الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثل من رأفة الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن معاملته:
فمن ذلك ما هو مشهور عند أهل السير: أنّ أعرابيا جاء يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه، ثمّ قال:
«أحسنت إليك؟» قال الأعرابي: لا، ولا أجملت، فغضب المسلمون، وقاموا إليه، فأشار إليهم: أن كفّوا، ثمّ قام، ودخل منزله، وأرسل إلى الأعرابي شيئا وزاده شيئا، ثمّ قال:
«أحسنت إليك؟» قال: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم:«إنّك قلت ما قلت وفي أنفس أصحابي من ذلك شيء؛ فإن أحببت.. فقل بين أيديهم ما قلت بين يديّ؛ حتى يذهب ما في صدورهم عليك» قال:
نعم، فلمّا كان الغد أو العشيّ.. جاء فقال صلى الله عليه وسلم:«إنّ هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه، فزعم أنّه رضي، أكذلك؟» قال: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم:«مثلي ومثل هذا، مثل رجل له ناقة شردت عليه فاتّبعها الناس، فلم يزيدوها إلّا نفورا، فناداهم صاحبها: خلوا بيني وبين ناقتي؛ فإنّي أرفق بها منكم. وأعلم، فتوجّه لها بين يديها، فأخذ لها من قمام الأرض، فردّها حتى جاءت واستناخت، وشدّ عليها رحلها واستوى عليها، وإنّي لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه.. دخل النار» .
قال أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبيّ: (ومن شفقته على أمّته صلى الله عليه وسلم: تخفيفه وتسهيله عليهم،
وكراهته أشياء؛ مخافة أن تفرض عليهم؛ كقوله عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشقّ على أمّتي.. لأمرتهم بالسّواك مع كل وضوء» وخبر صلاة الليل، ونهيهم عن الوصال، وكراهة دخول الكعبة؛ لئلّا يعنت أمّته، وأنّه كان يسمع بكاء الصبيّ فيتجوز في صلاته) .
ومن شفقته صلى الله عليه وسلم: أن دعا ربه وعاهده، فقال:«أيّما رجل سببته أو لعنته.. فاجعل ذلك له زكاة، ورحمة، وصلاة، وطهورا، وقربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة» .
ولمّا كذبه قومه.. أتاه جبريل عليه السلام، فقال له: إنّ الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد أمر ملك الجبال؛ لتأمر بما شئت فيهم، فناداه ملك الجبال، وسلّم عليه، وقال: مرني بما شئت؛ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيئا» .
وإن شئت المزيد..، فعليك ب «الشفاء» للقاضي عياض و «المواهب» و «شرحها» وغير ذلك من الدواوين التي تبحث عن أحواله صلى الله عليه وسلم ورحمته لأمته، ومع ذلك فما ذكر إنّما هو قلّ من كثر، وغيض من فيض. نسأل الله تعالى أن يعمّنا برحمته وشفقته، آمين.