الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوهم، فبعث صلى الله عليه وسلم إلى حاطب، فاعتذر، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فقد نافق-:
«يا عمر «1» ؛ إنّه قد شهد بدرا، وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال لهم: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم» .
وروى الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: «إنّ الله اطّلع على أهل بدر فقال:
اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم» .
واعلم: أنّه ليس في ذلك الترخيص لهم في فعل المعاصي، بل المعاصي إذا أتوها.. فهي معاص في حكم الشرع، لا مباحات، ولكن لا يترتب عليها العقاب في الآخرة بل في الدنيا، فقد ثبت في مسند الإمام أحمد من حديث جابر:«لن يدخل النار رجل شهد بدرا، والحديبية» فهم ناجون في حكم الآخرة، ولا دلالة في الحديث على أنّه لا يقام عليهم الحد؛ فقد أقام عليه الصلاة والسلام الحدّ على مسطح، وهو بدريّ، وعمر بن الخطاب على قدامة بن مظعون الحد لما شرب الخمر.
لطيفة:
اقتبس الحديث المذكور بعض الأدباء فقال في محبوب يسمّى بدرا:
يا بدر أهلك جاروا
…
وعلموك التّجرّي
(1) مقول لقوله: (قال صلى الله عليه وسلم لعمر) .
وقبّحوا لك وصلي
…
وزيّنوا لك هجري
فليفعلوا ما أرادوا
…
فإنّهم أهل بدر
(لذاك) أي: لأجل ما ذكر من الكتاب الذي كتبه الله، وقدّره لمن شهد بدرا (ما شهدها) أي: الغزوة رجل (منافق) : وهو من أظهر الإيمان وأسرّ الكفر؛ لئلّا يدخل في صفتهم الخطيرة.
قال في «روض النّهاة» : (واعتذر عن ثعلبة بن حاطب، ومعتّب بن قشير، والحارث بن سويد، بأنّهم شهدوا بدرا، وخرج معهم يومئذ رجلان من الأنصار: حبيب «1» بن إساف، وآخر لم يسمّ وهما لم يسلما قبل، فقال لهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«أسلمتما؟» قالا: لا، قال:«فأين تريدان؟» قالا: نقاتل مع قومنا، قال:«إنّا لا نستعين بمشرك، فإمّا أن تسلما، وإمّا أن ترجعا إلى بلدكما» فأسلما، وشهدا بدرا، رضي الله عنهما .
قلت: وفي حديث حارثة- الآتي ذكره في المستشهدين من الأنصار في هذا اليوم- ما ينبّه على عظيم فضل من شهد بدرا؛ فإنّ حارثة هذا كان في النظّارة من بعيد، ولم يكن في
(1) حبيب بن إساف: بكسر الهمزة، وقد تبدل ياء: أوسي، ذكره في «الإصابة» وفي «الشامية» اهـ