الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال من يأخذ هذا السّيفا
…
بحقّه فناله واستوفى
ثمّ أجاز رافعا لما قيل له: إنّه رام، فقال سمرة بن جندب الفزاري لزوج أمه- مري بن سنان- أجاز رافعا وردّني وأنا أصرعه، فأعلمه صلى الله عليه وسلم، فقال: تصارعا، فصرع سمرة رافعا، فأجازه (والجيش) أي: جيش المسلمين المخلصين (ذالا) أي: سبع مئة (انبرى) أي: اعترض.
أمّا المشركون.. فثلاثة آلاف رجل كما تقدم، وتلك صورة من إيمان الصحابة الصادق، وبطولتهم الحقّة حيث نافسوا بأنفسهم، وأرواحهم، وتسابقوا إلى ميدان القتال، وهم في هذه السن الصغيرة رضوان الله عليهم وجعلنا من محبيهم وحزبهم، آمين.
إعطاء الرسول صلى الله عليه وسلم السيف لأبي دجانة:
(وقال) صلى الله عليه وسلم لأصحابه وقد أخذ سيفا:
(من يأخذ هذا السيفا بحقّه)«1» فقام إليه رجال، من أبطال المسلمين كل واحد يريد أن يأخذه منهم غمير والزّبير، فأمسكه عنهم، حتى قام إليه أبو دجانة، فقال: وما حقه
أبا يوسف القاضي هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس بن سعد بن حبتة الأنصاري) . قال في «الحلبية» : (وقد دعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم له بالبركة، ما مات حتى كان أبا لعشرين، وعمّا لأربعين، وخالا لأربعين) اهـ
(1)
ذكر أبو الربيع في «الإكتفاء» - كما في «شرح المواهب» -: (أنّه كان مكتوبا في إحدى صفحتيه:
في الجبن عار وفي الإقدام مكرمة
…
والمرء بالجبن لا ينجو من القدر
أبو دجانة وخال إذ مشى
…
ومشيه من بغضه جلّ حشا
يا رسول الله، قال:«أن تضرب به في وجه العدو حتى ينحني» فقال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله (فناله واستوفى أبو دجانة) سماك ابن خرشة الأنصاريّ الساعديّ، المتفق على شهوده بدرا؛ فإنّه كان رجلا شجاعا «1» (وخال) أي: تكبّر (إذ مشى) في ميدان القتال، (ومشيه من بغضه) أي: الله عزّ و (جلّ حشا) هذا الموطن؛ فإنّ الله لا يبغض هذه المشية فيه؛ لدلالتها على احتقار العدوّ، وعدم الاكتراث به، وحشا: لغة في حاشا.
قال الزّبير بن العوام: وجدت في نفسي حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه، وأعطاه أبا دجانة وقلت: أنا ابن صفية عمته، ومن قريش، وقد قمت إليه، وسألته إياه قبله، فأعطاه أبا دجانة وتركني، فقلت:
والله لأنظرنّ ما يصنع أبو دجانة، فاتبعته، فأخذ عصابة له حمراء، قال في «المواهب» : مكتوب في أحد طرفيها:
نصر من الله وفتح قريب، وفي طرفها الآخر: الجبانة في الحرب عار، ومن فرّ لم ينج من النار، فعصب بها رأسه، فقالت الأنصار: أخرج عصابة الموت، فخرج وهو يقول:
(1) قال في «الإستيعاب» : (كان أبو دجانة بهمة من البهم الأبطال، استشهد يوم اليمامة، وهو ممّن اشترك في قتل مسيلمة يومئذ مع عبد الله بن زيد بن عاصم ووحشي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين أبي دجانة وعتبة بن غزوان) اهـ وسيأتي له ذكر في هذه الغزوة أيضا، فارتقب.
أنا الذي عاهدني خليلي
…
ونحن بالسفح لدى النخيل
أن لا أقوم الدهر في الكيّول «1»
…
أضرب بسيف الله والرسول
قال ابن إسحاق: (فجعل لا يلقى أحدا من المشركين إلّا قتله، وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحا إلّا ذفّف «2» عليه، فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه، فدعوت الله أن يجمع بينهما، فالتقيا فاختلفا ضربتين، فضرب المشرك أبا دجانة، فاتّقاه بدرقته، فعضت بسيفه «3» ، فضربه أبو دجانة فقتله، ثمّ رأيته قد حمل السيف على مفرق رأس هند، ثمّ عدل السيف عنها؛ يعني: إكراما لسيف رسول الله أن يضرب به امرأة) .
قال الزّبير فقلت: الله ورسوله أعلم.
وبدأت نار الحرب تشتعل وأوّل من أشبّها أبو عامر الفاسق «4» .
قال في «الإمتاع» : (طلع في خمسين من قومه مع عبدان
(1) الكيول- بفتح الكاف، وتشديد المثنّاة التحتية المضمومة-: مؤخر الصفوف.
(2)
بالذال المعجمة والمهملة، وشد الفاء الأولى مفتوحات: أسرع قتله.
(3)
عض به عضا: مسكه ولامسه.
(4)
هو عبد بن عمرو بن صيفي بن مالك بن النعمان، أحد بني ضبيعة، وكان يسمى في الجاهلية: الراهب، فسمّاه الرسول صلى الله عليه وسلم: الفاسق.