الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما يدل على أن الله عز وجل يعرض
عن ما يكره ولا ينظر إليه
قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} آل عمران:
77] الآية.
(27 - 484) أخبرنا خثيمة بن سليمان، ومحمد بن عمر الطوسى، قالا: ثنا أبو قلابة الرقاشى، ثنا وهب بن جريرح.
وأخبرنا عبد الله بن أحمد
(1)
، ثنا يونس، ثنا أبو داود، واللفظ له، قالا: ثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبى وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: من حلف على يمين؛ ليقطع بها مال أخيه؛ لقى الله عز وجل، وهو عليه غضبان، فقال الأشعث ابن قيس: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن فأخبرناه، فقال: صدق، فى نزلت، خاصمت رجلاً إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى بئر، فنزلت:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً}
(2)
الآية [آل عمران: 77].
(1)
هو البزار، سبق ترجمته.
(2)
تخريجه: رواه البخارى (2356)، وفى غير موضع فى «الصحيح» ، ومسلم (220).
صبر: وفى حديث «من حلف على يمين صبر» ، أى: ألزم عليها، وحبس عليها، وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم، وقيل لها: مصبورة، وإن كان صاحبها فى الحقيقة هو المصبور؛ لأنه إنما صبر من أجلها، أى: حبس فوصفت بالصبر، وأضيفت إليه مجازاً «النهاية» (8/ 3)، ورد لهذه الآية سبب نزول آخر، ذكره البخارى وغيره.
عن عبد الله بن أبى أوفى قال: «إنّ رجلاً أقام سلعة فى السوقِ، فحلف فيها لقد أعطى بها ما لمٍ يعطه، ليوقع فيها رجلاً من المسلمين، فنزلت: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً الآية» .
قال ابن حجر: «لا منافاة بينهما، ويحمل على أن النزول كان بالسببين جميعاً، ولفظ الآية أعم من ذلك
…
وذكر الطبرى من طريق عكرمة، أن الآية نزلت فى حيى بن أخطب، وكعب بن الأشرف وغيرهم من اليهود الذين كتموا ما انزل الله فى التوراة من شأن النبى صلى الله عليه وسلم -
(28 - 485) أخبرنا خيثمة بن سليمالن، ومحمد بن عمرو الطوسى، قالا: ثنا أبو قلابة الرقاشى، ثنا وهب بن جريرح.
وأخبرنا عبد الله بن أحمد، ثنا يوذس بن خالد، هذا حديث مشهور عن شعبة، ورواه ابن أبى عبدى، عن شعبة، عن منصور، والأعمش نحوه، ورواه جرير وورقاء، عن منصور
(1)
.
(29 - 486) أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، ومحمد بن حمزة، قالا: ثنا يونس، ثنا أبو داود، ثنا ورقاء، عن منصور، عن أبى وائل، عن عبد الله قال: من حلف على يمين صبراً ليستحق بها مالا.
(30 - 487) وأخبرنا على بن الحسن
(2)
، وعلى بن إسحاق، قالا: ثنا محمد ابن غالب، ثنا عبد الصمد، ثنا ورقاء، عن منصور، عن شقيق، عن ابن مسعود، قال: من حلف يمين صبر يستحق به مالا هو فيها فاجر لقى الله عز وجل وهو عليه غضبان، وخرج الأشعث من القصر فقال: صدق أبو عبد الرحمن فى أنزلت، كان بينى
= وقالوا - وحلفوا: أنه من عند الله، وقصّ الكلبى فى تفسيره فى ذلك قصة طويلة هى محتملة أيضَا، ولكن المعتمد فى ذلك ما ثبت فى «الصحيح» «الفتح» (213/ 8)، وراجع لباب النقول للسيوطى (ص 54).
