الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصق عليه؛ أي: أخرج ريقه، ورمى به، قال معاذ:
وضربني ابنه عكرمة على عاتقي، فطرح يدي، فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني؛ أي: شغلني القتال عنها، فلقد قاتلت عامة يومي، وإنّي لأسحبها خلفي، فلمّا آذتني وضعت عليها قدمي، ثمّ تمطيت بها عليها، حتى طرحتها.
قال في «المواهب» : (وجاء معاذ بن عمرو يحمل يده ضربه عليها عكرمة- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكره القاضي عياض عن ابن وهب، فبصق عليه الصلاة والسلام عليها، فلصقت) .
تنبيه:
ما ذكره الناظم تبع فيه أصله اليعمريّ، وعليه جرى القسطلاني كما رأيت، قال الزرقاني:(وانتقده- يعني اليعمري- محشّيه البرهان، بأنّ الذي في «الشفاء» معوذ بن عفراء. قلت: ينبغي اعتماد ما في «الصحيحين» من حديث أبي سليمان التيمي، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ينظر ماذا صنع أبو جهل؟» قال ابن مسعود: أنا يا رسول الله، فانطلق فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، قال: فأخذ بلحيته، قال: فقلت: أنت أبو جهل؟ فقال: وهل فوق رجل قتلتموه؟! أو قال: قتله قومه، وكذلك ردّه محشيه، بأنّ القاطع لها أبو جهل) .
فرعون الامّة النّبيّ عرّفا
…
بجحشه ركبته إذا اختفى
قال الزرقاني: (نعم؛ روى ابن إسحاق، ومن طريقه الحاكم عن ابن عباس قال: قال معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بني سلمة: سمعتهم يقولون وأبو جهل في مثل الحرجة «1» : أبو جهل لا يخلص إليه، فجعلته من شأني، فصمدت نحوه، فلمّا أمكنني.. حملت عليه، فضربته ضربة أطنّت قدمه بنصف ساقه، قال: فوالله ما شبّهتها حين طاحت إلّا بالنواة تطيح من تحت مرضحة النوى حين يضرب بها، قال: وضربني ابنه عكرمة على عاتقي، فضرب يدي، فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني القتال عنه، فلقد قاتلت عامّة يومي وإنّي لأسحبها خلفي، فلمّا آذتني.. وضعت عليها قدمي ثمّ تمطّيت عليها حتى طرحتها، قال ابن إسحاق: ثمّ عاش بعد ذلك حتى كان زمن عثمان رضي الله عنه، ولم يذكر في حديثه هذا أنّه أتى بها المصطفى، فتوهم اليعمريّ، وتبعه القسطلاني: أنّ كلام القاضي فيه توهم؛ لأنّها قصة أخرى كما علم) .
(فرعون) هذه (الأمّة) وهو أبو جهل، لقّبه النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم قال: هذا فرعون هذه الأمّة: عزاه ابن كثير في «البداية» لأبي داود والنّسائي من حديث طويل، وقال اليعمريّ في «العيون» :
(روينا عن ابن عائذ: حدّثنا الوليد، قال حدّثني خليد، عن
(1) بفتح الحاء المهملة والراء والجيم وتاء تأنيث: شجر ملتف كالغيضة، قاله في «النهاية» .
بين الهوالك وكلّم النّبي
…
جثثهم موبّخا للخشب
قتادة: أنّه سمعه يحدث: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ لكل أمّة فرعونا، وإنّ فرعون هذه الأمّة أبو جهل، قتله الله شر قتلة، قتله ابنا عفراء، وقتلته الملائكة، وذففه ابن مسعود» يعني: أجهز عليه) .
وقوله: (فرعون) مبتدأ وقوله: (النبيّ) مبتدأ ثان، خبره (عرفا) أي: بينه للصّحب الكرام لما أمر أن يلتمس أبو جهل في القتلى (بجحشه) بتقديم الجيم على الحاء؛ أي: بخدش النّبيّ صلى الله عليه وسلم (ركبته) أي: ركبة أبي جهل (إذا اختفى بين الهوالك) .
قال في «السيرة الهشامية» : (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحب الكرام، فيما بلغني:«انظروا إن خفي عليكم- يعني أبا جهل- في القتلى، إلى أثر جرح في ركبته؛ فإنّي ازدحمت يوما أنا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان ونحن غلامان، وكنت أشفّ منه بيسير، فدفعته، فوقع على ركبتيه، فجحشته في إحداهما جحشا لم يزل أثره به» ، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: فوجدته بآخر رمق، فعرفته، فوضعت رجلي على عنقه، قال: وقد كان ضبث»
بي مرة بمكة، فآذاني ولكزني، ثمّ قلت له: هل أخزاك الله؟
قال: وبماذا أخزاني؟ أعمد «2» من رجل قتلتموه؟ أخبرني
(1) ضبث به: قبض عليه بكفه ولزمه.
(2)
في الصحيح بسنده إلى عبد الله رضي الله عنه: (أنّه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر، فقال-