الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما استدل به من الكتاب والأثر على أن الله تعالى
لم يزل متكلماً آمراً ناهياً بما شاء لمن شاء من خلقه موصوفاً بذلك
قال الله عز وجل واصفاً لكلامه، وأمره، وإرادته الذى به خلق الخلق:
{إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40].
وقال عز وجل: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54].
فبان بقوله أن أمره غير خلقه، وبأمره خلق، ويخلق.
وقال عز وجل: {حم (1) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ (3) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ} الآيات [الدخان: 1 - 5].
ذكر الأدلة الواضحة من الأثر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم
ببيان ما تقدم والفرق بين القول والعمل والعلم والإرادة والفعل
(1 - 617) أخبرنا عثمان بن أحمد بن هارون التّنيسى، ثنا أبو أمية محمد بن ابراهيم ح.
وأخبرنا أحمد بن سليمان بن أيوب، وعلى بن إبراهيم بن يعقوب، بدمشق، قالا: ثنا أبو زرعة الدمشقى، قالا: ثنا أبو مسهر، عبد الأعلى ابن مسهر، ثنا سعيد ابن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبى إدريس الخولانى، عن أبى ذر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله عز وجل قال: «يا عبادى! إنى حرمت الظلم على نفسى، وجعلته محرماً فيما بينكم، فلا تظالموا. يا عبادى! إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب، ولا أبالى، فاستغفرونى أغفر لكم .. يا عبادى! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعمونى أطعمكم .. يا عبادى! كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسونى أكسكم .. يا عبادى! لو أن أولكم وآخركم، وجنكم وإنسكم، وحيكم وميتكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد، لم يزد ذلك فى ملكى شيئا .. يا عبادى! لو أن أولكم
وآخركم، وجنكم وإنسكم، كانوا على أفجر قلب رجل منكم لم ينقص دلك من ملكى شيئاً .. ياعبادى! لو أن أولكم وآخركم، وجنكم وإنسكم، اجتمعوا فى صعيد واحد فسألونى، فأعطيت كل إنسان منهم ما سأل، لم ينقص ذلك من ملكى شيئاً، إلا كما ينقص البحر إن يغمس فيه المخيط غمسة واحدة .. ياعبادى! إنما هى أعمالكم أحفظها عليكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله عز وجل، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه»
(1)
، رواه مروان بن محمد وغيره، عن سعيد، ورواه قتادة عن أبى قلابة، عن أبى أسماء الحبى، عن أبى ذر إلى قوله:«إلا كما ينقص البحرإن يغمس فيه المخيط» .
(2 - 618) عن ابن غنم، عن أبى ذر، عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه، وزاد فيه:«إنى جواد ماجد عطائى كلام، وعذابى كلام، وإذا أردت أمراً فإنما أقول له كن فيكون»
(2)
.
(1)
تخريجه، رواه مسلم (2577).
اختلف المنتسبون لأهل القبلة فى القول فى كلام الله عز وجل على سبعة أقوال، أو أكثر، ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية، وذكر ابن القيم فى «الصواعق» ثمانية أقوال:
القول السادس: قول الجمهور وأهل الحديث وأئمتهم: أن الله تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء، وأنه يتكلم بصوت، كما جأت به الآثار والقران، وغيره من الكتب الالهية، كلام الله تكلم به بمشيئته وقدرته ليس ببائن عنه مخلوقاً، ولا يقولون انه صار متكلماً بعد أن لم يكن متكلماً، ولا أن كلام الله تعالى من حيث هو حادث، بل مازال متكلماً إذا شاء، وإن كان كلم موسى وناداه بمشيئته وقدرته، فكلامه لا ينفد، كما قال تعالى: قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً [الكهف: 109].
ويقولون: نؤمن بما جأت به النصوص النبوية الصحيحة، ودلت عليه العقول الذكية، الصريحة، فلا ينفون عن الله تعالى صفات الكمال سبحانه وتعالى فيجعلونه كالجمادات التى لا تتكلم، ولا تسمع، ولا تبصر، فلا تكلم عابديها، ولا تهديهم سبيلا، ولا ترجع إليهم قولا، ولا تملك لهم ضرَا ولا نفعاً» «الفتاوى» (173/ 12).
وراجع هذه الأقوال والرد عليها، وترجيح القول الحق فى «مختصر الصواعق» للموصلى (286/ 2 - 296). «والعقيدة السفارينية» (ج 134/ 1) فما بعدها. وسيأتى - إن شاء الله - إيضاح أدلة قول أهل السنة من خلال الآيات والأحاديث التى سيذكرها المؤلف.
(2)
تخريجه، رواه الترمذى (2495) وحسنه. ورواه أحمد (154/ 5، 177). وابن ماجه (4257). والبيهقى فى «الأسماء والصفات» ص (204)، كلهم من حديث شهر بن -
أخبرنا خيثمة، ثنا هلال بن العلاء، ثنا أبى، ثنا عبيدالله بن عمرو، عن زيد بن أبى أنيسة، عن سيار أبى الحكم، عن ابن غنم بهذا.
(3 - 619) أخبرنا خيثمة، ثنا إسحاق بن سيار النصيبى، ثنا عمرو بن عاصم، ثنا همام بن يحيى، عن قتادة بن دعامة، عن أبى قلابة الجرمى، عن أبى أسماء الرحبى، عن أبى ذر، عن النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال:«إنى حومت الظلم على نفسى، وحرمته على عبادى، فلا تظالموا، وكل بنى آدم يخطئون بالليل والنهار، ثم يستغفرونى فأغفر لهم، ولا أبالى، وقال: يا بنى آدم! كلكم كان ضالاً إلا من هديته، وكلكم كان عارياً، إلا من كسوته، وكلكم كان جائعاً، إلا من أطعمته، وكلكم كان ظمآناً إلا من سقيته، فاستهدونى أهدكم، واستكسونى أكسكم، واستطعمونى أطعمكم، واستسقونى أسقكم، فيا عباديا لو أن أولكم وآخركم وجنكم وإنسكم، وصغيركم وكبيركم، وذكركم وأنثاكم، كانوا على قلب أتقاكم رجلا، ما زاد فى ملكى، ولو أن أولكم وآخركم وجنكم وإنسكم، وصغيركم وكبيركم، وذكركم وأنثاكم، كانوا على أكفر قلب رجل، لم ينقص من ملكى شيئاً، إلا كما ينقص المخيط من البحر»
(1)
. رواه أبو داود، وعبدالصمد بن عبد الوارث، وابن رجاء، وغيرهم عن همام.
= حوشب، عن ابن غنم. «وشهر بن حوشب صدوق كثير الارسال والأوهام» «التقريب» (355/ 1). وشهر بن حوشب لم ينفرد به، فقد رواه المؤلف من طريق سيار أبى الحكم، عن ابن غنم وسيار ثقة، كما فى «التقريب» (343/ 1)، ولكن فى سند المؤلف العلاء بن هلال - فيه لين - «التقريب» (94/ 2). وبقية رجاله ثقات ماعدا هلال، فهو صدوق (324/ 2)، ولذلك الحديث يصلح شاهداً لحديث شهر، فيكون الحديث حسناً لغيره.
والحديث يشهد له ما قبله من طريق أبى إدريس الخولانى رقم (619) وما بعده. وأبى أسماء الرحبى، عن أبى ذر، كما فى صحيح مسلم وغيره، راجع رقم (619).
(1)
تخريجه، رواه مسلم (2577).