قال ابن حجر: « .. وفى رواية أبى معاوية: كان بينى وبين رجل من اليهود أرض، فجحدنى
…
ولا منافاة بين قوله: ابن عم لى، وبين قوله: من اليهود؛ لأن جماعة من اليمن كانوا تهودوا، فلما غلب يوسف ذو نواس على اليمن، فطرد عنها الحبشة، فجاء الاسلام وهم على ذلك، وقد ذكر ذلك ابن إسحاق فى أوائل السيرة النبوية مبسوطاً
اسم ابن عمه المذكور الخفشيش بن معدان بن معد يكرب» «الفتح» (560/ 11).
(1)
تخريجه، رواه البخارى (7183) الأحكام (باب الحكم فى البئر ونحوها) عن منصور والأعمش.
(2)
الإمام الحافظ، محدث حران، أبو الحسن، على بن الحسن بن علان الحرانى، صاحب «تاريخ الجزيرة» ، سمع أبا يعلى الموصلى، ومحمد بن جرير .. جمع فأوعى. حدث عنه أبو عبد الله بن منده، وتمام الرازى، وآخرون. قال عبد العزيز الكتانى، كان ثقة حافظاً نبيلاً، توفى 355 «سير» (20/ 17 - 21)، «شذرات الذهب» (17/ 3).
وبين رجل من عشيرتى حق فى بئر فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «لا يحلف رجل على يمين فيستحق بها مالا هو فيها فاجر إلا لقى الله عز وجل، وهو عليه غضبان» وأنزل الله عز وجل تصديق ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً}
(1)
الآية.
(31 - 488) أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب، وعلى بن محمد بن نصر، قالا: ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدى.
وأحْبرنا محمد بن يعقوب الشيبانى، ثنا إبراهيم بن أبى طالب، ثنا محمد بن يحيى بن أبى عمر قالا: ثنا سفيان، عن جامع بن أبى راشد
(2)
، وعبدالملك
(3)
بن أعين، سمع شقيق بن سلمة يقول: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حلف على مال امرئ مسلم بغير حقه لقى الله عز وجل عليه غضبان» ، وقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ} الآية
(4)
.
(32 - 489) أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مروان
(5)
، ثنا زكريا بن يحيى بن إياس
(6)
ثنا محمد بن حاتم الزمى
(7)
، ثنا إسماعيل بن سميع
(8)
، ثنا عبد الملك بن
(1)
تخريجه، رواه البخارى (2515، 2516)، وفى غير موضع، ومسلم (221).
(2)
جامع بن راشد الكاهلى الصيرفى الكوفى، ثقة «التهذيب» (49/ 2).
(3)
عبد الملك بن أعين الكوفى، مولى بنى شيبان، صدوق شيعى له فى الصحيحيين حديث واحد، متابعه من السابعة «التقريب: 4164».
(4)
تخريجه: رواه مسلم (138)(222) الأيمان (باب وعيد من اقتطع حق مسلم .. )، أخرجه المؤلف بنفس سند مسلم.
(5)
محمد بن إبراهيم بن مروان: أبو عبد الله، قالى الكتانى: ثقة مأمون، مات سنة 358، راجع ص 20.
(6)
زكريا بن يحيى بن إياس بن سلمة السجزى أبو عبد الرحمن: ثقة حافظ، مات سنة تسع وثمانين ومائتين/س «تقريب» (262/ 1).
(7)
محمد بن حاتم الزمى: الخرسانى، ثقة، من العاشرة، مات سنة ست وأربعين/ن س «تقريب» (151/ 2).
(8)
إسماعيل بن سميع: الحنفى، أبو محمد الوكفى البياع، السابرى، صدوق تكلم فيه لبدعة الخوارج من الرابعة/م دس، «تقريب» (70/ 1).
أعين
(1)
، عن أبى وائل
(2)
، سمعت عبد الله بن مسعود يقول: «نزلت هذه الآية، فلم ينسخها شئ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ} الآية، رواه المحاربى وغيره عن ابن
(3)
سميع.
