الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمن ثمّ أصبح الشرح موسوعة مصغرة للأحداث والوقائع النبوية من مصادر صحيحة موثقة.
صلة الشارح رحمه الله بمنظومة المغازي، وتحقيقه نصوصها:
علاقة الشارح رحمه الله تعالى بهذه المنظومة علاقة حفظ ودرس، وأكثر من هذا هي علاقة عشق وهيام، فقد كانت من جملة محفوظاته التي اهتمّ بها في شبابه، واعتنى بها حفظا، ودرسا، وتدريسا، وكتابة، وشرحا على مدى مسيرة حياته رحمه الله، وقد أحبها لأسباب عديدة:
أولا: لموضوعها، فهي عرض أمين، وإبراز لمواقف البطولة شاخصة وممثلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله تعالى عنهم.
ثانيا: سلاسة عبارتها، وسهولة حفظها.
وقد سجل إعجابه بها كتابة عندما ترجم لناظمها رحمه الله تعالى؛ إذ أثنى عليها، وسماها:«فصل الخطاب» في هذا الموضوع، وعدها متفوقة على سابقتها «الدرة السنية في المعالم السنية» من تأليف القاضي أبي عبد الله محمّد بن عيسى بن محمّد بن أصبغ الأزدي، المعروف بابن المناصف، الذي بلغ سبعة آلاف بيت من الرجز «1» .
وللحديث عمّا تميزت به هذه المنظومة يقول:
(قلت: ومنظومتنا هذه هي فصل الخطاب، والآية في الإعجاب، لا تدع شاذة ولا فاذة من عيون المغازي.. إلّا أتت عليها بأبدع أسلوب، وأسلس تعبير، فهي الفريدة في بابها، الممتعة لطلابها، وها هي ذي بين أيدينا ترفل في أبواب
(1) انظر «إنارة الدجى في شرح مغازي خير الورى» (ج 1، ص 69) .
حسنها، مدبجة بكلام الحفاظ والمهرة، من نقدة أهل هذا الشأن، فليحكم لها، أو عليها) «1» .
وقد كان لها النصيب الموفور من قراءته وتدريسه لها، وكثيرا ما كان يستشهد بها في دروسه ومجالسه، ويحث طلابه على حفظها.
قرأ هذه المنظومة، وصححها على يد شيخه الشيخ محمّد عبد الله زيدان «2» ، ولم تكن النسخة التي استنسخها الوحيدة، بل كانت هناك نسخة أخرى هي نسخة الشيخ حمّاد، وتختلف أحيانا عن نسخته، تعلق الشارح رحمه الله تعالى تعلقا شديدا بهذه المنظومة جعله يقارن بين نسخته وبين ما هو موجود في النسخة الأخرى، وقد ذكر بعض هذه المخالفات، ونوّه عنها في شرحه، من هذه المواضع:
1-
أسماء الذين ثبتوا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في يوم هوازن (ج 2/ ص 241، 244) .
2-
الاختلاف في صدر البيت، ففي نسخته يذكر أوّله:
ومعتب نجل قشير قالا
…
وعدنا النّبي أن ننالا
وأن في بعض النسخ:
وابن قشير معتب قال أما
…
وعدنا محمّد أن نغنما
وعقب على هذا قائلا: (والخطب سهل، والمعنى واحد)(ج 1/ ص 280) .
وهو بهذا التدقيق لنصوص المنظومة يبرهن على عنايته بتحقيق نصوصها تحقيقا علميا سليما.
(1) انظر «إنارة الدجى» (ج 1، ص 70) .
(2)
انظر «إنارة الدجى» (ج 2، ص 244) .