الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي المسألة قول ثالث، ذكره في «شرح المواهب» وهو: أنّها قاتلت فيها وفي غيرها.
سماع الطبل في بدر:
(وطبلهم) المسمّى بطبل أهل الإيمان (هناك) ببدر يسمع إلى وقتنا هذا، بل (طول الأبد) وقد شاع ذلك، وشوهد من كثير ممّن يزورون بدرا؛ فقد قال القسطلاني في «المواهب» عن ابن مرزوق:(ومن آيات بدر الباقية مدى الأزمان.. ما كنت أسمعه من غير واحد من الحجّاج: أنّهم إذا اجتازوا بذلك الموضع.. يسمعون هيئة الطبل، طبل ملوك الوقت، ويرون أنّ ذلك لنصر أهل الإيمان، قال: وربما أنكرت ذلك، وربما تأوّلته بأنّ الموضع صلب، فتستجيب فيه حوافر الدوابّ، وكان يقال لي: إنّه دهس سهل ليس برمل، ولا تراب غير صلب، وغالب ما يسير هناك الإبل، وأخفافها لا تصوّت في الأرض الصلبة، فكيف بالرمال؟!) .
قال- أي: ابن مرزوق-: (ثمّ لما منّ الله عليّ بالوصول إلى ذلك الموضع المشرّف.. نزلت عن الراحلة أمشي، وبيدي عود طويل من شجرة السّعدان، المسمى بأم غيلان، وقد نسيت ذلك الخبر الذي كنت أسمع، فما راعني وأنا سائر في الهاجرة إلّا واحد من عبيد الأعراب الجمّالين يقول: أتسمعون الطّبل؟ فأخذتني لمّا سمعت كلامه قشعريرة بيّنة، وتذكرت ما كنت أخبرت به، وكان في الجو بعض ريح، فسمعت
صوت الطبل، وأنا دهش ممّا أصابني من الفرح، أو الهيبة، أو ما الله أعلم به، فشككت، وقلت: لعلّ الريح سكنت في هذا العود الذي في يدي، وأوجدت مثل هذا الصوت، وأنا حريص على طلب التحقيق لهذه الآية العظيمة، فألقيت العود من يدي، وجلست على الأرض، أو ثبتّ قائما، أو فعلت جميع ذلك، فسمعت صوت الطبل سماعا محققا، أو صوتا لا أشك أنّه صوت طبل، وذلك من ناحية اليمين ونحن سائرون إلى مكة المشرّفة، ثمّ نزلنا ببدر، فظللت أسمع ذلك الصوت يومي أجمع، المرة بعد المرة، وقد أخبرت أنّ ذلك الصوت لا يسمعه جميع الناس) انتهى كلام ابن مرزوق.
وقال العلّامة المؤرخ الشهير بالخميس حسين بن محمّد:
(وأنا جرّبتها في سنة «936» وقت اجتيازي ببدر قافلا من المدينة المنوّرة إلى مكّة المكرّمة، وسمعت صوت الطبل، وتتابع الناس لسماعه، وكانوا زهاء مئة إنسان من الرجال، والنساء في الشقادف، وغيرها سماعا محققا بلا شك، مرارا متعددة، وكان الصوت يجيء تارة من تحتنا ثمّ ينقطع، وتارة من خلفنا ثمّ ينقطع، وتارة عن يميننا، وتارة عن شمالنا، وعلى كل الهيئات كنا نسمع الصوت قائما، وقاعدا، ومتكئا، سماعا محققا بلا شبهة، وكان الوقت صحوا، راكدا لا ريح فيه) اهـ «1»
(1)«تاريخ الخميس» (1/ 431) .