(33 - 490) أخبرنا محمد بن يعقوب الشيبانى، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا مسدد، ثنا أبو الأحوص (سلام بن سليم)، عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل بن حجر الحضرمى، عن أبيه، قال: جاء رجل من حضرموت، ورجل من كندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الحضرمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا غلبنى على أرض كانت لى، فقال الكندى هى أرضى فى يدى أزرعها ليس له فيها حق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحضرمى «ألك بينة؟» قال: لا. قال: لك يمينه، فقلت: يا رسول الله! ليس لى بينة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:«فأحلفه» ، قال: إنه ليس له يمين، فقال:«ليس لك منه إلا ذلك» ، فانطلق ليحلفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أما إنه إن حلف على مالك ظلماً؛ ليأكله؛ لقى الله عز وجل وهو عنه معرض»
(4)
رواه جماعة عن أبى الأحوص، ورواه أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن علقمة، عن أبيه قال:«وهو عليه غضبان»
(4)
.
(34 - 491) أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، وعبدالله بن إبراهيم، قالا: ثنا أحمد بن الفرات، أخبرنا الحسين بن على الجعفى، قال: سمعت جعفر بن برقان
(1)
عبد الملك بن أعين: الكوفى، مولى بنى شيبان، صدوق، شيعى، له فى الصحيحيين حديث واحد متابعة، من السادسة/ع، «تقريب» (517/ 1).
(2)
أبو وائل: شقيق بن سلمة الأسدى، الكوفى، ثقة، مخضرم، مات فى خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مائة سنة/ع، «تقريب» (354/ 1).
فالحديث حسن لقصور درجة إسماعيل بن سميع، وعبدالملك بن أعين، عن درجة الثقات، والله أعلم.
(3)
تخريجه، راجع الايمان لابن منده (573، 574)، رواه بطريقين عن إسماعيل بن سميع، عن مسلم البطين، وعبدالملك بن أعين. والنسائى فى الكبرى (5992).
(4)
تخريجه، رواه مسلم (139)، وابن منده فى الايمان (580).
يحدث عن ثابت بن الحجاج
(1)
، عن أبى بردة بن أبى موسى، عن أبيه، أن رجلين اختصما إلى النبى صلى الله عليه وسلم أحدهما من حضرموت، فلم يكن للمدعى بينة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم للمدعى عليه:«أحلفه؟» فقال الآخر: ما له يمين إذَا، يقطع أرضى بيمينه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:«بل إن حلف كاذباً كان ممن لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم» ، رواه مسكين بن بكير وغيره عن جعفر، وثابت بن الحجاج جزرى مشهور، وهذا من رسم النسائى، وابى عيسى، ورواه جرير بن حازم، عن عدى بن عدى
(2)
، عن رجاء بن حيوة
(3)
، والعرس بنت عميرة
(4)
، عن عدى بن عميرة
(6)
.
(5)
(1)
ثابت بن الحجاج الكلابى الرقى، ثقة من الثالثة. «التقريب» (812).
(2)
عدى بن عدى بن عميرة، بفتح المهملة الكندى، أبو فرو الجزرى، ثقة، فقيه، عمل لعمر ابن عبد العزيز على الموصل، من الرابعة، مات سنة عشرين ومائة «التقريب» (4543).
(3)
رجاء بن حيوة، بفتح المهملة، وسكون التحتانية، وفتح الواو، الكندى، أبو المقدام، ويقال: أبو نصر الفلسطينى، ثقة، فقيه من الثالثة، مات سنة اثنتى عشرة. «التقريب» (1920).
(4)
العُرس بن عميرة، أخو عدى السابق صحابى.
(5)
عدى بن عميرة الكندى، أبو زرارة صحابى، مات فى خلافة معاوية. «التقريب» (4544).
(6)
تخريجه، قال الهيثمى: رواه أحمد، والبزار، وأبو يعلى، والطبرانى فى «الكبير» و «الأوسط» وإسناده حسن. «المجمع» (178/ 4).
