الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التبشير بنصر الله للمؤمنين وهزيمة المشركين:
ولما فرغ المسلمون من بدر.. قدم زيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهما إلى المدينة مبشّرين بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصره، وهزيمة المشركين، فتلقى الناس بالروحاء «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم مهنّئين له بالفتح والنصر، فدخلها منصورا، مؤيّدا، مظفرا، أعلى الله كلمته، ومكّن له، وذلك من ثنيّة الوداع يوم الأربعاء، الثّاني والعشرين من رمضان، وتلقاه الولائد بالدفوف ينشدن:
طلع البدر علينا
…
من ثنيّات الوداع
وجب الشكر علينا
…
ما دعا لله داع
وتهيّأ لسيدنا عمير بن عدي الأنصاري الخطمي أن يفي بنذره فقد ذكر المقريزي في «إمتاع الأسماع» : (إنّ عصماء بنت مروان كانت تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحرض على النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فنذر عمير بن عدي: لئن ردّ الله رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر إلى المدينة.. ليقتلنّها، فلمّا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) الروحاء: هي المعروفة اليوم ببئر الراحة.
من بدر إلى المدينة جاءها عمير ليلا حتى دخل عليها بيتها، وحولها نفر من ولدها نيام منهم من ترضعه في صدرها، فجسّها بيده، وكان ضرير البصر، ونحّى الصبي عنها ووضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها، وأتى وصلّى الصبح مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا انصرف.. نظر إليه وقال:«أقتلت ابنة مروان؟» قال: نعم يا رسول الله، قال:
«نصرت الله ورسوله يا عمير» فقال: هل عليّ شيء من شأنها يا رسول الله؟ فقال: «لا ينتطح فيها عنزان «1» » فكانت هذه الكلمة أول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لأصحابه:«إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب.. فانظروا إلى عمير بن عدي» فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: انظروا إلى هذا الأعمى الذي تشرّى «2» في طاعة الله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا تقل الأعمى، ولكنه البصير» فلمّا رجع عمير.. وجد بنيها في جماعة يدفنونها، فقالوا: يا عمير؛ أنت قتلتها؟
قال: نعم، فكيدوني جميعا ثمّ لا تنظرون، فوالّذي نفسي بيده؛ لو قلتم بأجمعكم ما قالت.. لضربتكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم، فيومئذ ظهر الإسلام في بني خطمة) .
(1) أي: لا يعارض فيها معارض.
(2)
أي: باع نفسه في طاعة الله تعالى.