الله بن عمر: ما مرّت عليّ ليلةٌ - منذ سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
= وإسناده حسن، وعلّقه البخاري في (كتاب العلم):"باب الخروج في طلب العلم"، وانظر "السنة"(514) لابن أبي عاصم، و"الصحيحة"(1/ 301)، و (3251).
(1)
أخرجه الحاكم -والسّياق له- وابن ماجه، وأحمد من طريقين عن ابن عمر، والأول صحيح، كما قال الحاكم ووافقه الذهبي، والثاني حسن، كما قال المنذري.
(2)
أخرجه الطبراني في "الكبير"، وهو صحيح بما قبله، وانظر "أحكام الجنائز"(ص 13).
(3)
أخرجه البخاري: 1351.
ذلك- إِلا وعندي وصيّتي" (1).
جاء في "الروضة الندية"(1/ 405): "ويتخلّص عن كلّ ما عليه، ووجوب ذلك معلوم، وإذا أمكن بإِرجاع كل شيء لمن هو له؛ من دين أو وديعة أو غصب أو غير ذلك فهو الواجب، وإن لم يكن في الحال؛ فالوصية المفصَّلة هي أقل ما يجب، وورد الأمر بالوصية وأنّه لا يحل لأحد أن يبيت إِلا ووصيته عند رأسه؛ كما في الأحاديث الصحيحة"(2).
7 -
ويجب أن يوصيَ لأقربائه الذين لا يرثون منه؛ لقوله تبارك وتعالى: {كُتِب عليكم إِذا حَضَرَ أحدَكم الموتُ إِنْ ترك خيراً الوصيةُ للوالدَين والأقربين بالمعروف حقّاً على المتقين} (3).
8 -
وله أن يوصي بالثُّلث من ماله، ولا يجوز الزيادة عليه، بل الأفضل أن يَنْقُصَ منه؛ لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعودني عام حجّة الوداع من وجع اشتدّ بي، فقلت: إِني قد بلغ بي من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إِلا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي؟ قال: لا. فقلت بالشطر (4)؟ فقال: لا. ثم قال: الثُّلثُ؛ والثلث كبير -أو كثير-! إِنك أن تَذَرَ ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالةً (5) يتكفّفون النّاس (6)، وإنك لن تُنفق
(1) أخرجه البخاري: 2738، ومسلم: 1627 - وهذا لفظه-.
(2)
يشير إلى مثِل حديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدّم.
(3)
البقرة: 180.
(4)
أي: النّصف.
(5)
العالة: الفقراء.
(6)
أي: يسألون الناس في أكفهم. "شرح النووي".
نفقةً -تبتغي بها وجه الله- إِلا أُجرت بها، حتى ما تجعل في فِيِّ (1) امرأتك، فقلت: يا رسول الله! أُخَلَّفُ (2) بعد أصحابي؟ قال: إِنك لن تخلّف فتعملَ عملاً صالحاً؛ إِلا ازددت به درجة ورفعة، ثمّ لعلك أن تُخلّف حتى ينتفع بك أقوام ويُضَرَّ بك آخرون.
اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردَّهم على أعقابهم، لكن البائس سعد ابن خَوْلة! يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنْ مات بمكة" (3).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "وَدِدْتُ أنّ الناس غضُّوا من الثُّلث إِلى الربع في الوصيّة؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الثلثُ كثير"(4).
9 -
ويُشْهِد على ذلك رجلين عَدْلين مسلمين، فإِنْ لم يوجدا؛ فرجلين من غير المسلمين، على أن يستوثق منهما عند الشك بشهادتهما؛ حسبما جاء بيانه في قول الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادةُ بينكم إِذا حضر أحدَكم الموتُ حين الوصيةِ اثنان ذوا عدلٍ منكم أو آخران من غيركم إِنْ أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيُقسمان بالله إِن ارتبتم لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكْتُمُ شهادةَ اللهِ إِنّا إِذاً لمن الآثمين * فإِنْ عُثر على أنّهما استحقا إثماً (5)
(1) أي: في فمها.
(2)
أي: أُخلّف بمكّة.
(3)
أخرجه البخاري: 1295، ومسلم:1628.
(4)
أخرجه البخاري: 2743، ومسلم:1629.
(5)
قال شيخنا رحمه الله في "أحكام الجنائز"(ص 15): "أي: فإِن اتّفق الاطّلاع =
فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأَوْلَيَان فيُقسمان بالله لَشَهَادتُنا أحقُّ مِنْ شَهَادتهما وما اعتدينا إِنّا إِذاً لمن الظَّالمين * ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن تُرَدَّ أيمْانٌ بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين (1)} " (2).
10 -
وأما الوصية للوالدين والأقرَبين الذين يرثون من الموصي؛ فلا تجوز؛ لأنها منسوخة بآية الميراث، وبيّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أتمَّ البيان في خطبته في حجة الوداع؟ فقال:"إِنّ الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث"(3).
