الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستكرهوا خير الورى فأخرجوه
…
وبعد ما استلأم فيها استثبطوه
يا رسول الله، فإن أقاموا.. أقاموا بشرّ محبس، وإن دخلوا.. قاتلهم الرجال في وجوههم، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاؤوا.
فلما يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين كان من أمرهم حبّ لقاء القوم.. حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته ومعه صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ورأى الخروج، فعمّماه، وألبساه، وصفّ الناس ما بين حجرته إلى منبره، ينتظرون خروجه عليه الصلاة والسلام، وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة) .
عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على القتال:
وخرج عليهم عازما على القتال، لابسا لأمته، وقد ندم الناس وقالوا: استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك، فلمّا خرج عليهم صلى الله عليه وسلم..
قالوا: يا رسول الله؛ استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت.. فاقعد، فقال صلى الله عليه وسلم:«ما ينبغي لنبيّ إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل» .
واللأمة بالهمزة وقد تترك تخفيفا، وجمعه لأم، كتمرة وتمر: هي الدرع، أو السلاح، أو أداة الحرب.
وإلى هذه الإشارة بقوله: (واستكرهوا) أي: أكرهوا، فالسين زائدة للتأكيد (خير الورى) صلى الله عليه وسلم على
الخروج إلى العدوّ بقولهم المتقدم: اخرج بنا إلى عدونا، والناس بين راغب في الشهادة، آسف على فوات بدر (فأخرجوه) صلى الله عليه وسلم من بيته وقد لبس اللأمة (وبعد ما استلأم) أي: لبس لأمته، أي: أداة الحرب (فيها) أي: المدينة (استثبطوه) أي: طلبوا لبثه بالمدينة على رأيه الأوّل صلى الله عليه وسلم، وقالوا ما تقدم ذكره.
قال في «شرح المواهب» : (فإن قيل: لم عدل صلى الله عليه وسلم عن رأيه الذي لا أسدّ منه، وقد وافقه عليه أكابر المهاجرين والأنصار، وابن أبيّ- وإن كان منافقا لكنه من الكبار المجرّبين للأمور؛ لذا أحضره صلى الله عليه وسلم واستشاره- إلى رأي «1» هؤلاء الأحداث؟
قلت: لأنّه صلى الله عليه وسلم مأمور بالجهاد، خصوصا وقد فجأهم العدوّ، فلمّا رأى تصميم أولئك على الخروج لا سيّما وقد وافقهم بعض الأكابر من المهاجرين: كحمزة، والأنصار: كابن عبادة.. ترجح عنده موافقة رأيهم، وإن كرهه ابتداء؛ ليقضي الله أمرا كان مفعولا، وهذا ما ظهر لي ولم أره لأحد) اهـ
قال العبد الضعيف كان الله له: ويمكن أن يقال في الجواب: إنّ المسألة لم يكن فيها وحي من الله تعالى يتبع، بل كان الأمر فيه إلى اجتهاده صلى الله عليه وسلم، قد أعلمه الله
(1) يتعلق بقوله: (عدل) اهـ
فراح نحو أحد وابتكرا
…
وخام عنه ابن أبيّ وامترا
تعالى بمقتضى تلك الرؤيا، من استشهاد بعض أصحابه، وما يصيبهم من التمحيص في ذلك اليوم، وكان ذلك مرتبا على الخروج إلى العدوّ. وهذا ما ظهر، والعلم عند الله تعالى.
(فراح) أي: ذهب صلى الله عليه وسلم بعد الزوال وصلاة الجمعة، ولبس لأمته (نحو) أي: جهة جبل (أحد، وابتكرا) أي: سار بكرة، ومعه صلى الله عليه وسلم ألف من أصحابه، وعقد ثلاثة ألوية:
لواء للأوس، بيد أسيد بن الحضير، ولواء للخزرج بيد الحباب بن المنذر، ولواء المهاجرين، بيد مصعب بن عمير.
واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم رضي الله عنه على الصلاة بالناس.
ثمّ ركب فرسه، وتقلد القوس، والمسلمون عليهم السلاح، وخرج السعدان يعدوان أمامه، والناس عن يمينه، وعن شماله، حتى انتهى إلى رأس الثّنيّة، حتى إذا كان بالشيخين «1» .. التفت فنظر إلى كتيبة خشناء لها زجل فقال:
«ما هذه؟» فقالوا: هؤلاء حلفاء ابن أبيّ من يهود، فقال:
(1) اسم موضع بطريق أحد، فإنّ شيخا وشيخة كانا يجلسان عليه يتناجيان هناك، وهو مشهور عند أهل المدينة بهذا الاسم.