الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبب هذه الغزوة:
وسبب هذه الغزوة: أنّه بلغه عليه الصلاة والسلام، أنّ رئيس بني المصطلق- وهو الحارث بن أبي ضرار- سار في قومه ومن قدر عليه من العرب، فدعاهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجابوه وتهيّئوا للمسير معه إليه، وكانوا ينزلون ناحية الفرع، فبعث عليه الصلاة والسلام بريدة بن الحصيب الأسلميّ يعلم حالهم الذي هم عليه، فاستأذنه أن يقول، فأذن له، فأتاهم، ولقي الحارث بن أبي ضرار وكلّمه، فوجدهم قد جمعوا الجموع، قالوا: من الرجل؟ قال: منكم، قدمت لما بلغني من جمعكم لهذا الرجل، فأسير في قومي ومن أطاعني، فنكون يدا واحدة حتى نستأصله، قال الحارث: فنحن على ذلك، فعجل علينا، فقال بريدة: أركب الآن وآتيكم بجمع كثير من قومي، فسرّوا بذلك منه.
انتصار الرسول صلى الله عليه وسلم وهزيمة العدو:
ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره خبرهم، فندب صلى الله عليه وسلم الناس، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا في بشر كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قطّ مثلها، واستخلف على المدينة زيد بن حارثة، وقادوا الخيل: عشرة للمهاجرين، وعشرين للأنصار، وخرجت عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وبلغ
لم ينفلت منهم أنيس وسبا
…
غير رجال عشرة قد نهبا
الحارث ومن معه مسيره عليه الصلاة والسلام، فسيء بذلك الخبر هو ومن معه، وخافوا خوفا شديدا، وتفرّق عنهم من كان معهم من العرب الذين جمعهم الحارث من غير قومه، ووصل عليه الصلاة والسلام إلى المريسيع، وصفّ أصحابه، ودفع راية المهاجرين إلى أبي بكر، وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة، فتراموا بالنّبل ساعة، وكان شعار المسلمين (يا منصور؛ أمت أمت) ثمّ أمر عليه الصلاة والسلام أصحابه، فحملوا حملة رجل واحد، فما أفلت منهم إنسان، كما قال الناظم.
(لم ينفلت منهم) أي: لم يخلص من بني المصطلق (أنيس) بالتكبير؛ أي: أحد، قال في «المختار» :
(الأنيس: المؤانس، وكل ما يؤنس به، وما بالدار أنيس:
أحد) .
(وسبا) أي: ملك عليه الصلاة والسلام (غير رجال عشرة) وهم النساء والصبيان.
قال في «شرح المواهب» : (قال البرهان: لم يذكر عدتهم، وقال بعض شيوخي: كانت الأسرى أكثر من سبع مئة، فطلبتهم منه جويرية ليلة دخوله بها فوهبهم لها، ولم يقتل من المسلمين إلّا رجل واحد، هو هشام بن صبابة «1» ،
(1) بصاد مهملة مضمومة فموحدة مخففة، أصابه أنصاري يقال له: أوس، من رهط عبادة بن الصامت، قتله خطأ وهو يرى أنّه من المشركين.
أعمارهم وسبيت جويريه
…
ووهب السّبي لها لتدريه
وساق من الإبل ألفي بعير، ومن الشاة خمسة آلاف شاة» ) كما قاله الزرقانيّ عن ابن سعد.
وأمّا العشرة من الرجال.. ف (قد نهبا)، بألف الإطلاق مبنيا للفاعل (أعمارهم) أي: قتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: قتلهم أصحابه الكرام.
(وسبيت) بالبناء للمفعول؛ أي: أخذت في السبي أمّنا (جويرية) بنت رئيس بني المصطلق: الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة، وجذيمة هو المصطلق من خزاعة، كما في «الروض الأنف» وكانت قبل أن تسبى عند مسافع بن صفوان الخزاعي المقتول كافرا يوم المريسيع كما جزم به ابن أبي خيثمة والواقدي، ونقله عنهما الزرقاني في «شرحه للمواهب» وكان اسمها برّة، فسمّاها صلى الله عليه وسلم جويرية؛ كره أن يقال: خرج من عند برّة.
وكانت وقعت في سهم ثابت بن قيس، ثمّ جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعين به في كتابتها، قالت عائشة رضي الله عنها: وكانت امرأة حلوة ملّاحة «1» ، فوالله؛ ما هو إلّا أن رأيتها على باب حجرتي.. فكرهتها، وفي قول عائشة ذلك بيان ما كان عليه أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الغيرة عليه، والعلم بمواقع الجمال منه «2» ، فلمّا طلبت
(1) بفتح الميم وتشديد اللام؛ أي: بارعة الجمال، وهذا البناء للمبالغة في الملاحة.
(2)
من ذلك: أنّه عليه الصلاة والسلام خطب امرأة فأرسل عائشة لتنظر إليها، فلمّا رجعت-