الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخاب صخر إذ أتى يرأب ما
…
أثاه غدر قومه فانفصما
العهد مقيمة، فلذلك بعث عليه الصلاة والسلام ضمرة إلى قريش يسألهم عن هذا الأمر؛ ليزداد الموقف وضوحا، ولما لم يبق مجال للشكّ في أنّ القوم قد قاموا بما يوجب نقض العهد الذي أبرم أمس.. خيّرهم بين أمور ثلاثة، فكان عليه الصلاة والسلام قد أنذر وأعذر، وقام بالعهد المبرم.
بعث قريش أبا سفيان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم:
ولمّا ردّت قريش ضمرة لذلك: على أن لا يدوا، ولا يبرؤوا، ولكنهم ينبذون على سواء.. ندمت على ذلك، فبعثت أبا سفيان إلى المدينة يسأله صلى الله عليه وسلم أن يجدّد العهد ويزيد في المدّة، فلم يردّ عليه شيئا، ورجع لمكة، ولم يأت بنجح، كما قال الناظم:
(وخاب) أبو سفيان (صخر) بن حرب ولم يظفر بمطلوبه، وكان هو سيد قريش، والمقدّم فيها بعد أبي جهل (إذ أتى) وقدم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة (يرأب) أي: يصلح (ما) أي: الأمر الذي (أثآه) يقال:
رأب الثأي: أصلح الفساد، وأثأى في القوم: أي: جرح فيهم، وأثأى الشيء أي: أفسده (غدر) بفتح الغين المعجمة؛ أي: ترك وفاء (قومه) قريش بإعانتهم بني بكر على خزاعة حلفاء المسلمين، ودخول بعض من قريش في ميدان القتال خفية ليلا، وظهور ذلك ظهور نار القرى.
ولمّا دخل على ابنته أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها..
ذهب ليجلس على فراشه صلى الله عليه وسلم، فطوته عنه، فقال: ما أدري: أرغبت بي عن هذا الفراش، أم رغبت به عني؟ قال: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت رجل مشرك نجس، ولم أحبّ أن تجلس على فراشه صلى الله عليه وسلم. قال: والله؛ لقد أصابك يا بنيّة بعدي شرّ، فقالت: بل هداني الله للإسلام، فأنت يا أبت سيّد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك الدخول في الإسلام، وأنت تعبد حجرا لا يسمع ولا يبصر؟ فقام من عندها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فكلمه أن يجدّد العهد ويزيد في المدّة، فلم يرد عليه شيئا.
قال في «شرح المواهب» : (وعند الواقديّ: فقال:
يا محمّد؛ إنّي كنت غائبا في صلح الحديبية، فأجدد العهد، وزدنا في المدة، فقال صلى الله عليه وسلم:«فلذلك جئت؟» قال: نعم، فقال:«هل كان من حدث؟» فقال:
معاذ الله! نحن على عهدنا وصلحنا، لا نغيّر ولا نبدّل، فقال صلى الله عليه وسلم:«فنحن على ذلك» فأعاد أبو سفيان القول، فلم يرد عليه شيئا، فذهب إلى أبي بكر، فكلّمه أن يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أنا بفاعل، فأتى عمر، فقال: أأنا أشفع لكم؟ والله؛ لو لم أجد إلّا الذّرّ لجاهدتكم به، ثمّ دخل على عليّ وعنده فاطمة، وحسن غلام يدب بين يديها، فقال: يا عليّ؛ إنّك أمسّ القوم