وقال السيوطى: (وأخرج أحمد، والبزار، وابو يعلى، والطبرانى بسند حسن عن أبى موسى)، وذكر الحديث مع اختلاف يسير، وقال فى آخره:«فورع الآخر فردها» «الدر المنثور» (246/ 2).
(35 - 492) أخبرنا محمد بن يعقوب
(1)
، وأحمد بن محمد السرّى، قالا: ثنا إبراهيم بن عبد الله العبسى
(2)
، ثنا وكيع بن الجراح، عن الأعمش، عن أبى صالح، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يكلمهم الله، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، رجل عنده فضل ماء منعه من ابن السبيل، ورجل حلف على سلعة بعد العصر
(3)
كاذباً فصدقه كاذباً
(4)
، واشتراها، ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه وفاه، وإن لم يعطه لم يف له»
(5)
.
= باب آخر يدل على النظر من الله عز وجل إلى عبده وإعراضه عنه ووعده ووعيده فى الإعراض عمن سخط عليه والنظر إلى ما يرضاه
(1)
هو: الأصم «ستأتى ترجمته فى الذى بعده.
(2)
إبراهيم بن عبد الله بن عمر العبسى القصار، الكوفى، آخر أصحاب وكيع، مات سنة تسع وسبعين ومائتين، انظر «العبر» (62/ 2)، و «الشذرات» (174/ 2).
(3)
وقال الخطابى: خص وقت العصر بتعظيم الاثم فيه، وإن كانت اليمين الفاجرة محرمة فى كل وقت؛ لأن الله عظم شأن هذا الوقت بأن جعل الملائكة تجتمع فيه، وهو وقت ختام الأعمال، والأمور بخواتيمها، فغلظت العقوبة فيه؛ لئلا يقدم عليها تجرؤا، فإن من تجرأ عليها فيه اعتادها فى غيره، وكان السلف يحلفون بعد العصر، وجاء ذلك فى الحديث أيضاً.
(4)
هكذا هنا (بتكرار لفظ: كاذباً)، وكذلك فى الايمان لابن منده (622).
(5)
تخريجه، رواه البخارى (2358)، وفى غير موضع، ومسلم (108) من طرق عن أى صالح، عن أبى هريرة. وراجع الإيمان لابن منده رقم (622)، ونفس الحديث بتقديم وتأخير، واختلاف فى الألفاظ (689، 690).
وفى الحديث وعيد شديد فى نكث البيعة، والخروج على الامام، لما فى ذلك من تفرق الكلمة، ولما فى الوفاء من تحصين الفروج والأموال، وحقن الدماء، والأصل فى مبايعة -
رواه جماعة عن الأعمش، ورواه ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبى صالح، عن أبى هريرة.
(36 - 493) أخبرنا محمد بن يعقوب الأصم
(1)
، ثنا جعفر بن محمد بن شاكر، ثنا عفان بن مسلم ح.
وأخبرنا محمد بن يعقوب الشيبانى، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى []
(2)
ح.
وأخبرنى أبى
(3)
، حدثنى أبى، ثنا محمد بن الثنى
(4)
، ثنا محمد بن جعفر.
وأخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الطوسى
(5)
، ثنا عثمان بن سعيد،
= الإمام، أن يبايعه على أن يعمل بالحق، ويقيم الحدود، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، فمن جعل مبايعته لمال يعطاه دون ملاحظة المقصود فى الأصل، فقد خسر خسراناً مبينا، ودخل فى الوعيد المذكور، وحاق به إن لم يتجاوز الله عنه، وفيه أن كل عمل لا يقصد به وجه الله، وأريد به عرض الدنيا، فهو فاسد، وصاحبه آثم، والله الموفق.
، «الفتح» (203/ 13).
(1)
محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان، الإمام المحدث، مسند العصر النيسابورى الأصم. حدث عنه ابن مندة، قال الحاكم: حدث فى الاسلام 76 سنة، ولم يختلف فى صدقه، صحة سماعه، قال الذهبى: ما رأينا الرحلة فى بلاد من بلاد الإسلام أكثر منها إليه، وثقه ابن خزيمة، ولد سنة 347 هـ، توفى سنة 346 هـ «سير أعلام النبلاء» (452/ 15 - 460)، «الشذرات» (373/ 2).
