الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خبر بسر بن سفيان الخزاعي عن قريش وصدّهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن مكة:
ولمّا خرج وقد أحرم بالعمرة من ذي الحليفة- كما في الصحيح من رواية الزّهري- سار، حتى إذا كان بعسفان..
لقيه بسر بن سفيان الخزاعي- وكان بعثه عينا- فقال:
يا رسول الله؛ هذه قريش قد سمعت بمسيرك، فخرجوا معهم العوذ المطافيل «1» قد لبسوا جلود النمور، وقد نزلوا بذي طوى، يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم أبدا عنوة، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم، قد قدّموها إلى كراع الغميم «2» .
وقال ابن سعد: (قدّموا مئتي فارس عليها خالد بن الوليد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ويح قريش، لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلّوا بيني وبين سائر العرب؟! فإن هم أصابوني.. كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم.. دخلوا في الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا.. قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش؟! فوالله؛ لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به، حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة» )«3» .
(1) جمع عائذ، وهي: الناقة حديثة النتاج، والمطافيل: الأمّهات التي معها أطفالها، يريد أنّهم خرجوا بذوات الألبان من الإبل ليتزوّدوا ألبانها، ولا يرجعوا حتى يناجزوا محمّدا وأصحابه في زعمهم. اهـ سهيلي
(2)
موضع بين مكة والمدينة أمام عسفان بثمانية أميال وعسفان من مكة على مرحلتين.
(3)
السالفة: صفحة العنق وهو كناية عن الموت.
وما انثنى بالجيش حتّى اقعنسست
…
عن مكّة ناقته إذ حبست
وهذا الذي أشار له الناظم بقوله: (وصدّ عن أم القرى) أي: منعته لذلك كفار قريش عن دخول مكة المشرفة.
ولما كان قوله: (وصدّ
…
) إلخ يشعر بأنّه عليه الصلاة والسلام لمّا صدّ رجع في الحال إلى المدينة.. دفع هذا بقوله:
(وما انثنى) أي: ما انعطف عليه الصلاة والسلام راجعا (بالجيش) الذي خرج معه، بل ظلّ سائرا، وقال:«من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها؟» (حتى اقعنسست) رجعت (عن) دخول (مكة ناقته) العضباء، ويقال لها: الجدعاء، والقصواء «1» (إذ حبست) بالبناء للمجهول: أي: لأنّ الله تعالى حبسها عن ذلك.
(1) من القصو وهو: قطع طرف الأذن، ولم تكن ناقته عليه الصلاة والسلام بذلك، وإنّما هي ألقاب على المشهور، قال في «روض النهاة» :(وهي التي أخذها من أبي بكر رضي الله عنه بمكة، فهاجر عليها، وكان أبى عن أخذها إلّا بالثمن، وهي إذا ذاك رباعية، وكانت صهباء، قيل: إنّها من جمال بني قشير، فلمّا دخل صلى الله عليه وسلم المدينة.. أراد كل من قبائل الأنصار النزول عليه، ويقول: «دعوها؛ فإنّها مأمورة، حتى بلغت موضع إرادته تعالى، فبركت قريبا من مكانها الأول، وألقت جرانها بالأرض، وأرزمت، فنزل عنها صلى الله عليه وسلم، ثمّ لم تزل عنده، ولا يحمله حين ينزل الوحي عليه غيرها وربما بركت من ثقل الوحي- إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم، فامتنعت من الأكل والشرب حزنا عليه إلى أن ماتت. وذكر القاضي في «الشفاء» : (أنّها كانت تكلمه، وأنّ العشب يأتيها يبادرها في المرعى، وتجتنبها الوحوش فيه، وتناديها: إنّك لمحمّد) وأشار إلى ذلك في «قرة الأبصار» بقوله:
ثمّ حمار اسمه يعفور
…
والناقة القصوا فقط مأثور
وهي التي امتطى بلا امتراء
…
نبينا في الهجرة الغراء
-