الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأسلموا بعد وفي من فسّقا
…
أرسله الهادي لهم مصدّقا
إسلام الحارث وبني المصطلق:
(وأسلموا) أي: بنو المصطلق (بعد) أي: بعد أن أسروا، وأعتقوا؛ لمصاهرة النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأسلم الحارث بن أبي ضرار، وسبب إسلامه: ما ذكره الحافظ عن ابن إسحاق في «المغازي» : (أنّ الحارث جاء إلى المدينة ومعه فداء ابنته بعد أن أسرت، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا كان بالعقيق.. نظر إلى الإبل، فرغب في بعيرين منها، فغيّبهما في شعب من شعابه، ثمّ جاء فقال: يا محمّد؛ هذا فداء ابنتي، فقال:«فأين البعيران اللذان غيّبتهما بالعقيق في شعب كذا وكذا؟» فقال الحارث:
أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّك رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما اطلع على ذلك إلّا الله، قال: فأسلم، وأسلم معه ابنان له وناس من قومه رضي الله عنهم، فدفع الإبل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ودفعت إليه ابنته جويرية، فأسلمت وحسن إسلامها) .
قصة الوليد بن عقبة ونزول الآية فيها:
(وفي من فسّقا) بالبناء للمفعول، وألفه للإطلاق، وهو بتضعيف العين؛ أي: فسقه الله تعالى، و (من) الموصولة واقعة على الوليد بن عقبة بن أبي معيط، والجار والمجرور يتعلق بقوله بعد:(أنزل) .
إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ أنزل وهم
…
خزاعة مصطلق جدّ لهم
(أرسله الهادي) صلى الله عليه وسلم، حال من نائب فاعل فسّق (لهم) أي: لبني المصطلق (مصدقا) بكسر الدال المشددة؛ أي: آخذا الصدقة.
وقوله: (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ) مبتدأ على إرادة اللفظ أو الآية، خبره جملة (أنزل)، نظيره:«لا حول ولا قوة إلّا بالله كنز من كنوز الجنة» يعني: أنّ في الوليد المذكور الذي فسّقه الله تعالى في الآية حال كونه مرسلا من قبل النّبيّ صلى الله عليه وسلم لبني المصطلق ليأخذ الصدقة.. أنزلت وهي:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا.
قال اليعمري في «العيون» : (ثمّ بعد ذلك بأزيد من عامين، بعث إليهم الوليد بن عقبة مصدّقا، فخرجوا للقائه، فتوهّم أنّهم خرجوا لمقاتلته، ففرّ راجعا، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بظنّه، فهمّ عليه الصلاة والسلام بقتالهم، فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا الآية والتي بعدها) .
وقال ابن إسحاق: (حدّثني يزيد بن رومان: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فلمّا سمعوا به.. ركبوا إليه، فلمّا سمع بهم.. هابهم، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنّ القوم قد همّوا بقتله، ومنعوه ما قبلهم من صدقتهم، فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم، حتى همّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يغزوهم.
فبيناهم على ذلك.. قدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله؛ سمعنا برسولك حين بعثته إلينا، فخرجنا إليه لنكرمه ونؤدّي إليه ما قبلنا من الصدقة، فانشمر راجعا، فبلغنا أنّه زعم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنّا خرجنا إليه لنقتله، ووالله؛ ما جئنا لذلك، فأنزل الله تعالى فيه وفيهم: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ. وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ.
فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
قال الحافظ ابن عبد البر في «الإستيعاب» : (ولا خلاف بين أهل العلم بالتأويل للقرآن فيما علمت أنّ قول الله عز وجل: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ نزلت في الوليد بن عقبة وذكر البعث
…
) إلخ.
(وهم) تفسير للضمير المجرور في قوله: (أرسله الهادي لهم)(خزاعة) يعني: أنّ بني المصطلق من خزاعة؛ فإنّ بني المصطلق هم بنو جذيمة، و (مصطلق جدّ لهم) .
قال في «المواهب» : (والمصطلق: لقب، واسمه:
جذيمة بن سعد بن عمر، بطن من بني خزاعة) .