الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقطعت قدمه واحتملوه
…
وهو أسنّ الجيش فيما نقلوه
قال ابن إسحاق: فلمّا دنوا منهم.. قالوا: من أنتم؟
فقال عبيدة: عبيدة، وقال حمزة: حمزة، وقال عليّ:
عليّ، قالوا: نعم، أكفاء كرام فبارز عبيدة، وكان أسن القوم عتبة، وبارز حمزة شيبة، وبارز عليّ الوليد بن عتبة، فأمّا حمزة.. فلم يمهل شيبة أن قتله، وأمّا علي.. فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكرّ حمزة وعليّ بأسيافهما على عتبة، فدففا عليه- بالمهملة والمعجمة: أجهزا عليه- واحتملا صاحبهما، فحازاه إلى أصحابه.
استشهاد عبيدة بن الحارث:
(وقطعت قدمه) أي: عبيدة، بضربة ضربه بها عتبة في ركبته، وصار مخّ ساقه يسيل (واحتملوه) فمات بالصفراء، ودفن بها، رضي الله تعالى عنه، ونفعنا بمحبته (وهو أسنّ الجيش فيما نقلوه) من الأخبار.
ذكر في «الحلبية» : أنّه أسن من النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعشر سنين.
وقال في «روض النهاة» : له يوم مات ثلاث وستون سنة، وهو القائل يومئذ رضي الله عنه:
فإن تقطعوا رجلي فإنّي مسلم
…
أرجّي بها عيشا من الله عاليا
وهو إذا أخذت في نعم النّسب
…
عبيدة بن الحارث بن المطّلب
وألبسني الرّحمن من فضل منّه
…
لباسا من الإسلام غطّى المساويا
(وهو) أي: سيدنا عبيدة المذكور (إذا أخذت في) نسبه الشريف، و (نعم النسب) هو، فقل:(عبيدة بن الحارث بن المطلب) بن عبد مناف، أسلم قديما.
قال في «الإصابة» : (وكان رأس بني عبد مناف حينئذ، مع أنّ العباس وإخوته كانوا في التعدد أقرب، وكان مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم بمكة، ثم هاجر) .
قال الحافظ ابن كثير: (ولما جاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أضجعوه إلى جانب موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفرشه رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه الشريفة، فوضع خده على قدمه الشريفة، وقال:
يا رسول الله؛ لو رآني أبو طالب.. لعلم أني أحق بقوله:
ونسلمه حتى نصرّع حوله
…
ونذهل عن أبنائنا والحلائل
ثمّ مات رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أشهد أنّك شهيد» رواه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى) .
وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي مجلز عن قيس بن عباد: سمعت أبا ذرّ رضي الله عنه يقسم قسما: أنّ هذه
وشهد المشهد هذا أخواه
…
أعني الحصين والطّفيل مشبهاه
الآية: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ نزلت في الذين برزوا يوم بدر: حمزة، وعليّ، وعبيدة بن الحارث، وعتبة، وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة.
وروى البخاري أيضا من حديث أبي مجلز عن قيس، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال:«أنا أوّل من يجثو بين يدي الرّحمن عز وجل للخصومة يوم القيامة» .
وقال قيس: وفيهم أنزلت: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ. يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ. وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ. كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ. إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ، وقال: هم الّذين تبارزوا يوم بدر: علي، وحمزة، وعبيدة رضي الله عنهم، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة.
(وشهد المشهد هذا) أي: بدرا (أخواه) أي: أخوا عبيدة، بل شهدا المشاهد كلّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماتا في خلافة عثمان رضي الله عنه، في سنة إحدى وثلاثين (أعني الحصين والطفيل) ابني الحارث.
قال في «روض النهاة» : (إنّ الثلاثة أشقاء، أمهم سخيلة)(مشبهاه) أي: عبيدة في قدم الإسلام، والهجرة، وشهود بدر.