الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عرف من عاداته صلى الله عليه وسلم: أنّه لا يسأل شيئا إلّا أعطاه (فأطلقوا وطردوا من طيبته) إلى أذرعات، وقال عليه الصلاة والسلام:«خلّوهم له، لعنهم الله ولعنه معهم» وتركهم من القتل، وأمر أن يجلوا من المدينة، وتولى ذلك عبادة بن الصامت، فلحقوا بأذرعات، فما كان أقل بقاءهم بها.
فائدة: طيبة: اسم من أسماء المدينة المنوّرة
،
سميت بذلك لكمال المناسبة بين الاسم والمسمّى، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأنّه ينصع طيبها وتنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد، والمشاهدة لمن نوّر الله بصيرته أكبر شاهد على ذلك، ولقد صدق والله القائل حيث يقول:
بطيبة عرّج إنّ بين قبابها
…
حبيبا لأدواء القلوب طبيب
إذا لم تطب في طيبة عند طيب
…
به طيبة طابت فأين تطيب؟
عزاه أبو سالم العياشي في «رحلته» إلى الشيخ إبراهيم بن الشيخ خير الدين، من علماء المدينة المنوّرة الذين أخذ عنهم، قال العياشي: وقد تطفلت عليه في ذلك فقلت:
بطيبة طاب الطيّبون لطيبها
…
بأطيب طيب طيّب لمطيّب
وفي بعض الأخبار عن كعب الأحبار قال: (إنّا نجد في التوراة: يقول الله للمدينة: «يا طيبة، يا طابة، يا مسكينة؛ لا تقبلي الكنوز، ارفعي أجاجيرك على أجاجير القرى» )«1» .
وكانت تسمى قبل ذلك بيثرب، اسم رجل من العماليق أول ما نزلها؛ ولما في هذا الاسم من التثريب نهى الشارع عن هذه التسمية؛ إذ لا يليق بها ذلك.
وأمّا قوله تعالى في (سورة الأحزاب) : وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ.. فذلك حكاية عن طائفة من المنافقين قالت: يا أهل يثرب؛ لا مقام لكم، فنبه بما حكى عنهم، أنّهم قد رغبوا عن اسم سمّاها الله به، وأبوا إلّا ما كانوا عليه في جاهليتهم، والله تعالى سمّاها المدينة، فقال غير حاك عن أحد: ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ الآية.
وقد ذكر العلّامة البركة العارف بالله عز وجل، الشيخ محمّد بن عبد رب النبيّ الأنصاري القشاشيّ كثيرا من أسماء المدينة، في مؤلّفه المسمى «الدرّة الثمينة فيما لزائر المدينة» فانظره.
(1) جمع إجار، بكسر الهمزة فتشديد الجيم بلغة أهل الشام والحجاز: هو سطح ليس حواليه ما يرد الساقط عنه، وفي الحديث:«من بات على إجار.. فقد برئت منه الذمة» وفي حديث محمّد بن مسلمة: (فإذا جارية من الأنصار على إجار لهم) اهـ «نهاية»