11 -
ويحرُمُ الإِضرار في الوصية، كأنْ يوصيَ بحرمان بعض الورثة من حقّهم من الإِرث، أو يُفضّل بعضهم على بعض فيه؛ لقوله تبارك وتعالى: {للرّجال نصيب مّما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيبٌ مما ترك
= على أنّ الشاهدين المقسِمَين استحقا إِثماً بالكذب والكتمان في الشهادة، أو بالخيانة وكتمان شيء من التركة في حالة ائتمانهما عليها؛ فالواجب -أو فالذي يُعمل لإحقاق الحقّ - هو أن تردّ اليمين إِلى الورثة؛ بأن يقوم رجلان آخران مقامهما من أولياء الميت الوارثين له، الذين استُحقّ ذلك الأِثمُ بالإِجرام عليهم والخيانة لهم. كذا في "تفسير المنار"، وراجع تمام البحث فيه (7/ 222) ".
(1)
المائدة: 106 - 108.
(2)
قال شيخنا رحمه الله في "أحكام الجنائز"(ص 15): "فالناسخ إِنما هو القرآن، والسُّنّة إِنما هي مبينة لذلك كما ذكرنا، وكما هو واضح من خطبته صلى الله عليه وسلم؛ خلافاً لما يظنُّه كثيرون أن الحديث هو الناسخ".
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2494) والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(1721)، والبيهقي، وأشار لتقويته، وانظر "أحكام الجنائز"(ص 15).
الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثُر نصيباً مفروضاً} (1).
وفي الأخيرة منها: {من بعد وصيّةٍ يُوصَى بها أو دَيْنٍ غير مُضَارٍّ وصيّةً من الله والله عليم حليم} (2).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار، من ضارَّ ضارَّه الله، ومن شاقَّ شاقَّه الله"(3).
12 -
والوصيّة الجائرة باطلة مردودة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ"(4).
ولحديث عمران بن حُصَيْن: "أنّ رجلاً أعتق عند موته ستة رَجْلَةٍ (5)[لم يكن له مال غيرهم] فجاء ورثته من الأعراب، فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنع.
قال: أَوَ فَعَلَ ذلك؟! قال: لو علمْنا إِن شاء الله ما صلّينا عليه قال: فأقرع بينهم؛ فأعتق منهم اثنين (6)، وردَّ أربعةً في الرِّق" (7).
(1) النساء: 7.
(2)
النساء: 12.
(3)
أخرجه الدارقطني، والحاكم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري؛ وحسّنه شيخنا رحمه الله في "أحكام الجنائز"(ص 16)، وانظر "الإِرواء"(896).
(4)
أخرجه البخاري: 2697، ومسلم:1718.
(5)
جمع رجل.
(6)
يلاحظ أنّ الإِعتاق يساوي الثلث.
(7)
أخرجه أحمد، ومسلم: 1668 بنحوه، وانظر "أحكام الجنائز"(ص 17).
13 -
ولمَّا كان الغالبُ على كثير من الناس في هذا الزمان الابتداعَ في دينهم - ولا سيّما فيما يتعلّق بالجنائز- كان من الواجب أن يوصي المسلم بأن يجهَّز ويُدفن على السنة؛ عملاً بقوله -تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً وَقودها النّاس والحجارة عليها ملائكة غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرَهم ويفعلون ما يُؤمرون} (1).
ولذلك كان أصحاب رسول الله يوصون بذلك، والآثار عنهم بما ذكرنا كثيرة، فلا بأس من الاقتصار على بعضها:
أ- عن عامر بن سعد بن أبي وقاص: أنّ أباه قال في مرضه الذي هلك فيه: "ألْحِدُوا (2) لي لحداً، وانْصِبوا عليَّ اللّبن نصباً، كما صُنِعَ برسول الله صلى الله عليه وسلم"(3).
ب- عن أبي بُرْدَةَ قال: "أوصى أبو موسى رضي الله عنه حين حضره الموت قال: إِذا انطلقتم بجنازتي؛ فأسرعوا بي المشي، ولا تُتْبِعوني بمِجمَر (4)، ولا تجعلُنَّ على لحدي شيئاً يحول بيني وبين التراب، ولا تجعلُنًّ على قبري بناءً، وأُشهدكم أني بريء من كل حالقةٍ، أو سالقة (5)، أو خارقة (6)!، قالوا: سمعت
(1) التحريم: 6.
(2)
اللحد: هو الشق تحت الجانب القبلي من القبر. "شرح النووي".
(3)
أخرجه مسلم: 966.
(4)
هو الذي يوضع فيه النّار للبَخُور. "النهاية".
(5)
هي التي ترفع صوتها عند المصيبة.
(6)
أي: شاقّة وممزقة.