(2)
سواد فى الأصل.
(3)
هو إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة.
(4)
محمد بن المثنى بن عبيد العنزى، بفتح النون والزاى، أبو موسى البصرى، المعروف بالزمن، مشهور بكنيته وباسمه. ثقة ثبت «التهذيب» و «التقريب» .
(5)
الإمام الحافظ الفقيه العلامة القدوة، شيخ الاسلام أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف، الطوسى الشافعى، شيخ المذهب بخرسان، ولد فى حدود 250 هـ. سمع عثمان بن سعيد الدارمى، والحارث بن أبى أسامة، وعلى بن عبد العزيز البغوى، ومحمد بن أيوب بن الضرير، ومحمد بن نصر المروزى الفقيه، ولازمه مدة، وأكثر عنه، وغيرهم. من أئمة خرسان بلا مدافعة، مات سنة 344 هـ، وقد جاوز التسعين، «السير» (490/ 15 - 491)، «الأنساب» (264/ 8 - 265).
ثنا أبو الوليد، قالوا: ثنا شعبة، عن على بن مدرك
(1)
، قال: سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث عن خرشة
(2)
بن (الحر)، عن أبى ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم» قلت: يا رسول الله! من هم خابوا وخسروا، فأعادها ثلاث مرات، فقال: «المسبل
(3)
، والمنان
(4)
، والمنفق سلعته بالحلف كاذباً»، وقال غندر:(بالحلف والكذب). مشهور عن شعبة، ورواه الثورى وشعبة وغيرهما عن الأعمش.
(1)
على بن مدرك النخعى، أبو مدرك الكوفى، ثقة من الرابعة، مات سنة عشرين ومائة «التقريب» (4796).
(2)
خرشة بن الحر الفزارى، كان يتيماً فى حجر عمر بن الخطاب له ولأخته صحبة «الكاشف» (1381).
(3)
المسبل: هو الذى يطيل ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى. «النهاية» (339/ 2).
قال النووى: «قيل: معنى لا يكلمهم، أى: لا يكلمهم تكليم أهل الخيرات، وبإظهار الرضا، بل كلام اهل السخط والغضب، وقيل: المراد الاعراض عنهم، وقال جمهور المفسرين: لا يكلمهم كلاماً ينفعهم ويسرهم» . أشرح مسلم للنووى (116/ 2)].
قال البيهقى: وفى ذلك دلالة على أنه إذا لم يسمعهم كلامه عقوبة لهم يسمعه أهل رحمته كرامة لهم إذا شاء، وإنما لا يسمع كلامه أهل عقوبته بما يسمعه أهل رحمته، وقد يسمع كلامه فى قول بعض أهِل العلم أهل عقوبته بما يزيدهم حسرة وعقوبة، قال الله عز وجل أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) [يس: 60 - 61]، إلى غير ذلك مما ورد فى معنى هذه الآية فى كتاب الله عز وجل، إلى أن يقولوا: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ (107) فيجيبهم الله عز وجل: قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (108)[المؤمنون: 107 - 108].
فبعد ذلك لا يسمعون كلامه، وذلك حين وجب عليهم الخلود أعاذنا الله من ذلك بفضله ورحمته. «الأسماء والصفات» للبيهقى (ص 291).
(4)
قال الخطابى: و «المنان» يتأول على وجهين:
أحدهما: من المنة، وهى إن وقعت فى الصدقة ابطلت الأجر، هو إن كانت فى المعروف كدرت الصنيعة وأفسدتها.
والوجه الآخر: أن يراد بالمن: النقص، يريد النقص من الحق والخيانة فى الوزن والكيل ونحوهما، ومن هذا قول الله سبحانه: وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ [القلم: 3» أى: غير منقوص. -