الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فهاج حرب بينهم) أي: اليهود (و) بين (المسلمة) أي: المسلمين، وعند ذلك قال صلى الله عليه وسلم «ما على هذا أقررناهم» .
براءة عبادة بن الصامت من حلفهم:
وتبرّأ عبادة بن الصامت من حلفهم، وكان أحد بني عمرو بن عوف لهم من حلفه، مثل الذي لهم من عبد الله بن أبيّ، فخلفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله؛ أتولّى الله ورسوله، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار، وتشبّث به عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وقام دونهم، وفيه نزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ إلى فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ.
فجمعهم صلى الله عليه وسلم، وقال لهم: «يا معشر يهود؛ احذروا من الله مثل ما أنزل بقريش من النقمة- أي:
ببدر- وأسلموا؛ فإنّكم قد عرفتم أنّي نبيّ مرسل، تجدون ذلك في كتابكم، وعهد الله تعالى إليكم» قالوا: يا محمّد؛ إنّك ترى أنا مثل قومك، ولا يغرّنّك أنّك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، إنّا والله لو حاربناك لتعلمنّ أنا نحن الناس.
فتحصنوا في حصونهم، فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولواءه بيد عمه حمزة رضي الله عنه، واستخلف على المدينة أبا لبابة، وحاصرهم خمس عشرة ليلة أشد الحصار، وكانوا أربع مئة حاسر، وثلاث مئة دارع «1» ، حتى نزلوا على حكمه.
قال ابن إسحاق: (فقام عبد الله بن أبيّ ابن سلول حين أمكن الله رسوله منهم، فقال: يا محمّد؛ أحسن في مواليّ وكانوا حلفاء الخزرج- فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمّد؛ أحسن في مواليّ فأعرض عنه، فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرسلني» وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى رأوا لوجهه ظلالا «2» ، قال: «ويحك! أرسلني» قال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليّ أربع مئة حاسر وثلاث مئة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة، إنّي والله امرؤ أخشى الدوائر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم لك» ) .
(1) الحاسر: الذي لا درع له، والدارع: الذي له درع.
(2)
هكذا في نسخة الشيخ مصححا عليه، وفي غيرها: ظللا جمع ظلة، وقد تجمع فعلة على فعال، كبرمة وبرام، فمعنى الروايتين واحد، والظلة: ما حجب عنك ضوء الشمس وصحو السماء، وكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرقا بسّاما، فإذا غضب.. تلون ألوانا، فكانت حائلة دون الإشراق والضياء المنتشر عند تبسّمه صلى الله عليه وسلم. اهـ قاله السهيلي في «الروض الأنف»