الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحروا وحلقوا وحملت
…
شعورهم للبيت ريح قد غلت
وفتح الراء المخففة: حلقة تجعل في أنف البعير، وهذا الجمل سلب من أبي جهل يوم قتل ببدر، ولم يزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو عليه، ويضرب في لقاحه، إلى أن أهداه في هذا اليوم إلى البيت الحرام؛ إغاظة لكفار قريش، كما قال الناظم (هديا وإنكاء) من أنكى بمعنى: أغاظ، ويتعلق ببعثوا قوله:(إلى البيت الحرام) وذلك أنّهم إذا رأوه.. تذكروا سيدهم أبا جهل وقتله يوم بدر، ورأوا جمل سيدهم يتصرف فيه قاتله كيف شاء.
قال ابن إسحاق: (قال عبد الله بن أبي نجيح: حدّثني مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملا لأبي جهل، في رأسه برة من فضة، يغيظ بذلك المشركين) .
التحلل من إحرام العمرة:
(ونحروا وحلقوا) أي: بعد فراغهم من الصلح وكتابة الكتاب.. أمرهم عليه الصلاة والسلام أن ينحروا ويحلقوا.
قال في «شرح المواهب» : (ففي «البخاريّ» في الشروط: فلمّا فرغ من الكتاب.. قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «قوموا فانحروا، ثمّ احلقوا رؤوسكم» فو الله؛ ما قام رجل منهم حتى قال ذلك مرات، فلمّا لم يقم أحد..
دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، وفي رواية ابن إسحاق: فقال لها: «ألا ترين إلى الناس؟! إنّي أمرتهم
بالأمر فلا يفعلونه» فقالت: يا رسول الله؛ لا تلمهم؛ فإنّهم قد دخلهم أمر عظيم، ممّا أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح، ورجوعهم بغير فتح) .
وفي رواية أبي المليح: (فاشتدّ ذلك عليه، فدخل على أمّ سلمة، فقال:«هلك المسلمون؛ أمرتهم أن يحلقوا وينحروا فلم يفعلوا» قال: فجلا الله عنهم يومئذ بأم سلمة رضي الله عنها، فقالت: يا نبيّ الله؛ أتحب ذلك؟ اخرج، ثمّ لا تكلم منهم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج، فلم يكلم منهم أحدا حتى نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلمّا رأوا ذلك.. قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا.
قال ابن إسحاق: (بلغني أنّ الذي حلقه يومئذ خراش بن أميّة بن الفضل الخزاعي) وكانت البدن سبعين، وحلق رجال يومئذ، وقصّر آخرون، فقال صلى الله عليه وسلم:«يرحم الله المحلّقين» قالوا: والمقصّرين، قال:«يرحم الله المحلقين» قالوا: والمقصّرين، قال:«والمقصّرين» قالوا: لم ظاهرت الترحّم للمحلّقين دون المقصّرين؟ قال:
«لم يشكّوا» رواه ابن إسحاق أيضا عن ابن عباس.
قيل: كان توقف الصحابة رضوان الله عليهم بعد الأمر؛ لاحتمال أنّه للندب، أو لرجاء نزول الوحي بإبطال الصلح، أو تخصيصه بالإذن لهم في دخول مكة العام لإتمام نسكهم، وساغ ذلك لهم؛ لأنّه زمان وقوع النسخ.