الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعتقبوا في ذلك المسير
…
كلّ ثلاثة على بعير
صلى الله عليه وسلم (لعير) أبي سفيان (صخر) بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، والعير: الإبل تحمل الطعام (آئبة) أي: حال كونها راجعة (من شأمها بالكثر) فإنّ عدد العير ألف بعير، وعدد الدنانير خمسون ألفا، وخرج معه صلى الله عليه وسلم، ثلاث مئة وبضعة عشر رجلا من الأصحاب، أربعة وستون من المهاجرين، وسائر الجيش من الأنصار، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير وكان أبيض، واستعمل ابن أم مكتوم على الصلاة بالناس، واستعمل على المدينة أبا لبابة لما ردّه من الروحاء.
وقال صلى الله عليه وسلم لما ندب الناس إلى العير:
«هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها؛ لعلّ الله ينفّلكموها» وبعث صلى الله عليه وسلم سعيد بن زيد، وطلحة بن عبيد الله يتجسّسان خبر العير، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
قلّة الظّهر والسلاح عند المسلمين:
(واعتقبوا) أي: ركبوا نوبة: هذا مرة، والآخر مرة، والعقبة: بوزن علبة: النوبة (في ذلك المسير) إلى قتال المشركين، على الكيفية التي أشار لها بقوله:(كلّ ثلاثة على بعير) وكان معهم سبعون بعيرا.
قال في «شرح المواهب» : (فكان صلى الله عليه
ولم يكونوا أوعبوا للحرب
…
إذ ما غزوا لغير نهب الرّكب
وسلم، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة- ويقال:
مرثد بن أبي مرثد الغنوي- يعتقبون بعيرا.
وقد روى الحارث بن أبي أسامة، وابن سعد عن ابن مسعود قال: كنّا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، وكان أبو لبابة وعليّ زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا كانت عقبة النّبيّ صلى الله عليه وسلم.. قالا: اركب ونحن نمشي عنك، فيقول:«ما أنتما بأقوى مني على المشي، وما أنا بأغنى عن الأجر منكما» وعليه: فجملة الذين يعتقبون مئتان وعشرة، فيحتمل أنّ الباقين لم يركبوا، أو أنّ الثلاثة تركب مرة ثمّ يدفعونه- أي: البعير- إلى غيرهم؛ ليركبوه مرة أخرى، وركوب أبي لبابة معهم كان قبل ردّه من الروحاء، وبعده أعقب مرثدا، كما عند ابن إسحاق، أو زيدا كما عند غيره) .
(ولم يكونوا) أي: الصحابة (أوعبوا للحرب) أي: لم يخرجوا جميعهم له؛ لعدم علمهم به، ولو علموا ذلك..
لأوعبوا، لكن مجرد الغنيمة، كما قال:(إذ ما غزوا لغير نهب الركب) الذي مع أبي سفيان وهو العير، قال تعالى:
وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ يعني: أنّه صلى الله عليه وسلم لمّا أمرهم بالخروج إلى العير وأمر من كان ظهره حاضرا بالنهوض.. أجاب ناس، وثقل آخرون؛ لظنهم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد حربا.
قال في «الإمتاع» : (فخرج معه المهاجرون، وخرجت
وليس عندهم من السّيوف
…
غير ثمان للعدا حتوف
الأنصار، ولم يكن غزا بأحد منهم قبل ذلك، فنزل بالبقع على ميل من المدينة، والتقيا على أربع مراحل من المدينة، وهي بيوت السّقيا، يوم الأحد لثنتي عشرة خلت من رمضان، فضرب عسكره هناك، وعرض المقاتلة، فردّ عبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، ورافع بن خديج، والبراء بن عازب، وأسيد بن حضير، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، ولم يجزهم.
وعرض عمير بن أبي وقاص فاستصغره، فقال:«ارجع» فبكى، فأجازه، فقتل ببدر وهو ابن ستّ عشرة سنة، وأمر صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يستقوا من بئر السّقيا، وشرب من مائها، وصلّى عند بيوت السقيا، ودعا يومئذ لأهل المدينة فقال: «اللهمّ، إنّ إبراهيم عبدك، وخليلك، ونبيك دعاك لأهل مكة، وإنّي محمّد عبدك ونبيك؛ أدعوك لأهل المدينة:
أن تبارك لهم في صاعهم، ومدّهم، وثمارهم، اللهمّ؛ وحبّب إلينا المدينة، واجعل ما بها من الوباء بخمّ، اللهمّ؛ إنّي حرّمت ما بين لابتيها كما حرّم إبراهيم خليلك مكة» وهم على ثلاثة أميال بالجحفة بين الحرمين الشريفين) .
(وليس عندهم) أي: الصحب الكرام رضوان الله عليهم أجمعين (من السيوف غير ثمان) ولكنها هي المهلكة، كما قال:(للعدا حتوف) بالجر صفة لثمان؛ أي: ثمان، كثيرة الإهلاك للأعداء.