الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لك فرجا ومخرجا» فوثب عمر يمشي إلى جنبه ويقول:
اصبر؛ فإنّما هم المشركون، وإنّما دم أحدهم كدم الكلب ويدني منه قائم السيف- يقول عمر: رجوت أن يأخذ السيف، فيضرب به أباه، قال: فضنّ الرجل بأبيه، ونفذت القضية) اهـ
قلت: وذلك لما في علم الله تعالى أنّه يسلم بعد ذلك أبوه سهيل، ويحسن إسلامه؛ حتى يتبوّأ المقام المحمود يوم وفاته عليه الصلاة والسلام، ويخطب فيهم بمكة خطبة كخطبة أبي بكر بالمدينة، رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
قال في «الإمتاع» : (عن أبي بكر رضي الله عنه: لقد نظرت إلى سهيل بن عمرو في حجة الوداع قائما عند النحر يقرب إلى رسول الله بدنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينحرها بيده، ودعا الحلاق فحلق رأسه، فأنظر إلى سهيل يلتقط من شعره، وأراه يضعه على عينيه، وأذكر إباءه أن يقر يوم الحديبية بأن يكتب «بسم الله الرّحمن الرّحيم» وإباءه أن يكتب أنّ «محمّدا رسول الله» فحمدت الله الذي هداه للإسلام) فصلوات الله وبركاته على نبيّ الرّحمة الذي هدانا الله به، وأنقذنا به من الهلكة.
موقف عمر وأبي بكر من شروط الصلح:
ولغلظ ذلك الشرط قام سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه، فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: قلت: ألست نبيّ الله
حقّا؟ قال: «بلى» قلت: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل؟ قال: «بلى» زاد البخاري في (الجزية) و (التفسير) : (أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟
قال: «بلى» قلت: فلم نعطي الدّنيّة في ديننا إذن؟ قال:
«إنّي رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري» قلت:
أو ليس كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى، أفأخبرتك أنّا نأتيه العام» قلت: لا، قال:«فإنّك آتيه، ومطوّف به» قال: فأتيت أبا بكر، فقلت: يا أبا بكر؛ أليس هذا نبيّ الله حقا؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحقّ، وعدوّنا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدّنيّة في ديننا إذن؟ قال أبو بكر: أيّها الرجل؛ إنّه رسول الله، ليس يعصي ربّه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فو الله إنّه على الحق، قلت: أو ليس كان يحدّثنا أنّا سنأتي البيت فنطوف به؟
قال: بلى، أفأخبرك أنّا نأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه، ومطوّف به.
قلت: وفي هذه القصة ما يدل على فضل أبي بكر ومزيد علمه ومعرفته بأحوال المصطفى صلى الله عليه وسلم، وموافقته له في جواب عمر حرفا بحرف، مع أنّه لم يسمع مقالته عليه الصلاة والسلام لعمر.
ولعلم عمر بمكانة أبي بكر، وفضله العلميّ، وأنّه أكمل الصحب.. لم يسأل أحدا غيره بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم.