الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعطى عطايا أخجلت دلح الدّيم
…
إذ ملأت رحب الفضا من النّعم
زهاء ألفي ناقة منها وما
…
ملأبين جبلين غنما
لرجل وبله ما لحلقه
…
منها ومن رقيقه وو رقه
رحمه الله تعالى إن أنا متّ.. فاكتبه في رقعة وادفنها معي، ولم أحضر مصيبتنا به) اهـ
عطاؤه صلى الله عليه وسلم للمؤلّفة قلوبهم:
ولمّا كان المقام مقام إطناب.. أخذ الناظم في تفصيل بعض ما أجمله، فقال:
(أعطى عطايا أخجلت) وأدهشت لعظمها (دلح) بضم فسكون، جمع دلوح، قال في «الصحاح» :(وسحابة دلوح: كثيرة الماء، وسحائب دلح مثل قدوم وقدم) وهي مضافة إلى قوله: (الدّيم) بكسر الدال وفتح المثنّاة التحتية؛ أي: السحاب الغزيرة بالماء جمع ديمة؛ فإنّ تلك العطايا لعظمها وسماحة نفس معطيها، أوجبت محبته عليه الصلاة والسلام، والدخول في حظيرة الإسلام، فأيّ مناسبة في جوده المدرار وجود الديم الغزار (إذ ملأت) عطاياه (رحب الفضا) بالقصر للضرورة، وهو ما اتّسع من الأرض، وهو من إضافة الصفة للموصوف؛ أي: ملأت الفضاء الرحب (من النعم) الإبل والبقر والغنم.
(زهاء) بضم الزاي؛ أي: مقدار (ألفي ناقة منها) أي: من النعم أعطاها للمؤلّفة قلوبهم كما تقدم، (وما) أي: وزهاء الذي (ملأ بين جبلين غنما لرجل) هو صفوان بن
أميّة؛ فإنّه أعطاه ذلك، وأعطاه مئة ناقة، وكان هرب يوم الفتح، وأمّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث إليه مع وهب بن عمير بردائه- أو ببرده- أمانا له، فانصرف صفوان مع وهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف، وناداه في جماعة الناس: يا محمّد؛ إنّ هذا وهب يزعم أنّك أمنتني على أن أسير شهرين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«انزل أبا وهب» فقال: لا، حتى تبيّن لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«انزل، فلك مسيرة أربعة أشهر» ولمّا أعطاه ما أعطاه وأكثر.. قال: أشهد بالله؛ ما طابت بهذا إلّا نفس نبي، فكان سبب إسلامه.
روى مسلم في «صحيحه» عن أنس رضي الله عنه:
ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلّا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا؛ فإنّ محمّدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلّا الدنيا، فما يلبث إلّا يسيرا حتى يكون الإسلام أحبّ إليه من الدنيا وما عليها.
(وبله) بفتح الباء، اسم فعل أمر بمعنى: دع (ما) أي: الذي أعطاه عليه الصلاة والسلام (لحلقه) بكسر الحاء وفتح اللام: جمع حلقة؛ أي: لقومه وجماعته من بني هاشم وبني المطّلب (منها) أي: من الغنم (ومن رقيقه وو رقه) أي: فضته.