الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعند ما إلى التّشتّت الزّمر
…
أجمع أمرهم دعا خير البشر
فأرسلوا إليهم: إنّ اليوم يوم السبت، لا نعمل فيه شيئا، وكان قد أحدث فيه بعضنا حدثا، فأصابه ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بمقاتلين معكم.. حتّى تعطونا رهنا من رجالكم، يكونون بأيدينا ثقة لنا، حتّى نناجز محمّدا، فإنّا نخشى إن اشتدّ عليكم القتال.. أن ترجعوا إلى بلادكم، وتتركونا والرجل في بلادنا، ولا طاقة لنا به.
فقالت قريش وغطفان: والله إنّ الذي حدّثكم به نعيم لحق، فأرسلوا إليهم: إنّا والله لا نقاتل معكم.. حتى تعطونا رهنا، فأبوا عليهم، وخذل الله بينهم، ويئس كل منهم من الآخر، واختلف أمرهم، وكان عليه الصلاة والسلام دعا على الأحزاب فقال:«اللهمّ؛ منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهمّ؛ اهزمهم» وكان دعاؤه عليهم يوم الإثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستجيب له بين الظهر والعصر يوم الأربعاء فعرف السرور في وجهه الشريف:
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه
…
لمعت كلمع البارق المتهلل
فلمّا كان ليلة السبت.. بعث الله الريح على الأحزاب، حتى ما يكاد أحدهم يهتدي لموضع رجله، ولا يقر لهم قدر ولا بناء.
بعث حذيفة لاستكشاف أمر المشركين:
(وعند ما) هي مصدرية، وقوله:(إلى التشتت) أي:
من يأت بالخبر عنهم يكن
…
غدا رفيقنا ومنهم يأمن
فلم يقم إليه غير ابن اليمان
…
من شدّة الذّعر ومن برد الزّمان
التفرق، يتعلق بأجمع، وقوله:(الزّمر) جمع زمرة:
الجماعة، مبتدأ، خبره جملة (أجمع) أي: اتفق (أمرهم) وفي نسخة (أزمع) أي: وعند إجماع الزمر من الأحزاب أمرهم إلى التفرّق، وخافت كل طائفة من الأخرى، وأرسل الله عليهم الريح، واشتدّ البرد تلك الليلة (دعا) الله عز وجل (خير البشر) صلى الله عليه وسلم ما أصغت أذن لخبر، وجليت عين لنظر، قائلا: « (من يأت بالخبر عنهم) أي:
عن الأحزاب (يكن) جزاؤه (غدا) يوم القيامة (رفيقنا) في الجنة» (ومنهم) أي: من القوم (يأمن) من مكروه يصيبه.
(فلم يقم إليه) صلى الله عليه وسلم أحد من الصحابة (غير) حذيفة (ابن اليمان) ففي رواية البيهقي: قال صلى الله عليه وسلم: «من يذهب فيعلم لنا علم القوم، جعله الله رفيقي» فلم يقم أحد، فقال أبو بكر: ابعث حذيفة، وفي رواية ابن إسحاق: فدعاني، فلم يكن بدّ من القيام، وإنّما لم يقم أحد من الصحابة (من) أجل (شدة الذّعر) بضم المشددة أي: الخوف (ومن برد الزمان) أي: من شدته.
قال ابن إسحاق: (حدّثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله؛ أرأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه؟ قال: نعم يا ابن أخي، قال: فكيف كنتم