الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في «شرح المواهب» : (روى أبو القاسم البغوي والبيهقي وغيرهما عن شيبة قال صلى الله عليه وسلم:
«يا عباس؛ ناولني من الحصباء» ، فأقعد الله البغلة، فانخفضت به حتى كاد بطنها يمس الأرض، فتناول من البطحاء، فحثا به في وجوههم، وقال:«شاهت الوجوه، حم لا ينصرون» .
وفي رواية لمسلم: (ثم قبض قبضة من تراب الأرض، ثمّ استقبل به وجوههم فقال: «شاهت الوجوه» فما خلق الله منهم إنسانا.. إلّا ملأت عينه ترابا تلك القبضة، فولوا منهزمين) .
وروى البخاري في «التاريخ» والبيهقي عن عمرو بن سفيان قال: (قبض صلى الله عليه وسلم يوم حنين قبضة من الحصى، فرمى بها وجوهنا، فما خيل إلينا إلّا أنّ كل حجر وشجر وفارس يطلبنا) .
معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم:
قلت: وفي هذا من المعجزات وجوه:
منها: تسخير البغلة له صلى الله عليه وسلم، ووقوفها تحت إرادته، حتى إذا قصد الأرض ليأخذ منها الحصيات..
انخفضت له، وفي ضمن هذا ما هو معلوم من كمال شجاعته عليه الصلاة والسلام؛ إذ البغلة ليست من مركوب الحرب، ولا تصلح للكر والفر.
ومنها: نداؤه بمسمع من عدوه بقوله: «أنا النّبيّ لا كذب
…
» إلخ؛ لأنّ العدو إنما أدار رحى الحرب عليه ومن أجله، وهو المقصود عندهم بالقتال، ثمّ هو يريهم مكانه ولا يبالي؛ اعتمادا على مولاه الذي عوده النصر على عدوه في غير موضع.
ومنها: ذلك الأثر الكبير الذي فعلته الحصباء لمّا انتشرت في وجه العدوّ على قلة الحصباء.
ومنها: إخباره عليه الصلاة والسلام بهزيمة القوم، وقد وقعت. وأشار العارف «1» إلى ما فعلت تلك الحصيات بقوله:
رمى بالحصى فأقصد جيشا
…
ما الحصى عنده وما الإلقاء
قال في «الإمتاع» : (وكان الرعب الذي قذف الله في قلوب المشركين يومئذ كوقع الحصاة في الطست له طنين، فيجدون في أجوافهم مثل ذلك، ولمّا رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الكف من الحصى.. لم يبق أحد من المشركين إلّا وهو يشكو القذى في عينيه، ويجدون في صدورهم خفقانا كوقع الحصى في الطساس ما يهدأ ذلك، ورأوا رجالا بيضا على خيل بلق عليهم عمائم حمر قد أرخوها بين أكتافهم، وهم بين السماء والأرض كتائب كتائب، فما كانوا يستطيعون أن يتأمّلوهم من الرعب) .
(1) يعني البوصيري رحمه الله.