الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحالت الرّيح ودارت الرّحى
…
وذاق من خالفه ما اجترحا
فقتلوهم، وقتلوا أميرهم عبد الله بن جبير، وانتقضت صفوف المسلمين.
شؤم مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم:
(وحالت الريح) قلت: يصح قراءته بالجيم المعجمة، من الإجالة بمعنى الإدارة، والمراد بالريح: القوة؛ أي:
ودارت القوة للعدوّ على المسلمين بشؤم المخالفة، ويصح قراءته بالحاء المهملة؛ أي: حالت الريح، وتغيرت إلى دبور، بعد أن كانت صبا، والله أعلم (ودارت الرحى) أي:
رحى الحرب.
قال في «روض النّهاة» : (إن أراد بها حومة الحرب..
فحسّية، وإن أراد الرحى المعروفة.. فاستعارة عن انقلابها إلى الهزيمة، إكراما وتمحيصا للمسلمين، أكرم الله تعالى من أكرم منهم بالشهادة) .
روى الإمام أحمد والحاكم عن ابن عباس: أنّهم لما رجعوا.. اختلطوا بالمشركين، والتبس العسكران، فلم يتميزوا؛ أي: حتى صاروا يقاتلون من غير شعارهم الذي هو: (أمت أمت) فوقع القتل في المسلمين بعضهم في بعض (وذاق من خالفه) صلى الله عليه وسلم عاقبة (ما اجترحا) أي: اكتسب من المخالفة.
وصرخ الصّارخ أن مات النّبي
…
فارتهبوا لذاك كلّ الرّهب
وقال إذ ذلك: «لو كان لنا»
…
من دهش قائلهم فافتتنا
(وصرخ) أي: صاح (الصارخ) إبليس اللعين وقد تصور في صورة جعال بن سراقة (أن مات النّبي) صلى الله عليه وسلم؛ ليرهب بذلك المؤمنين (فارتهبوا لذاك) الخبر المشؤوم (كل الرّهب) الخوف، وقيل: إنّ الصارخ هو عبد الله بن قميئة بوزن سفينة، لما قتل مصعب بن عمير، فظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنّه كان يشبهه إذا لبس اللأمة، فصاح: أن قتلت محمّدا.
قال موسى بن عقبة: ولما فقد عليه الصلاة والسلام قال رجل منهم: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل، فارجعوا إلى قومكم؛ ليؤمّنوكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم، فإنّهم داخلوا البيوت.
وقال آخرون: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل، أفلا تقاتلون على دينكم، وعلى ما كان عليه نبيّكم، حتى تلقوا الله عز وجل شهداء؟ منهم أنس «1» بن مالك، شهد له بهذه المقالة عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ.
(وقال إذ ذلك) أي: وقت صرخ الصارخ: أن مات النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (لو كان لنا) من الأمر شيء ما قتلنا
(1) قال اليعمري في «عيون الأثر» : (كذا وقع في هذا الخبر أنس بن مالك، وإنّما هو أنس بن النضر، عم أنس بن مالك بن النضر) اهـ