الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم قال الصفدى: وهذا هو الإنصاف فقد سمعت أنا وغير واحد غير مرة من الشيخ أثير الدين الطعن البالغ والازراء التام على الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد وهو شئ خلاف الإِجماع لصورة كانت بينهما. ا. هـ
(1)
.
صفات ابن منده
من خلال دراستنا لحياة ابن منده نستطيع أن نترسم صفاته وأنهم صفات العالم الربانى الصابر الدؤوب المثابر الشجاع، الزاهد فى هذه الدنيا المقبل على العلم وتتبع أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم الراغب فيما عند الله مع العفة والكفاف. الداعى لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. المتوكل على الله الغيور على من زاغ عن السنة مع قوة الثقة بالله تعالى، فنراه لايجامل أحداً إذا خالف الحق الذى اعتقده ابن منده، فهو الشديد على المبتدعين، وكذلك الذكى المدرك لمعانى كتاب الله.
وإذا استعرضنا ما قاله المؤرخون فى صفات ابن منده عرفنا انطباق هذه الصفات على شخصية ابن منده.
روى يحيى بن منده فى «تاريخه» عن أبيه وعمه أن أبا عبد الله قال: ما افتصدت قط، ولا شربت دواء قط، وما قبلت من أحد شيئاً قط
(2)
.
قلت: وقد مر بنا أنه كان فى شبابه فى رحلاته بطلبه الحديث ولم يتزوج إلا فى عشر السبعين. عندما رجع إلى وطنه شيخاً ومعه أربعون حملاً من الكتب، فجلس فى وطنه أصبهان للإِملاء.
قال يحيى بن عبد الوهاب: كنت مع عمى عبيدالله فى طريق نيسابور فلما بلغنا بئر مجنّه. قال عمى: كنت ها هنا مرة، فعرض لى شيخ جمّال، فقال: كنت قافلا
(1)
الوافى بالوفيات 191/ 2.
(2)
سير أعلام النبلاء 38/ 17.
من خراسان مع أبى، فلما وصلنا إلى ها هنا إذا نحن بأربعين وقرا من الأحمال، فظننا أنها منسوج الثياب، وإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، فإذا هو والدك، فسأله بعضنا عن تلك الأحمال فقال: هذا متاع قل من يرغب فيه فى هذا الزمان هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
وقال أبو على الحافظ: بنو منده أعلام الحفاظ فى الدنيا قديماً وحديثاً ألا ترون إلى قريحة أبى عبد الله
(2)
.
وقال الذهبى: وكان من دعاة السنة وحفاظ الأثر
(3)
.
وكان أبو عبد الله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده.
وكان من شدته ربما اختفى أبونعيم خوفاً من سطوته.
وقال عبد الرحمن بن منده: سمعت محمد بن عبيدالله الطبرانى يقول: قمت يوماً فى مجلس والدك رحمه الله، فقلت: أيها الشيخ، فينا جماعة ممن يدخل على هذا المشؤوم - أعنى أبا نعيم الأشعرى - فقال: أخرجوهم: فأخرجنا من المجلس فلاناً وفلانا، ثم قال: على الداخل عليهم حرج أن يدخل مجلسنا، أو يسمع منا، أو يروى عنها، فإن فعل فليس هو منا فى حلّ.
قال الذهبى: ربما آل الآمر بالمعروف بصاحبه إلى الغضب والحدة فيقع فى الهجران المحرّم، وربما أفضى التفكير والسعى فى الدم، وقد كان أبوعبدالله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده، وشغب على أحمد بن عبد الله الحافظ - أى أبى نعيم - بحيث أن أحمد اختفى
(4)
.
(1)
سير أعلام النبلاء 37/ 17.
(2)
تذكرة الحفاظ 1033/ 3.
(3)
ميزان الاعتدال 479/ 3.
(4)
سير أعلام النبلاء 41/ 17.