الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال إذ أضلّ راحلته
…
مجرمهم ما قال فابتهته
نحن أناس قد غدا شأننا
…
حبّ عليّ بن أبي طالب
يلومنا الجاهل في حبه
…
فلعنة الله على الكاذب
وكشف عن ذلك بعض «1» أهل السنّة، ورد عليه بقوله:
ما عيبكم هذا ولكنه
…
بغض الذي لقّب بالصاحب
وقولكم فيه وفي بنته
…
فلعنة الله على الكاذب
مقالة المنافق زيد بن اللّصيت:
(و) لمّا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر، فكان ببعض الطريق (قال إذ أضلّ) فقد (راحلته) وهي القصواء، كما قاله الواقديّ، وهو بالنصب مفعول (أضل)، وفاعل (قال) قوله:(مجرمهم) أي: مجرم المجتمعين أو المسلمين، وهو زيد بن اللّصيت- مصغرا- كما في «الإصابة» وكان من المنافقين، ويقال: ابن لصيب بالباء، كما قال ابن هشام (ما) أي: القول الشنيع الذي (قال) وهو: أليس يزعم محمّد أنّه نبي، ويخبركم عن خبر السماء
(1) نسب البيتين في الجواب العلّامة ابن العماد في «الشذرات» للمولى أبي السعود محمّد بن محمّد بن مصطفى العمادي المولود سنة (898) والمتوفي سنة (982) بالقسطنطينية بجوار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
وهو لا يدري أين ناقته (فابتهته) رسول الله؛ أي: أوقعه في الحيرة، لا يدري معها ماذا يجيب؛ فإنّه عليه الصلاة والسلام قال:«إنّ رجلا يقول كذا وكذا- وذكر مقالته- وإنّي والله لا أعلم إلّا ما علّمني الله، وقد دلّني الله عليها، وهي في الوادي، في شعب كذا وكذا، قد حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوني بها» فانطلقوا فجاؤوا بها.
وذكر ابن إسحاق ذلك بتوضيح فقال: (وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه يقال له:
عمارة بن حزم عقبيّ، بدريّ، وكان في رحله زيد بن اللّصيت المنافق، فرجع إلى رحله فقال: والله؛ لعجب من شيء حدّثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا عن مقالة قائل، أخبره الله عنه بكذا وكذا، للّذي قال زيد بن اللصيت! فقال رجل ممّن كان في رحل عمارة- ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم: زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي، فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه، ويقول: إليّ عباد الله؛ إن في رحلي لداهية وما أشعر، اخرج أي عدو الله من رحلي، فلا تصحبني، قال ابن إسحاق: فزعم بعض الناس أنّ زيدا تاب بعد ذلك، وقال بعض الناس: لم يزل متّهما بشر حتى هلك) اهـ.
وذكره الحافظ في «الإصابة» في القسم الأول، وحكى الاختلاف في توبته، والله أعلم.
قلت: تضمّنت هذه القضية آيتين من آيات النبوّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
الأولى: إخباره عليه الصلاة والسلام عن مقالة ذلك المنافق قبل أن تصل إليه.
والثّانية: إخباره عليه الصلاة والسلام بأنّها في المكان الفلانيّ معرفا لهم أنّ شجرة حبستها بزمامها، كأنّه عليه الصلاة والسلام يشاهد ذلك، فيخبر عنه رأي عين، وقد وجدوها كما أخبر، ولا غرابة في ذلك، فكم له من آيات تلو آيات لا يأتي على عدّها الحصر!
وفيها من الفوائد: وقوفه عليه الصلاة والسلام أمام من أرسله وقوف الخاضع المستمطر لمزيد العلم بقوله عليه الصلاة والسلام: «وإنّي والله لا أعلم إلّا ما علّمني ربي» أي: وقد علمه ربه تبارك وتعالى، وهو الذي أدّبه وخلّقه بقوله تعالى:
وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً.
وفيها: زيادة ترقيه صلى الله عليه وسلم في المعارف والعلوم؛ فإنّه تعالى يفيض عليه كل وقت ما لا يعلمه إلّا هو وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى.
وفيها: قيام أصحابه بما عرف من صدقهم له، ونصحهم إياه، يعرف ذلك من إخراج عمارة زيدا من رحله لمّا علم