الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدّقنا ولا صلّينا
وإذ ترحّم للانشاد عليه
…
هلك من رجوع سيفه إليه
رواية: «من هنيهاتك» وفي لفظ: «من هنيّاتك» بقلب الهاء الثانية ياء؛ أي: من أراجيزك وأشعارك (وقال) عامر ممتثلا (إذ أنشده) :
(والله «1» لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدّقنا ولا صلّينا)
وبعده كما في «العيون» :
إنّا إذا قوم بغوا علينا
…
وإن أرادوا فتنة أبينا
فأنزلن سكينة علينا
…
وثبّت الأقدام إن لاقينا
فقال صلى الله عليه وسلم: «يرحمك الله» وفي رواية:
«غفر لك ربك» وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصّه في مثل هذا الموطن إلّا استشهد، ولذا قال عمر رضي الله عنه كما في الصحيح:(وجبت يا نبيّ الله، لو أمتعتنا به) .
استشهاد عامر بن الأكوع:
وقد أشار الناظم إلى هذا بقوله:
(وإذ ترحّم) عليه بقوله ذلك (للإنشاد) لذلك الرجز،
(1) في «صحيح مسلم» بلفظ: «اللهمّ» قال الإمام النووي: (كذا الرواية، قالوا: وصوابه: لاهم، أو تالله، أو والله، كما في الحديث الآخر: «فو الله لولا الله» ) اهـ
واستشعر الفاروق أن يستشهدا
…
وأخبر الهادي به باد بدا
فقوله: (عليه)، متعلق ب (ترحّم) (هلك) أي: مات، نظيره قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ الآية من (سورة غافر)(من رجوع سيفه) أي: عامر (إليه) وهو يقاتل، فأصاب ركبته.
(واستشعر) أي: فطن سيدنا عمر (الفاروق) بين الحق والباطل، والإيمان والكفر، من قوله صلى الله عليه وسلم ذلك (أن يستشهدا) بالبناء للمفعول؛ أي: في هذه الغزوة (وأخبر) بالبناء للمفعول (الهادي) صلى الله عليه وسلم (به) أي: بموت عامر برجوع سيفه عليه (باد) بالتنوين (بدا) بصيغة الماضي، بمعنى: أول كل شيء، وهذه الكلمة فيها لغات كثيرة، وذكرها في «القاموس» في مادة (بدأ) وضبطها السيد الزّبيدي في «شرحه» ضبطا يرجع إليه؛ فإنّ النسخ من «القاموس» في هذا الموضع في اختلاف شديد، ومصادمة بعضها مع بعض، فليكن الناظر على حذر منها.
قال الإمام البخاريّ في «الصحيح» من حديث طويل، من رواية يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة، عن سلمة بن عمرو بن الأكوع وفيه: (فلمّا تصافّ القوم.. كان سيف عامر قصيرا، فتناول به ساق يهوديّ ليضربه، فرجع ذباب سيفه أي: طرفه الأعلى- فأصاب عين ركبة عامر فمات منه، قال: فلمّا قفلوا- أي: رجعوا من خيبر- قال سلمة: رآني
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي، فلمّا رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم شاحبا- أي: متغير اللون- قال: «مالك؟» قلت له: فداك أبي وأمي، زعموا أنّ عامرا حبط عمله، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«كذب من قاله، وإنّ له لأجرين- وجمع بين إصبعيه- إنّه لجاهد مجاهد، قلّ عربي مشى بها مثله» ) اهـ، والضمير في قوله «بها» للأرض أو المدينة، أو الحرب، أو الخصلة.
وقال ابن إسحاق: (حدّثني محمّد بن إبراهيم التّيمي، عن أبي الهيثم بن نصر الأسلمي، أنّ أباه حدّثه: أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع، وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع، وكان اسم الأكوع سنانا:«انزل يا ابن الأكوع، فخذ لنا من هناتك» قال: فنزل يرتجز برسول الله صلى الله عليه وسلم:
والله لولا الله ما اهتدينا
…
إلى آخر الأبيات، فقال صلى الله عليه وسلم:«يرحمك الله» فقال عمر بن الخطاب: وجبت والله يا رسول الله، لو أمتعتنا به، فقتل يوم خيبر شهيدا، وكان قتله فيما بلغني: أنّ سيفه رجع عليه وهو يقاتل فكلمه- أي: جرحه- كلما شديدا، فمات منه، فكان المسلمون قد شكّوا فيه، وقالوا:
إنّما قتله سلاحه، حتى سأل ابن أخيه سلمة بن عمرو بن الأكوع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأخبره بقول