الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الآيات المتلوة والسنن المأثورة
فى المكر
قال الله عز وجل: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ} [الأعراف:
99].
وقال: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً} [النمل: 50].
(1 - 903) أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب
(1)
، ثنا محمد بن سليمان بن الحارث، ثنا أبو نعيم الملائى، ثنا مسعر بن كدام، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن أبى الطفيل
(2)
، قال: قال عبد الله بن مسعود الكبائر الشرك بالله والقنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله
(3)
.
(2 - 904) أخبرنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل
(4)
، ثنا أحمد بن منصور الرمادى، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر بن راشد، عن أبى إسحاق، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن أبى الطفيل، عن ابن مسعود أنه قال: «الكباثر الشرك بالله، والأمن من مكر الله
(5)
، ..
(1)
ابن إسحاق بن أيوب بن يزيد النيسابورى الصيفى، تقدمت ترجمته.
(2)
وبرة بن عبد الرحمن، وبرة بالموحدة المحركة ابن عبد الرحمن المسلمى، بضم أوله، وسكون المهملة، بعدها لام، أبو خزيمة، أو أبو العباس الكوفى، ثقة، من الرابعة، مات سنة عشرة «التقريب» (7397).
(3)
تخريجه، رواه الطبرانى فى «الكبير» (8783 - 8785)، وعبدالرزاق (459/ 10، 460)، وصححه ابن كثير فى «التفسير» (484/ 1)، والهيثمى فى «المجمع» (104/ 1).
(4)
أبو على الصفار، سبقت ترجمته.
(5)
مكر: مكر الله: إيقاع بلائه بأعدائه دون أوليائه.
وقيل: هو استدراج العبد بالطاعات، فيتوهم أنها مقبولة، وهى مردودة «نهاية» (349/ 4).
قال ابن كثير فى تفسير قوله عز وجل: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ أى: بأسه، ونقمته، وقدرته عليهم، وأخذه إياهم فى حال سهوهم، وغفَلتهم، «تفسير ابن كثير» (234/ 2).
والقنوط
(1)
من رحمة الله، واليأس
(2)
من روح الله عز وجل»
(3)
.
(1)
القنوط: هو أشد اليأس من الشئ. «نهاية» (113/ 4).
(2)
واليأس: ضد الرجاء. «نهاية» (291/ 5).
(3)
فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
إن الله عز وجل لا يوصف بالمكر مطلقاً، دون تقييد، وقد أحسن المؤلف حيث قال الآيات المتلوة (والسق المأثورة فى المكر) ولم يقل أن الله يوصف بالمكر مطلقَا، قال صاحب معارج القبول: «واعلم أنه قد ورد فى القرآن أفعال أطلقها الله عز وجل على نفسه على سبيل الجزاء العدل والمقابلة، وهى فيما سبقت فيه مدح وكمال، لكن لا يجوز أن يشتق له تعالى منها أسماء، ولا تطلِق عليه فى غير ما سبقت فيه من الآيات، كقوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ، وقوله: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ، وقوله تعالى: نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ، وقوله تعَالى: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ * اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة: 14، 15]، ونحو ذلك، فلا يجوز أن بطلق على الله تعالى مخادع، ماكر، ناس، مستهزئ
…
ونحو ذلك مما يتعالى الله عنه، ولا يقال: الله يستهزئ، ويخادع، ويمكر، وينسى، على سبيل الإطلاق، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى: «إن الله تعالى لم يصف نفسه بالكيد، والمكر، والخداع والاستهزاء مطلقاً، ولا ذلك داخل فى أسمائه الحسنى .. » فإن هذه الأفعال ليست ممدوحة مطلقاً، بل تمدح فى موضع، وتذم فى موضع، فلا يجوز إطلاق أفعالها على الله تعالى مطلقا، فلا يقال: إنه تعالى يمكر ويخدع ويستهزئ ويكيد، فكذلك بطريق الأولى لا يشتق له منها أسماء يسمى بها بل إذا كان لم يأت فى أسمائه الحسنى المريد والمتكلم، ولا الفاعل، ولا الصانع؛ لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم، وإنما يوصف بالأنواع المحمودة منها كالحليم والحكيم والعزيز والفعال لما يريد، فكيف يكون منها الماكر والمخادع والمستهزئ.
والمقصود أن الله سبحانه وتعالى لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق، وقد علم أن المجازاة على ذلك حسنة من المخلوق، فكيف من الخالق سبحانه وتعالى» اه «المعارج» (76/ 1 - 77)، وراجع تفصيل ذلك فى «مختصر الصواعق» (30/ 2 - 35).
الفائدة الثانية:
وقال فى «شرح الطحاوية» (قال أبو على الروذبارى رحمه الله: الخوف والرجاء كجناحى الطائر؛ إذا استويا استوى الطائر فى حد الموت، وقد مدح الله أهل الخوف والرجاء بقوله:
أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ أالزمر: 9] الآية، وقال:
تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً [السجَدة: 16] الآية، فالرجاء -