الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعطى عطايا شهدت بالكرم
…
يومئذ له ولم تجمجم
منّ فضلا على هوازن إذ كا
…
ن له قبل ذاك فيهم رباء
وأتى السّبي فيه أخت رضاع
…
وضع الكفر قدرها والسّباء
فحباها برّا توهّمت النّا
…
س به أنّما السّباء هداء
بسط المصطفى لها من رداء
…
أيّ فضل حواه ذاك الرداء
فغدت فيه، وهي سيدة النّس
…
وة والسيدات فيه إماء
سخاؤه صلى الله عليه وسلم في عطاياه:
ثمّ أشار الناظم إلى مظهر آخر من مظاهر جوده عليه الصلاة والسلام في ذلك اليوم؛ بقسم الأموال العظيمة، وإعطاء المؤلفة قلوبهم أول الناس؛ ليرسخ الإيمان في قلوبهم فقال:
(أعطى عطايا) جساما (شهدت بالكرم يومئذ) أي: يوم حنين (له) أي: لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متعلق بقوله:(شهدت) والمراد بالكرم هنا: النبوة؛ فإنّه لمّا أعطى صفوان ما أعطى.. قال: أشهد أنّه نبي؛ فإنّه لا تطيب بهذا إلّا نفس نبي (ولم تجمجم) معطوف على قوله: (شهدت) مأخوذ من التجمجم، وهو أن لا يظهر المتكلم كلامه؛ أي:
شهدت بالكرم تلك العطايا شهادة فصيحة ولم تكتمها.
قال الحافظ ابن سيد الناس في «العيون» : (فأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية، ومئة من الإبل، قال: ابني يزيد؟ قال: أعطوه أربعين أوقية، ومئة من الإبل، قال:
ابني معاوية؟ قال: أعطوه أربعين أوقية، ومئة من الإبل، قال أبو سفيان- كما في «الإمتاع» -: إنّك لكريم، فداك أبي وأمي، والله؛ لقد حاربتك.. فنعم المحارب كنت، ثمّ سالمتك.. فنعم المسالم أنت، جزاك الله خيرا- وأعطى حكيم بن حزام مئة من الإبل، ثمّ سأله مئة أخرى فأعطاه.
وأعطى النّضر بن الحارث بن كلدة مئة من الإبل، وأعطى أسيد بن جارية الثقفي مئة من الإبل، وأعطى العلاء بن جارية الثقفي خمسين بعيرا، وأعطى مخرمة بن نوفل خمسين بعيرا.
وأعطى الحارث بن هشام مئة من الإبل، وأعطى سعيد بن يربوع خمسين من الإبل، وأعطى صفوان بن أمية مئة من الإبل، وأعطى قيس بن عدي مئة من الإبل. وأعطى عثمان بن وهب خمسين من الإبل.
وأعطى سهيل بن عمرو مئة من الإبل، وأعطى حويطب بن عبد العزّى مئة من الإبل، وأعطى هشام بن عمرو العامري خمسين من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس التميمي مئة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مئة من الإبل، وأعطى مالك بن عوف مئة من الإبل.
وكيف لا ومستمدّ سيبه
…
من سيب ربّ ذي عناية به
وأعطى العباس بن مرداس أربعين من الإبل، فقال في ذلك شعرا، فأعطاه مئة من الإبل، ويقال: خمسين.
وأعطى ذلك كله من الخمس، وهو أثبت الأقاويل عندنا، ثمّ أمر زيد بن ثابت بإحصاء الناس والغنائم، ثمّ فضها على الناس، فكانت سهمانهم لكل رجل أربعا من الإبل أو أربعين شاة، فإن كان فارسا.. أخذ اثنتي عشرة من الإبل، أو عشرين ومئة شاة، وإن كان معه أكثر من فرس واحد.. لم يسهم له.
(وكيف لا) يعطي هذا العطاء الجم وأشباهه (ومستمد) أي: والحال أنّ مأخذ (سيبه) بفتح الأوّل؛ أي: عطائه (من سيب) أي: من عطاء (رب ذي عناية به) صلى الله عليه وسلم! وإذن فلا غرابة في ذلك؛ فقد أعطاه الله الدنيا والآخرة، وهو يعطي ما شاء لمن شاء، قال الله تعالى:
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى وقال تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ وقال تعالى: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنّ عناية الله تعالى بسيدنا ونبينا صلى الله عليه وسلم فوق عنايته بغيره من الأنبياء والمرسلين؛ فإنه تعالى لم يقل مثل ذلك لغيره من النبيين.
أقول: ولو لم يكن من كرمه وجوده عليه ألف صلاة، وألف سلام إلّا وقوفه في ذلك اليوم العظيم، الذي يكون كل واحد مهتما فيه بنفسه، والأنبياء تقول: نفسي نفسي، وهو
عليه الصّلاة والسّلام يقول: «أمّتي أمّتي» حتى يخر ساجدا لله تعالى، ويلهمه الله ما يلهمه من الثناء الحسن، فيقال له: ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفّع، فعند ذلك يشفع للأمة، لا بل لجميع الخلق في ذلك اليوم لإراحتهم من ذلك الموقف الهائل العظيم.. لكفى.
وفي بعض نسخ «الشفاء» : (قد قال أبو علي الدقاق، من شيوخ المتصوفة المشاهير وعلمائهم النحارير، وتكلّم في الفتوة، وهي غاية الكرم والإيثار، على رأيهم واصطلاحهم في ألفاظهم: إنّ هذا الخلق لا يكون بكماله إلّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن كل أحد في القيامة يقول: نفسي نفسي، وهو صلى الله عليه وسلم يقول: «أمّتي أمّتي» فلو لم يكن من كرمه إلّا هذا.. لكفى، وكفى) .
وأظن أنّه لا ينازع في هذا أحد، فنسأل الله تعالى بمنّه وكرمه وجوده، وبنبيّ الرّحمة صلى الله عليه وسلم: أن يجعلنا ووالدينا ومشايخنا وأحبابنا ممّن كتبت له العناية والسعادة، وأن يدخلنا في شفاعته الخاصة والعامّة يوم القيامة، آمين.
قال الشيخ حماد في «روض النّهاة» : (أنشد الناظم رحمه الله تعالى قوله: «وكيف لا ومستمد سيبه» البيت، الفقيه محمّد بن المختار بن الفغ موسى، فقال: أنا ضامن لك الجنة بهذا البيت ولو لم يكن لك غيره من عمل، ثمّ أوصاني