الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سرية ذي الكفين «1» ، فرمتهم ثقيف بالنبل، فقتل من المسلمين اثنا عشر رجلا.
إباء الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء على ثقيف:
(و) لمّا أحرقتهم نبال ثقيف (سئل) أي: سأل الصحابة النّبيّ صلى الله عليه وسلم (الدعا عليهم) فقالوا:
يا رسول الله؛ ادع على ثقيف، (فأبى) عليه الصلاة والسلام؛ لعظيم حلمه، وكريم أخلاقه، ولنظره السامي أن يخرج الله من أصلابهم من يؤمنون بالله عز وجل، ورجاء أن يهديهم الله للدخول في حظيرة الإسلام، ومن ثمّ لمّا سئل ذلك.. أبى، وقال عليه الصلاة والسلام:«اللهمّ؛ اهد ثقيفا، وائت بهم مسلمين» .
ومن ألقى نظرة إلى سوء ما عاملت به ثقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنّهم آذوه أشد الأذى يوم أتاهم للدعوة إلى دين الله، وإلى ما يقوله عليه الصلاة والسلام في شأنهم في هذا اليوم يرى سموّ أخلاقه، وكرم نفسه الشريفة؛ فقد قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله؛ هل مرّ عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ فقال: «ما لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت
(1) تثنية كف، وهو صنم من خشب كان لعمرو بن حممة.
وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلّا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إنّ الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم عليّ، ثم قال:
يا محمّد؛ ذلك لك إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين..
فعلت، - فقال صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا»
وقد حقق الله ما رجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من هداية ثقيف، وقدوم وفدهم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم مسلمين طائعين.
وهذا الحديث موافق لقوله تعالى: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وقوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ وإلى هذا المعنى أشار سيدي عبد العزيز الفاسي في «قرّة الأبصار» وأجاد بقوله:
وكان قادرا على التدمير
…
لو شاء لكن جاد بالتأخير
حتى هدى الله به من شاء
…
منهم ومن أصلابهم أبناء
ثم أعزّ دينه ونصره
…
وأيّد الحق به وأظهره