الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأرسل الله الصّبا والملكه
…
فنصرا نبيّه في المعركه
وغطفان رام أن يخوّلوا
…
ثلث تمر طيبة ليعدلوا
(فأرسل الله الصّبا) بفتح الصاد المهملة، وخفة الموحدة، وهي الشرقية، ويقال لها: القبول؛ لأنّها تقابل الشمال: وهي الريح العقيم، التي لا خير فيها، قال تعالى:
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها (والملكة) : جمع ملك، بفتح اللام فيهما (فنصرا نبيه) صلى الله عليه وسلم (في المعركة) بفتح الميم والراء، موضع الحرب كالمعترك.
وأشار بهذا إلى ما رواه ابن مردويه، والبزّار وغيرهما برجال الصحيح عن ابن عباس قال: لما كانت ليلة الأحزاب..
قالت الصّبا للشمال: اذهبي بنا ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنّ الحرائر لا تهب بالليل، فغضب الله عليها فجعلها عقيما، وأرسل الصّبا فأطفأت نيرانهم، وقطعت أطنابهم، فقال صلى الله عليه وسلم:«نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدّبور» .
وروى الشيخان، والنسائي عنه مرفوعا:«نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدّبور» بفتح الدال: الريح الغربية.
ومن لطيف المناسبة: كون القبول نصرت أهل القبول، والدبور أهلكت أهل الإدبار.
مشروع الصلح بين المسلمين وغطفان، وعدم تمامه:
(وغطفان رام) أي: أراد صلى الله عليه وسلم، وقد
وأنف السّعدان من صلح النّبي
…
وحكّما حدّ شفار القضب
بعث إلى عيينة بن حصن، والحارث بن عوف المرّي، وهما قائدا غطفان (أن يخوّلوا) بالبناء للمفعول، أي: يعطوا (ثلث تمر طيبة ليعدلوا) أي: ليميلوا ويرجعوا بمن معهم عنه، وعن أصحابه، فجرى بينه صلى الله عليه وسلم وبينهما الصلح، حتى كتبوا الكتاب، ولم تقع الشهادة، ولا عزيمة الصلح، فلمّا أراد صلى الله عليه وسلم أن يفعل.. بعث إلى سعد بن معاذ سيد الأوس؛ وسعد بن عبادة سيد الخزرج يستشيرهما في الأمر.
(وأنف) عند ذلك؛ أي: استنكف (السّعدان من صلح النبيّ) صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله؛ أأمرا تحبه فنصنعه، أم شيئا أمرك الله به، لا بدّ لنا من العمل به، أم شيئا تصنعه لنا؟ قال:«بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلّا أنّي رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم «1» من كل جانب؛ فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما» .
فقال له سعد بن معاذ سيد الأوس: يا رسول الله؛ قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلّا قرى، أو بيعا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا له، وأعزّنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟! ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلّا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم.
(1) يقال كلب الدهر على أهله إذا ألحّ واشتدّ، وكذا العدو. انظر «النهاية» ، مادة (كلب) .