الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان لا يعتاف إلّا أنّه
…
يعجبه الفأل إذا عنّ له
يعني: كان صلى الله عليه وسلم لا يتطيّر ولا يتشاءم، إلّا أنّه يعجبه الفأل الحسن إذا عرض له.
وحاصل القول هنا: أنّه لمّا انتهى سهيل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم.. جرى بينهما القول، وأطال سهيل الكلام، حتى أسفر المقال عن الصلح، على أن يوضع الحرب بينهم عشر سنين، كما في رواية ابن إسحاق، وهو المعتمد، وأن يؤامر بعضهم بعضا، وأن يرجع عنهم عامهم هذا، ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يكتب
كتاب الصلح
.
كتاب الصلح:
فأمر عليه الصلاة والسلام عليا أن يكتب: (بسم الله الرّحمن الرّحيم) فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب:
(باسمك اللهمّ) فقال صلى الله عليه وسلم: «اكتب:
باسمك اللهمّ» فكتبها، ثمّ قال:«اكتب: هذا ما صالح عليه محمّد رسول الله سهيل بن عمرو» فقال سهيل: لو شهدت أنّك رسول الله.. لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اكتب: هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله سهيل بن
عمرو «1» ، اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، يأمن فيهنّ الناس، ويكف بعضهم عن بعض، على أنّه من أتى محمّدا من قريش بغير إذن وليّه رده عليهم، ومن جاء قريشا ممّن مع محمّد لم يردوه عليه، وأنّ بيننا عيبة مكفوفة «2» ، وأنّه لا إسلال «3» ولا إغلال، وأنّه من أحبّ أن يدخل في عقد محمّد وعهده دخل فيه، ومن أحبّ أن يدخل في عقد قريش وعهدهم.. دخل فيه..» «4» وأنّك ترجع عنا عامك هذا، فلا تدخل علينا مكة، وأنّه إذا كان عام قابل.. خرجنا عنك، فدخلتها بأصحابك، فأقمت بها ثلاثا، معك سلاح الراكب:
السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها.
(1) في رواية البخاري ومسلم من حديث البراء: فقال صلى الله عليه وسلم لعلّي: «امحه» فقال: ما أنا بالذي أمحاه، وهي لغة في امحه- بضم الحاء- قلت: وهذا أصل لمن يرى أنّ سلوك الأدب مقدم على امتثال الأمر. ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أرني مكانها» فأراه مكانها، وكتب: محمّد بن عبد الله، وفي رواية البخاري في باب عمرة القضاء من حديث البراء: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب- وليس يحسن أن يكتب- فكتب هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد الله. وإسناد الكتابة إليه صلى الله عليه وسلم على سبيل المجاز، أو هو السبب الآمر، وخالف الباجي في ذلك، وردّ عليه الأئمّة الأعلام. انظر «عيون الأثر» في هذا المقام.
(2)
قال السهيلي: (أي: صدورا منطوية على ما فيها لا تبدي عداوة، وضرب العيبة مثلا، قال صلى الله عليه وسلم: «الأنصار كرشي وعيبتي» فضرب العيبة مثلا لموضع السر وما يعتد به من ودّهم) اهـ
(3)
الإسلال: السرقة والخسّة ونحوها، وهي السلة، قالوا في المثل: الخلة تدعو إلى السلة. والإغلال: الخيانة، يقال: فلان مغل الإصبع؛ أي: خائن اليد. اهـ «روض» .
(4)
عند ذلك بادرت خزاعة فقالت: نحن في عقد محمّد وعهده، وبادرت بنو بكر فقالت: نحن في عقد قريش وعهدهم.